التسول الإلكتروني ظاهرة عالمية

التسول الإلكتروني ظاهرة عالميةالتسول الإلكترونى

منوعات4-7-2021 | 18:11

من الظواهر المنبوذة والمنتشرة فى مجتمعنا ظاهرة التسول، المتسولون فى كل مكان من حولك، فى الشوارع وعلى الأرصفة، فى الحدائق العامة، وعلى كورنيش النيل، داخل محطات مترو الأنفاق، وفى الأتوبيسات العامة، وأمام المحلات التجارية، داخل المستشفيات وأمام المساجد وفى الأسواق، يكاد لا يخلو مكان إلا وبه شحاذ ومتسول، واختلط الحابل بالنابل، وصعبوا علينا التمييز بين الذى يستحق المال وبين من يحتال علينا؛ وهذا بعد أن أصبح التسول عند الكثير منهم وظيفة يعيش منها ، فهناك من يدعى المرض أو عجزه عن الحركة ومن يربط قارورة ماء بخيط من تحت ثيابه، ويضع بها محلولاً أحمر، وجميعهم بملابس مهلهلة سيئة المنظر ليجلب عطفك وإحسانك.


ولقد كشفت كثير من الدراسات الميدانية أن الأطفال المتسولين وبعض النساء وكبار السن والمحتالين باصطناع حالات مشابهة للعجز البدني تتشارك وتتداخل فيها عصابات منظمة وضمن سلسلة حلقات من الوسطاء تندفع في الشوارع الكبيرة والأزقة الضيقة، ولهذا كان لا بد من الكلام عن التسول وسلبياته، فى إطار دراسة قام بها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.


كشفت الدراسة الحديثة التى صدرت نهاية عام 2019 عن وجود 8 أنواع للتسول منها: " التسول المباشر"، وهو الصريح الواضح الذي يطلب فيه المتسول المال، ويتم عن طريق ارتداء ملابس ممزقة ومتسخة أو مد اليد للناس المارة في الشوارع أو إظهارِ عاهة مستديمة لدى المتسول، "تسول غير مباشر"، ويسمى ب التسول المستتر، وهو أن يستتر المتسول خلف خدمات رمزية يقدمها للناس؛ كدعوتهم واستجدائهم لشراء بعض السلع الخفيفة كالمناديل الورقية أو مُمسح زجاج السيارات أو الأحذية وغيرها، " التسول إجباري"، هو التسول الذي يجبر فيه المتسول على ممارسة هذا الفعل كحالات إجبار الأطفال على ذلك بأنواع ضغوط مرفوضة إنسانيا تسوقهم الى القيام ب التسول ،" التسول الاختياري"، هو التسول بالرغبة وليس بالاجبار الذي لا يكون فيه المتسول مضطرًا لشيء سوى رغبته في كسب المال، " التسول الموسمي"، هو التسول الذي يكون في الأعياد والمواسم وشهر رمضان، "تسول عارض"، وهو التسول الذي يكون لظروف طارئة لحاجة ماسة حلت للشخص؛ كالشخص الذي ضل طريقه أو أضاع أمواله في الغربة، و"تسول الجانح" ، وهو التسول الذي المصحوب بأفعال إجرامية كالسرقة لتغطية التسول، فضلاً عن وجود 6 أسباب لتزايد الظاهرة منها زيادة معدلات الفقر والبطالة.


هدفت الدراسة إلى تحليل ظاهرة التسول وأنواعها والدوافع المسببة لها، بجانب التعرف على الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنها وتحديد أهم المعوقات التي تحد من مكافحة هذه الظاهرة واقتراح الحلول المناسبة للحد من تفاقمها في المستقبل، وأكدت الدراسة أن هناك علاقة طردية بين المربع السحري للفقر والتضخم والبطالة وسوء توزيع الدخل القومي وتنامي ظاهرة التسول ، وأشارت نتائج الدراسة إلى أن للتسول آثار سلبية على الاقتصاد القومي، من حيث انعدام مساهمة المتسول في الناتج المحلى الإجمالي فهو يمثل عبء على المجتمع ويساعد على زيادة معدلات الجريمة ويعرقل النمو الاقتصادي، وقد اقترحت الدراسة دعم برامج وسياسات مكافحة الفقر كسبب رئيسي للتسول من خلال تمكين الأسر اقتصاديا واجتماعيا وصحيا من القيام بدورها وكفالة أفرادها للحد من تفاقم هذه الظاهرة مستقبلا.


