2023.. عام ركود الاقتصاد العالمى

2023.. عام ركود الاقتصاد العالمىركود الاقتصاد العالمى

أكدت تقارير صادرة عن مؤسسات دولية ومراكز بحثية، مدعومة بتحليلات خبراء اقتصاد دوليين، ومسئولى المؤسسات الدولية أن عام 2023، هو عام الركود الكبير للاقتصاد العالمى واستمرار معركة البنوك المركزية، وصانعى السياسات المالية فى معركتهم ضد معدلات التضخم المرتفعة.

وكشفت نتائج التقارير عن أن أهم أسباب الركود الاقتصادى العالمى المتوقع هو تراجع النمو الاقتصاى لأكبر ثلاثة كيانات اقتصادية عالمية، وهى الاقتصاد الأمريكي، واقتصاد الصين، واقتصادات أوروبا، مرجعة الأساب إلى الصدمات الحادة والمتكررة المصاحبة لمستجدات النظام العالمي، على صعيد تطورات الحرب الروسية الأمريكية وسياسات الفيدرالى الأمريكى للسيطرة على التضخم علاوة على الأثار السلبية لجائحة كورونا، والتى ما زالت تؤثر على الاقتصاد العالمي.

وأشارت التحليلات إلى أنه من المؤكد أن تستشعر جميع شعوب العالم الركود المتوقع، وأن الأمر سوف لا يقتصر على صناع القرار، وهو ما يؤكد أهمية تكاتف شعوب وحكومات العالم لتجاوز أزمة الركود المتوقع.. السطور التالية تحمل كافة التفاصيل.

توقف النمو الاقتصادي

ذكر تقرير صادر مؤخرًا عن مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطانى "CEBR"، أن الاقتصاد العالمى يواجه ركوداً فى 2023 مرجعًا السبب إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، الذى يرجع بدوره إلى انكماش عدد من الاقتصادات عالميا وفى مقدمتها أكبر الاقتصادات العالمية.

وكشف التقرير السنوى لمركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني، عن أنه على الرغم من أن حجم الاقتصاد العالمى تجاوز 100 تريليون دولار للمرة الأولى خلال العام 2022، الذى انتهى منذ ساعات، إلا أن النمو الاقتصادى سيتوقف خلال العام 2023 مع استمرار صانعى السياسات المالية فى معركتهم ضد معدلات التضخم المرتفعة.

وشدد التقرير على أن المعركة ضد التضخم لم تنته بعد، متوقعًا أن يلتزم محافظو البنوك المركزية بأسلحتهم الموجهة للحد من التضخم الممثلة فى سياسات رفع الفائدة والتقييد النقدى فى عام 2023 على الرغم من التكاليف الاقتصادية المرتفعة المترتبة على تطبيق هذه السياسات، وهو ما أكده «كاى دانيال نيوفيلد»، مدير ورئيس قسم التنبؤ فى مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطانى «CEBR» قائلا: «من المحتمل أن يواجه الاقتصاد العالمى ركوداً العام المقبل نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة استجابةً لارتفاع التضخم».

وكان صندوق النقد الدولى بحسب نتائج تقرير آفاق الاقتصاد العالمى وعدد من التقارير الأخرى الخاصة بتقييم النشاط الاقتصادى العالمي، قد حذر من أن أكثر من ثلث الاقتصاد العالمى سيواجه انكماشا خلال العام 2023، وأن المؤشرات توضح بنسبة 25% أن ينمو الناتج القومى الإجمالى العالمى بأقل من 2%، وهو ما يعنى ركودا عالميا، مشيرا إلى أن الأسباب ترجع إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وأيضا العوامل المتعلقة بجائحة كورونا.

تراجع النمو فى أكبر ثلاثة كيانات اقتصادية عالمية

نحن نعيش فى عالم جديد مليء بالصدمات الحادة والمتكررة ويجب علينا أن نتكيف مع مستجدات النظام العالمي، هذا ما أكدته كريستالينا جورجيفا، مدير صندوق النقد الدولي، تعقيبًا على المؤشرات تعرض الاقتصاد العالمى للركود خلال العام 2023 موضحة، أنه بالنظر إلى المخاطر التى تحيط بالاقتصاد العالمي، فإن نسبة نمو الاقتصاد العالمى من المتوقع أن تنخفض عن 2.7% التى أشارت إليها التقارير، مؤكدة أن التراجع المتوقع فى الاقتصاد العالمى ترجع أسابه إلى تراجع نمو النشاط الاقتصادى فى أكبر ثلاثة كيانات اقتصادية عالمية، وهى اقتصادات الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، واقتصادات دول أوروبا، نتيجة لتداعيات الأحداث العالمية على الاقتصاد العالمي.

