"ذا ديبلومات": آليات الصين للحفاظ على الاستقرار المالي قد تكون أكثر ضرراً

"ذا ديبلومات": آليات الصين للحفاظ على الاستقرار المالي قد تكون أكثر ضرراًالصين

اقتصاد20-7-2022 | 21:16

أكد تقرير لدورية "ذا ديبلومات" الأمريكية قيام الحكومة الصينية بالتدخل لإنقاذ القطاعات والمؤسسات المتعثرة عبر عدد من الآليات في مسعى للحفاظ على الاستقرار المالي والاجتماعي لكنه رجح أن يفضي هذا النهج إلى مخاطر جديدة تضر بسلامة الاقتصاد.

وتطرقت الدورية الأمريكية المتخصصة في الشئون الآسيوية إلى التعثر الذي يطال العدد المتزايد من الشركات الصينية الحكومية ما يمثل تهديدًا كبيرًا للاستقرار المالي في الصين، حيث يعاني مطورو العقارات والتكتلات الخاصة من الديون وسط عدم القدرة على الوصول لتمويل جديد.

وأشارت "ذا ديبلومات" -في تقرير تحت عنوان "نهج التدخل الصيني لإدارة المخاطر المالية"- إلى أن العديد من الشركات المملوكة للدولة غير مربحة ولا يمكنها خدمة ديونها دون دعم حكومي فيما تعتمد الحكومة على الشركات التابعة لتمويل الإنفاق من خلال الاقتراض وبيع الأراضي، وبعض البنوك الصغيرة تقرض الشركات، لكنها تتعرض لمخاطر عدم الوفاء بأموال المقرضين.

وأكد التقرير أن الصين كثفت - لمواجهة هذه التهديدات للاستقرار المالي- التدخل التنظيمي من أجل نزع فتيل المخاطر، وأن هذا التوجه استند إليه صانعو السياسة الصينيون من نجاحات وإخفاقات عمليات التطهير المالي في اليابان والغرب والتجربة الصينية ذاتها.

وذكر أن الاقتصاديين الصينيين ركزوا على أوجه التشابه بين المشاكل الاقتصادية الحالية لبلادهم وتلك الخاصة بالاقتصاد الفقاعي الياباني، وخاصة مستويات الديون المرتفعة والاقتصاد الذي يعتمد بشكل مفرط على العقارات، ورصدوا أيضًا قائمة طويلة من الأخطاء التي ارتكبها المنظمون وصانعو السياسات الأمريكيون خلال الأزمة المالية العالمية وحتى حاولوا تلافي أخطاء التجربة الصينية، عبر ما يسمى إعادة هيكلة قطاعها المصرفي في أواخر التسعينيات، الذي ينطوي على تكاليف باهظة إذ على الصين أن تلتزم بنحو 30 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي لتنظيف النظام المصرفي.

وتطرق إلى نهج الصين الحالي في معالجة المخاطر المالية حيث أعلن الرئيس شي جين بينج أن تحديات الاستقرار المالي يمثل خطرًا مهمًا على الأمن القومي وأمر المنظمين الماليين في الصين بأخذ زمام المبادرة، وشرع المنظمون الصينيون في تنظيف النظام المالي، بإعلاء الأولويات: الاستقرار والسيطرة والاكتفاء الذاتي.

وأكد التقرير أنه عندما تلوح في الأفق مخاطر مالية كبيرة في صناعة أو شركة معينة، يتبنى صانعو السياسة الصينيون إحدى الآليات التالية: 1- وضع الصناعات في نظام صارم عبر فرض ضوابط احترازية على المستوى القطاعي، والتخلي عن السلوكيات المحفوفة بالمخاطر وتحسين أدائها المالي من خلال زيادة حقوق الملكية وخفض الديون، لاحتواء الانزلاق إلى مخاطر مالية أكثر وطأة، 2- "الزواج المرتب" مع الدولة - عندما لا يكون اتباع نظام كاف لدرء الضائقة المالية ، ويجب على المنظمين اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، وتتدخل الحكومة لترتيب عملية استحواذ أو ضخ رأس مال من قبل الشركات الحكومية أو المؤسسات الخاصة المرتبطة بالدولة، 3- وفي حال "الزواج المرتب" غير كافٍ، تدخل المؤسسات في كنف حضانة الدولة ويجب حينها اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، ويضع المنظمون الصينيون المؤسسة في "عهدة الدولة"، حيث تشرف الحكومة على الادارة لتقليل الاضطراب المالي والاقتصادي الأوسع نطاقاً.

ويذكر التقرير أن خلف كواليس التعامل مع الاستقرار المالي للمؤسسات، هناك عملية مسيسة لحل مشكلة الإفلاس حيث تعطي الحكومة الصينية الأولوية لتخصيص الخسائر على أساس الاعتبارات السياسية والاقتصادية بدلاً من التسلسل الهرمي لحقوق الدائنين، وتقتضي الضرورة الحفاظ على الاستقرار المالي والاجتماعي، وعند اكتمال هذه العملية، قد تتم إعادة هيكلة الشركة أو بيعها كليًا أو جزئيًا إلى كيانات أخرى (عادةً المشترين المرتبطين بالدولة) أو إعادة تنظيمها ككيان جديد تمامًا.

ونوه أن نطاق تدخل الحكومة الصينية اتسع مؤخرًا إلى ما هو أبعد من مجرد معالجة المخاطر المالية، حيث يُنظر إلى مناطق الاقتصاد التي لا تخضع لسيطرة الحكومة على أنها متقلبة ومصادر للمخاطر وتحديات محتملة لنفوذ الحزب الشيوعي الصيني، مرجحا أن يؤدي نهج الصين الجديد للاستقرار المالي إلى اقتصاد أكثر تمحورًا حول الدولة.

وذكر التقرير، أنه -على سبيل المثال- في أعقاب الحملة على قطاع العقارات، استخدم مطورو العقارات المملوكين للدولة وصولهم المميز إلى التمويل لإجراء عمليات استحواذ كبيرة على الأصول من المطورين من القطاع الخاص، ونتيجة لذلك ، يمر قطاع العقارات بتأميم بطئ.

ورأى التقرير أن التدخلات المبكرة للحكومة الصينية للحفاظ على الاستقرار المالي، منعت المخاطر المالية من التحول إلى أزمة مالية كاملة، ومع ذلك، فإن حماس الصين للقضاء على المخاطر المالية يضر أيضًا بديناميكية الاقتصاد، فبينما درست بكين أخطاء عمليات التطهير المالي السابقة، فإن نهجها الحالي يخاطر بصنع أخطاء جديدة.

أضف تعليق

إعلان آراك 2