توضح تلك الدراسة الحديثة أن الفقر يمثل سببا للتسول بنسبة 34.96 % من عينة المتسولين التي أجرت عليها البحث، في حين شكل عدم وجود عائل يلتزم بالإنفاق علي المتسول حوالي 76.56 % من أسباب جميع حالات عينة البحث ، وبوجه عام مثلت الدوافع الاقتصادية في الدراسة نسبة 48.57 %، ومثلت العوامل الاجتماعية كالتفكك الأسري نسبة 30 % من العينة ، وكشف البحث عن وجود أنواع وأشكال عديدة للتسول ، أهمها التسول الصريح بصورته التقليدية المتمثلة في طلب الإحسان مباشرة ، و التسول المقنع والمتمثل في عرض أو بيع سلع تافهة كالمناديل وأوراق الأذكار، أو تقديم خدمات رمزية كتنظيف السيارات، و التسول المحترف الذي يعتبر مقدمات احتراف الجريمة، ونسبة محترفي التسول في العينة بلغت 82.86 % من إجمالي متسولي العينة، هؤلاء المتسولين المحترفين يصطنعون عاهات ، ويستخدمون ملابس ممزقة للمناطق الشعبية وملابس أنيقة للمناطق الراقية، وأكدت الدراسة أن عدد المتسولين وصل إلى 11059 متسولاً، وشوارع القاهرة تحتل المركز الأول وعددهم يقرب من 4333 متسولاً، وفى الإسكندرية 1572 متسولاً، فضلاً عن أن 75% ممن يتسولون يحملوا صفة التسول فى المواسم، من أعياد وشهر رمضان وغيرها، والعدد الأكبر فى الأطفال وكبار السن، فالأطفال يتم استئجارهم أو خطفهم، فهم الأكثر فئة استعطافاً، ويصل دخلهم إلى 600 ألف جنيه يومياً، يحصلون عليها من جيوب الغلابة.

بداية الإنحراف


يقول الشيخ محمد إبراهيم إمام أحد المساجد بشبرا، المتسولون فى كل مكان ويزداد نشاطهم فى شهررمضان، وخاصة أمام المساجد منتظرين خروج المصلين ، وأوضح ان التسول مهنة محرمة كونها تقوم على سلب وكسب للمال بطريقة غير موافقة للشريعة الاسلامية، التى تشجع على العمل وتنبذ الكسل ، حيث ورد في كثير من آيات القران الكريم ما يؤكد على أهمية العمل، وأشار إلى أن التسول مظهرا لفراغ النفس من الكرامة ، بالإضافة إلى أن التسول بداية طريق الأنحراف، فما أسهلها من طريقة لجنى المال وضياعه فى المنكرات، ولكن في حال عجز بعض الافراد أو عدم توفر فرص عمل لهم فإن هناك مسؤولية تتولاها الدولة من خلال مؤسسة الزكاة لتقدم لهم المساعدة ، وأضاف أن كل من يريد أن يتصدق، عليه أن يوجه أمواله إلى الجهات المعتمدة التي تتوافر لديها الخبرة في التفرقة بين المحتاج والمتسول.

أسباب الظاهرة

تقول سارة ممدوح، استشاري علاقات أسرية وتربوية، ومدربة تنمية بشرية، ينتهج المتسول أساليب عديدة للحصول على مايريد أخذه من الأشخاص الذين يستهدفهم لابتزازهم بشتى الطرق، منذ زمن كان التسول يقتصر فقط على سلب الأموال عن طريق استعطاف الأخرين لجمع الأموال ولكن الأن أصبح لدينا صور عديدة لأشكال التسول منها ، تسول خطف الأطفال الذى تواجهه الشرطة والحكومة بكل حزم وشدة، و التسول الإختيارى وهو الذى يقوم به الفرد بكامل ارادته ويكون بالنسبة له أسهل من مشقة العمل بدلا من البحث عن العمل الشريف، وأضافت "ممدوح"، نحن بحاجة لتكاتف جميع المسؤلين لمواجهة هذه الظواهر التى تهدد المجتمع ويمكننا القول أن الدوافع التى أدت إلى انتشار هذه الظاهرة، انتشار البطالة وغلاء المستوى المعيشى، انتشار المخدرات وادمانها ، التكاسل وعدم السعى للرزق ، تسريح الأطفال من المدارس وايضاٌ عمالة الأطفال، وكل هذه الأساليب تؤدى إلى التسول.