وأشارت مدير صندوق النقد الدولى إلى أن نمو اقتصاد الصين من المتوقع أن ينخفض عن 5%، وتعرض نصف دول أوروبا لركود اقتصادي، وأيضا تراجع وإنكماش الاقتصاد الأمريكى نتيجة لسياسات الحد من التضخم.

وأكدت مدير صندوق النقد الدولى أن جميع شعوب العالم سوف تشعر بمؤشرات ركود الاقتصاد العالمى ولا يقتصر الأمر على الكيانات الاقتصادية.

ومن جانبه، حذر ديفيد مالباس، رئيس البنك الدولي، من ازدياد مخاطر الركود العالمي، خاصة فى ظل استمرار ارتفاع معدلات التضخم المرتفع منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية.

وقال مالباس فى تصريحات إعلامية، إن هناك خطرا حقيقيا من حدوث ركود عالمى خلال عام 2023، مشيرًا إلى تباطؤ النمو فى الاقتصادات المتقدمة، وانخفاض قيمة العملات فى العديد من البلدان النامية، بجانب مخاوف التضخم المرتفع المستمرة يعد أهم الأسباب.

واتفق رئيسا البنك الدولى وصندوق النقد على أن تباطؤ النمو فى الاقتصادات المتقدمة، والآثار السلبية عالميا لجائحة كورونا وحرب أوكرانيا، تؤثر جميعها على الدول النامية بشكل خاص، مؤكدين ضرورة اتخاذ إجراءات متضافرة لمساعدة الأسواق الناشئة على تجاوز هذه الأزمات.

السطور التالية تستعرض أهم مؤشرات الركود لدى الاقتصاد الأمريكي، واقتصاد المملكة المتحدة، وهما الاقتصادان اللذان استحوذا على اهتمام التقارير الدولية وخبراء اقتصاد دوليين.

مؤشرات ركود الاقتصاد الأمريكى ترصدها شبكة «بلومبرج»

ذكرت شبكة بلومبرج الأمريكية حسب مؤشرات عدد من التقارير، أحدثها استطلاع بلومبرج الشهرى أن متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى للاقتصاد الأمريكى من المتوقع أن يبلغ 0.3٪ خلال العام 2023، وهو ما يعنى بحسب تحليلات مصرفيين وخبراء اقتصاد أمريكيين، أن الولايات المتحدة ستشهد «ركودا مؤكدا» خلال العام 2023، وتباينت توقعات نسب الركود للاقتصاد التى أوردتها نتائج التقارير واستطلاعات الرأى لخبراء الاقتصاد الأمريكيين وكبرى المحللين، وتتراوح هذه النسب ما بين ركود بنسبة 70 إلى 100% بحلول أكتوبر 2023. ويأتى هذا فى الوقت الذى يواصل فيه مجلس الاحتياطى الفيدرالى دورة التشديد النقدى فى معركته ضد التضخم المتزايد، وهو الاتجاه الذى يتوقع غالبية المحللين أن يؤدى إلى انزلاق الاقتصاد الأمريكى نحو الركود العميق.

وبحسب تحليلات محلليين اقتصاد أمريكيين، بحسب أحدث التقارير الصادرة عن شبكة بلومبرج، فإن هناك احتمالًا بنسبة 7 من 10 أن يغرق الاقتصاد الأمريكى فى ركود العام المقبل، مما يقلل من توقعات الطلب ويقلص توقعات التضخم فى أعقاب الزيادات الهائلة فى أسعار الفائدة من قبل الاحتياطى الفيدرالي.

ارتفع احتمال حدوث تراجع فى مؤشرات الاقتصاد الأمريكى خلال العام 2023 إلى نسبة تصل إلى 65٪ فى نوفمبر المقبل، وهو ما يزيد على ضعف ما كان عليه قبل ستة أشهر، وفقًا لآخر استطلاع شهرى أجرته بلومبرج لخبراء الاقتصاد، تم إجراؤه فى الفترة من 12 إلى 16 ديسمبر، حيث أجاب 38 اقتصاديًا عن احتمال حدوث ركود، مشيرًا إلى أن احتمالات الركود فى الولايات المتحدة تستمر فى الارتفاع، لتصل إلى 70٪.