وهناك ظاهرة تسول حديثة يطلق عليها الإعلام مسمى "المستريح" ، وهى النصب على الأشخاص بحجة تشغيل الأموال والإستفادة من الأرباح بدلا من وضعها فى البنوك المخصصة أو استثمارها فى شكل شهادات أو سندات ويفاجئ الأشخاص بفقد أموالهم وعدم الوصول للشخص الذى قام بعملية النصب عليهم، وأيضاٌ ظاهرة " التسول الإلكترونى" مثل الذى يحدث فى غرف الشات بين الشباب والبنات ووهمهم بالحب أو الزواج أو سرد قصة خيالية لإستعطاف الشخص فى تحويل المال، وللحد من انتشار هذه الظواهر، لابد من اطلاق جمعيات خيرية لمساعدة المتسولين، وتوفير دور رعاية لمن لا مأوى له , أما بالنسبة للمتسولين الذين يستخدمون التسول مهنة فيجب الإبلاغ عنهم للشرطة، مع مراقبة الأماكن المتواجدين بها ..

تسول الأطفال


عن هذا تقول فطوم حسن، اخصائى تربوي، ظاهرة التسول بالطفل هي ظاهرة اجتماعية مرضية وسلوك سلبي مرفوض، وطريقة غير مشروعة لكسب المال، وهي ظاهرة غير آدمية لأنها تحرم الطفل من كافة حقوقه، ولقد انتشرت الظاهرة فى جميع مجتمعات العالم وخاصة في الدول النامية، لتصبح مهنة ييتكرون فيها باستخدام أساليب متعددة، وهذه الظاهرة منافية لحقوق الطفل لأن الطفل في هذه المرحلة يحتاج للرعاية بكافة انواعها صحية وتربوية واجتماعية، وتوفير وتلبية كل احتياجاته ومتطلباته فلابد ان يحصل عليها من المجتمع وديننا يحث على ذلك أيضا وخاصة إذا كان الطفل يتيما .. وأوضحت فطوم حسن، أن ظاهرة التسول هي من احدى المشكلات الاجتماعية الخطيرة التي انتشرت في المجتمع وعلينا التصدى لهذه المشكلة والتغلب عليها والقضاء عليها نهائيا لانها منافية لحقوق الطفل، وهناك أشكال كثيرة لظاهرة التسول فى مجتمعنا منها استدراج عطف ومشاعر الناس، أو بيع الاشياء في الشوارع من مناديل وورود ومسح السيارات و التسول في المناسبات والأعياد الدينية ، أو التسول بالأطفال المريضة أو العاجزة أو اصحاب الاعاقات والاحتياجات الخاصة، ومما لا شك فيه أن الفقر هو السبب الرئيسى لظاهرة التسول، وفقدان معيل الاسرة، كبر حجم الاسرة وعدد افرادها مع ضعف الدخل ،البطالة والتفكك الاسري يجعل الطفل يتعرض للتشرد والتسول.


وأضافت أن هذه الظاهرة تؤثر على الطفل والمجتمع لأن تنشئة الطفل الغير صحيحة تجعل الطفل ينمو نموا نفسيا غير سوي وحرمان الطفل من احتياجاته وعدم توفير بيئة طبيعية من رعاية واهتمام يخلق جيل غير قادرا على العمل والكفاح وتحمل المسئولية، وعليه فلابد من علاج هذه المشكلة من قبل وزارة الشئون الاجتماعية لتوفر الرعاية الكافية لهذه الفئة من المجتمع ، مع توفير رواتب لرعاية هؤلاء الاطفال ، مع ضرورة تدخل المؤسسات الخيرية لرعاية وانقاذ هؤلاء الأطفال، وعلى الإعلام ان يقوم بحملات إعلانية توضح خطورة هذه الظاهرة على الاطفال والمجتمع وتقديم المساعدات لهؤلاء الافراد لكي يتقدم المجتمع بهؤلاء الاطفال فهم مستقبل البلد.

توعية المواطن


يقول دكتور يحيى إبراهيم أستاذ علم الاجتماع ، أن ظاهرة التسول هي آفة اجتماعية تترك أثرها السلبي على المجتمع ، و السبب الحقيقي وراء انتشارهذه الظاهرة هو الفهم الخاطىء من المواطن الذين يتجاوب مع المتسولين ويدفع لهم مبالغ من المال، ظنا منه أنها مساعدة انسانية ودينية وهو لا يعرف أنه بذلك يساعد على انتشار آفة اجتماعية تدمر المجتمع ، وللقضاء على الظاهره يجب أن يبدأ من المواطن بنفسه لأنه يستطيع أن يعزز ثقافة التسول أو يقضي عليها، وعليه لابد من توعية المواطن بمدى خطورة ظاهرة التسول والتى أصبحت وسيلة لكسب العيش والمال بطريقة غير شرعية، وبالتالي لا بد من محاربتها ، وعدم الاستجابة للمتسولين بأي شكل من الاشكال ، ثم تاتي الاجراءات الأخرى من ملاحقة المتسولين واتخاذ الاجراءات القانونية الرادعة للتخلص من الظاهرة ...

التسول الإلكتروني


التسول الالكترونى ظاهرة عالمية وليست محلية فقط، ويعد شهر رمضان موسم التسول الالكترونى، والمتسول الكترونيا هو هذا المتسول الذى يجلس أمام أمام حاسوبه وهاتفه، يحصل على الأموال من أهل الخير دون جهد أو مشقة، فقط بكتابة رسائل من منزله، وتلك الظاهرة انتشرت بشكل كبير، وتنشط فى شهر رمضان، فهناك من يدعى المرض لجمع الأموال، ومنهم من يطلب شنطة رمضان، أو ملابس لأطفاله، أو مساعدة عاجلة لأنقاذه من السجن بسبب تراكم الديون عليه.


تقول أستاذة نادية عبدالعال، التى توفى زوجها من شهر، أنها حاولت البحث عن عمل خير تشارك فيه ليكون صدقة على روح زوجها، لتجد أمامها بالصدفة فى أحد جروبات الخير على الفيسبوك فتاة تبحث عن من يساعدها لشراء دواء لوالدها المسن، ووقتها راسلتها وحصلت على هاتفها وعرضت عليها شراء الدواء ولكنها صممت على الحصول على المساعدة نقدية وليس على شكل الدواء المطلوب، لتجد بعدها بأيام أن تلك الفتاة تتسول عبر الجروبات لتدعى فى جروب أخر أن والدها متوفى منذ سنوات وهى بحاجة إلى أجهزة كهربائية لتتزوج ، ومن وقتها وجدت عشرات من زوار تلك الجروبات يشكون من التسول المزيف عبر الإنترنت.

ويوضح لنا إبراهيم محمود، المحامي، أنه قد نص القانون 49 لسنة 1933، من قانون العقوبات على عدد من المواد لمكافحة ظاهرة التسول، حدد في المادة "1" من أنه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز شهرين كل شخص صحيح البنية ذكرًا كان أم أنثى يبلغ عمره ثمانية عشر سنة أو أكثر وجد متسولاً في الطريق العام أو المحال العمومية، ولو ادعى أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع أي شيء . مادة (2): يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرا كل شخص غير صحيح البنية وجد في الظروف المبينة في المادة السابقة متسولاً في مدينة أو قرية لها ملاجئ وكان التحاقه بها ممكنًا. مادة (3): يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور كل متسول في الظروف المبينة في المادة الأولى يتضح الإصابة بجروح أو عاهات أو يستعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الغش لاكتساب عطف الجمهور.


مادة (4): يعاقب بالعقوبة المبينة في المادة السابقة كل شخص يدخل بدون إذن في منزل أو محل ملحق به بغرض التسول ، مادة (5): يعاقب بنفس العقوبة كل متسول وجدت معه أشياء تزيد قيمتها على مائتي قرش ولا يستطيع إثبات مصدرها، مادة (6): يعاقب بنفس العقوبة: كل من أغرى الأحداث الذين تقل سنهم عن خمسة عشرة سنة على التسول، كل من استخدم صغيرا في هذه السن أو سلمه لآخر بغرض التسول وإذا كان المتهم وليا أو وصيا على الصغير أو مكلفا بملاحظته تكون العقوبة بالحبس من ثلاثة شهور إلى ستة شهور، مادة (7): في حالة العود تكون عقوبة الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون الحبس مدة لا تجاوز سنة، وأضاف أن هناك مشروع قانون لزيادة تلك العقوبات ومضاعفتها ، وهناك أكثر من 202 الف قضية تسول تنظرها المحاكم بالقاهرة وبعض من محافظات الجمهورية.