وتشير التقديرات المتوسطة بحسب تقارير شبكة بلومبرج إلى أن متوسط الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى سيبلغ 0.3٪ خلال العام 2023، بما فى ذلك انخفاض سنوى بنسبة 0.7٪ فى الربع الثانى وقراءات ثابتة فى الربعين الأول والثالث. من المتوقع أن ينمو الإنفاق الاستهلاكي، الذى يمثل حوالى ثلثى الناتج المحلى الإجمالي، فى النصف الأوسط من العام.

الاقتصاد الأمريكى يواجه رياحا معاكسة

ومن جانبه أوضح بيل آدامز، كبير الاقتصاديين ببنك «كوميريكا بنك» الأمريكى «Comerica Bank» فى تحليلات اقتصادية أوردتها وسائل إعلام عالمية أن الاقتصاد الأمريكى يواجه رياحًا معاكسة كبيرة نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة، و التضخم المرتفع، ونهاية الحوافز المالية، وضعف أسواق التصدير فى الخارج، قائلا: «لقد تحولت الشركات إلى الحذر بشأن الإضافة إلى المخزونات والتوظيف، ومن المرجح أن تؤخر البناء وخطط النفقات الرأسمالية الأخرى مع زيادة تكلفة الائتمان وتقلص دفاتر الطلبات».

التضخم كما تم قياسه من خلال المقاييس المفضلة للاحتياطى الفيدرالى - مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، والمؤشر الذى يزيل مكونات الغذاء والطاقة المتقلبة - يُرى أنه يتراجع ولكنه لا يزال يتجاوز هدف البنك المركزى البالغ 2٪.

ركود الاقتصاد البريطاني

أشارت توقعات وتحليلات خبراء إلى أن الاقتصاد البريطانى يتجه نحو الانكماش بنسبة 1.3% خلال العام 2023، فى ظل حالة من الركود الذى سوف يستمر حتى نهاية العام.

وأظهرت الأرقام الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية فى المملكة المتحدة انكماش الاقتصاد بنسبة 0.2%، خلال الربع الثالث من العام الماضى 2022، فى الفترة بين يوليو وسبتمبر الماضيين.

وفى سياق متصل، أوضح كبرى الاقتصاديين بمؤسسة «كيه.بي.إم.جي» للاستشارات الإدارية أن بريطانيا قد دخلت بالفعل حالة من الركود وصفته بالــ «الضحل ولكن طويل الأمد»، فى ظل استمرار ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، وجاءت هذه التوقعات متفقة مع ما أوردته وكالة أنباء «بى إيه ميديا» البريطانية.

ومن جانبها، أوضحت «يائيل سيلفين»، محللة اقتصادية بريطانية، أن الزيادات فى تكاليف الغذاء والطاقة، خلال 2022، أدت إلى تراجع القدرة الشرائية للأسر البريطانية، وهو ما يعد مؤشر دخول البلاد فى حالة من الركود خلال العام 2023.

سياسات مدمرة للاقتصاد العالمي

تعقيبا على توقعات تقاير المؤسسات الدولية، بدخول الاقتصاد العالمى مرحلة ركود خلال العام 2023، أوضح «ألفارو سانتوس بيريرا»، كبير الاقتصاديين المؤقتين فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD)، أن ما يزيد من هذه الأزمات التى تواجه الاقتصاد العالمى هو استمرار الولايات المتحدة الأمريكية فى تطبيق سياسات صفها بالــ «المدمرة» فى تأثيرها على الاقتصاد العالمي، لافتا إلى أن هذه السياسات تدفع نحو رفع الأسعار العالمية، وإزعاج الأسواق المالية، وتقويض النظام الاقتصادى والتجارى العالمي.

وأضاف أنه من أخطر هذه السياسات، هو رفع الاحتياطى الفيدرالى أسعار الفائدة سبع مرات خلال العام 2022 بزيادة إجمالية قدرها 425 نقطة أساس، للسيطرة على التضخم، لافتا إلى أن «الفيدرالى الأمريكي»، سيستمر فى رفع أسعار الفائدة فى أوائل العام الجديد 2023، ولن يبدأ فى خفضها حتى عام 2024.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2