طرائف متسولين

جميع "المضبوطين" بجريمة التسول يشتركون فى عدم حاجتهم الحقيقية للتسول، وأنهم يمتهنون هذا السلوك، وأسلوب "الشحاذة" يختلف، فتجد من يطلب بأدب وذوق، وهناك من ينادى عليك لأحراجك، وآخرون يدعوا الجنون ويلحوا فى السؤال وطلب المال، ومنهم من يبدأ فى السب لعدم استجابتك لطلبه.


ومكان أو مسرح التسول يمكن أن يكون نوعين ، فهناك التسول الثابت حيث يحتل المتسول وغالبا ما يكون طاعنا في السن مكانا ثابتا ، ويمد يده طالبا الصدقة ، أو ذو عاهة حقيقية أو مفتعلة ، وهناك التسول المتحرك الذى لا يثبت في مكان واحد ، قاعدا ، أو واقفا ، ولكنه يسعى ويتنقل من مكان إلى مكان ، وقد تكون مواقع المساجد هي المقصودة أيام الجمع.


وطرائف المتسولين تظهر عند كشف الاعيبهم التى لا تنتهى، ولكن بخفة دم المصريين يظهر المستور، أحد المتسولين كان يجلس أمام أحد المساجد، ويمد رجله الملفوفة بقماش أبيض ويضع إلى جانبه عكازه الخشبية، إلا أنه ما أن لمح الشرطة حتى فر هارباً مطلقاً كلتا ساقيه للرياح تاركاً عكازه خلفه، مشهد آخر تكرر بشكل يومى فى عدة أماكن مختلفة لسيدة تفترش على الطريق وبجانبها سلة من البيض المكسور تيكى عليه، ليعطف عليها المارة ، حتى انكشفت لعبتها عندما صادفها نفس الأشخاص.


يقول الحاج علاء، كنا فى صلاة الجمعة ودخل علينا 4 أفراد يبكون حاملين على أكتافهم نعش لمتوفى حديثا، طلبوا من المصلين مساعدة هذا المتوفى فى سداد مبلغ مالى عليه، وهذا دين ووجب دفعه له قبل دفنه، تعاطف الجميع معهم وبعد جمع المال وتسليمه لهم، والصلاه عليه، فوجىء الجميع بأن النعش كما هو دون صاحب ومر الوقت، حتى انكشفت الخديعة، النعش فارغ ولا يوجد متوفى.


وهناك المحتالين المبتكرين لأساليب حديثة في التسول ، وهذا عبر الرسائل النصية والبريد الإلكتروني وفى جروبات المساعدات على صفحات التواصل الاجتماعي، التي يزعمون فيها حاجتهم لرصيد هاتفي أو مبلغ مالي، أو جهاز لعروسة يتيمة، أو يدعى بعضا منهم إصابتهم بأمراض خطيرة لاستدراج عطف المتابعين وجمع المال.


ولنتذكر سويا هذا الشاب من محافظة كفر الشيخ، الذى استطاع كسب تعاطف آلاف من الأشخاص عبر صفحته على الفيسبوك والتى كان ينشر من خلالها معاناته مع مرض السرطان لمدة عامين كاملين، حصل خلالهما على الكثير من التكريم في احتفاليات مختلفة وعدد من شهادات التقدير، واللقاءات التليفزيونية، لحكاية معاناته مع المرض وجمع الكثير من التبرعات من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ليكتشف الجميع أنه يدعي مرض السرطان، من أجل استعطاف المواطنين لجمع تبرعات مالية منهم و التسول عبر الإنترنت.


هذا بخلاف ذلك الرجل المسن، الذى نشر على مواقع التواصل الاجتماعى العديد من الرسائل يشكوا فيها من الوحدة والفقر والمرض، ويستعطف رواد مواقع التواصل، لجمع الأموال منهم بعد أن تركه أولاده حسب ما زعم، ليتم ضبطه، ويتضح أنه يمتلك بيوتاً وسيارات، ويتخفى بروايات ملفقة، للتسول من الناس عبر مواقع التواصل.


و التسول غير مقتصر على طبقة الفقراء فقط ، بل أيضا الأثرياء والمتعلمين، تقول هنادى، كانت لنا زميلة فقيرة تعانى من مرض السرطان بحسب ما قالت لنا ولجميع الأساتذة فى الكلية، وساعدناها فى أتمام جميع المهام والأبحاث وحصلت على دعم نفسى ومادى ومعنوى من جميع الأساتذة والطلاب وحصلت على تقدير جيد، لنكتشف فى أخر عام جامعى أنها ليست مريضة، وخدعتنا لتنهى دراستها الجامعية بكل يسر.


وهناك المليونيرة المتسولة، تلك المرأة الأربعينية التى ترتدى ملابس رثة صيفا وشتاءا وتفترش الشارع يوميا من بداية اليوم حتى أخر الليل، تخدع الجميع بأنها فقيرة لا مأوى لها، كانت تجمع فى يومها آلاف الجنيهات، قبل أن تفضحها كاميرات الفيديو أثناء تغيير ملابسها الفاخرة داخل سيارة فارهة لينكشف الحجاب عن المليونيرة المتسولة ويتم القبض عليها بتهمة الاحتيال قبل أن يزج بها فى النهاية خلف القضبان، لتكتشف التحريات أنها تملم سيارة فارهة ومنزل فخم من مهنة التسول، ولقد واجهت المليونيرة المتسولة عدة اتهامات بالنصب والاحتيال.

وفى صورة جديدة من أسلوب التسول الالكتروني بهدف استعطاف الناس للتبرع، نشر أحد الأشخاص على الفيس بوك أن هناك حالة حرجة فى مستشفى مطروح وتحتاج إلى عملية قلب مفتوح ولكن يتبقى من تكاليف العملية 4 آلاف جنيها مطالبا بسرعة الاستجابة وارسال المبلغ فورا ، ليكون الرد عليها من أصحاب الجروب على موقع التواصل ، أنه لا يوجد عمليات قلب في مستشفي مطروح العام ولا فى مركز القلب للأطفال، كما تم التواصل مع مدير مستشفي مطروح العام ومدير مركز القلب وتم التأكد من أنه مجرد تسول ونصب الكترونى.


وفى إحدى الأتوبيسات العامة، خط شبرا الخيمة والتحرير، وقف شاب فى العقد الثلاثينى من عمره أمام الركاب، يرتدى ملابس عادية، بدأ حكايته قائلاً: «أمى ماتت ومش معايا حتى فلوس خارجتها، وسبتها فى مستشفى الجلاء، ومحتاج فلوس عشان أقدر ادفنها»، بالطبع كانت كلمات رنانة على أُذن كل راكب، وكل شخص أخرج من جيبه ما يستطيع مساعدته به، لأن إكرام الميت دفنه، وبعد أيام معدودة وفى نفس خط الأتوبيس، ظهر نفس الشاب، بملابس أنيقة، وبدأ بسرد نفس قصة والدته المتوفية، والتى لا يوجد معه ثمن لدفنها، وكان من سوء حظه وجود أشخاص كانوا متواجدين فى المرة السابقة، فقال أحدهم: «هو أنت لسه مدفنتش أمك من الأسبوع اللى فات»، كان بعض الركاب بدأوا بالفعل مساعدته بما يستطيعوا، وعند سماعهم هذه الجملة توقفوا عن الدفع، والمتسول شعر بالخوف وترك الأتوبيس فوراً.


يقول أحمد عزت ، أنه تعرض للنصب كثيرا بسبب التسول، ليحكى لنا تلك القصة الطريفة ، أثناء وجودى فى العمل، ظهر طفل صغير (أبكم_وأصم نوعا ما ) لا يسمع ولا يتكلم ومعه ورقة صغيرة تقول "ساعدني في جمع مبلغ لشراء سماعة الصم الطبية" ، وبالفعل ساعدته أنا وزملائى، و في طريق العودة إلى المنزل، يصادفني هذا شخص ومعه فلين آخرين ... وهو يتكلم معهم ؟! ولا يعاني من أي شيء ، وعندما واجهته لم ينطق بكلمة.


ويحكى حمادة سعيد، كنت فى محطة مترو الأنفاق، وقت الظهيرة، واقتحمت العربة سيدة منتقبة تبكى من فقرها، وما تعولهم من أيتام بعد وفاة زوجها، وتشكو المرض، وتعاطف معها الجميع، ومدوا يد العون لها، وعند خروجى من المحطه فى أخر الخط ، وجدتها هى و مجموعة من المنتقبات يجتمعون سويا فى زاوية من المحطة يجمعوا حصيلة اليوم، بعد أن أزاحوا النقاب من على وجوههم، ليدخنوا السجائر سويا، ولحق بهم شباب بائعى المترو، وتحولت إلى جلسة توزيع غنيمة وضحك بينهم.

أضف تعليق