دور مهم للشعراء والأدباء في ترسيخ فكرة المواطنة.. إبداع وطني يهدم أوكار المتآمرين

لطالما بقيت الوحدة الوطنية، هي حجر الأساس فى مواجهة التحديات والتهديدات والمتربصين بمستقبل مصر، ودائما كان للشعراء والأدباء، سواء من المسلمين أو الأقباط دور فى الحفاظ على الهوية الوطنية وترسيخ فكرة المواطنة والحفاظ على التماسك والترابط داخل نسيج الوطن، وهو الأمر الذي ترسخ فى الوعي الفكري والأدبي والإبداعي بالشخصية المصرية فى كل العصور، لا سيما أن الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد للحفاظ على حضارة الشعب المصري العظيم، والمكتبة المصرية تزخر بأعمال أدبية جسدت روح الوحدة الوطنية والانتماء الوطني والقومي تلك الأعمال التي تجمع بين المتعة والإثارة وبين التنوير والتوعية.

وقد تمكن المبدعون من الشعراء والأدباء من الجمع بين الوحدة والتنوع فى الأعمال الإبداعية ويأتي فى طليعة الشعراء الأقباط الشاعر عوض واصف، الذي كان أول من نظم قصائد فى يناير 1909 ليصف محاولات الاحتلال الإنجليزي الوقيعة بين أبناء الأمة الواحدة فقال: «أبناؤها عبد المسيح وأحمد.. والموسوى وليس ثم دخيل». وعبر عن نفس الفكرة الشاعر إبراهيم حنين، والتى تبرز روح المحبة والأخوة بين المسلمين والأقباط.

وكان أحمد شوقي قائد مسيرة الشعراء، فقد كانت قصائده مدفعية فنية وفكرية تدك أوكار المتآمرين وكهوفها المعتمة، فيقول فى إحدى قصائده: «اعهدتنا والقبط إلا أمة للأرض واحدة تروم مراما .. نعلي تعاليم المسيح لأجلهم ويوقرون لأجلنا الإسلاما».

ومن الروائيين المسلمين الرواد توفيق الحكيم، الذي نجح فى تجسيد الوحدة الوطنية على كل مستوياتها الدينية والاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية فى روايته «عودة الروح»، والتي تجلت فى إعلان بيان استقلال مصر فى فبراير 1922 حين رفض الأقباط شرط هذا الإعلان الخاص بحماية الأقليات، مما يعني رفضهم شق الوحدة الوطنية.

الوعى لدى محفوظ

وكان للأديب العالمى نجيب محفوظ عدد من الروايات التى ناقشت فكرة قبول الآخر، حيث يوضح فى رائعته السكرية تلاقي أفكار المصري مسلم أو مسيحي نظرا للخلفية الحضارية والهوية الواحدة، كما ناقش محفوظ فى روايته «المرايا»، الغيرة بين شخصين يعملان فى نفس المجال بعيدا تماما عن الخلاف الديني.

أما يوسف إدريس فيرى أن الأمانة والصدق والإخلاص والوفاء من أهم الملامح القبطية ففي رواية «حادثة شرف»، كانت الست أم جورج التقية المتعلمة هي الوحيدة التي وثقت بها القرية للتأكد من عذرية فاطمة وشخصية الباشكاتب القبطي فى رواية «الحرام» تجسيدا لملامح الدقة واليقظة والوعي.

رفض الحماية

ويعد إدوارد الخراط من أبرز الأدباء المسيحيين الذين تناولوا الشخصية المصرية ومن أهم رواياته «الزمن الآخر»، والذى يروي فيه الدور الذي نهض به آباء الكنيسة الأرثوذكسية المحدثين فى الدفاع عن كرامة مصر بأقباطها ومسلميها.

وفي روايته «يقين العطش»، يوضح من وراء الجماعات المتطرفة ويرفض فكرة الدين كمعيار للفرز والانتقاء، ويذكر الزمن الجميل الذى كان المسلمون يشاركون فى بناء الكنائس وزمن لم يكن هناك فرق بين مسلم ومسيحي، ويؤكد فى روايته على فكرة قبول الآخر.

قدرة لويس عوض

ويعد الكاتب لويس عوض من المفكرين والكتاب الذين يملكون مخزونا ثقافيا وفكريا ومعرفيا، وتوحي روايته الوحيدة «العنقاء» أو تاريخ حسن مفتاح، بقدرة الوحدة الوطنية المصرية على التجدد والاستمرار فى مواجهة أية عقبات أو عوائق.

توجه إنساني

أما الكاتب والأديب إبراهيم عبد المجيد فقد استطاع فى روايته «لا أحد ينام فى الإسكندرية»، أن يجسد توجها إنسانيا وفكريا وفنيا، أكد ثوابت الشخصية المصرية، حيث يلقي الأضواء الفكرية والفنية على الجوانب المتعددة واللمحات الموجبة للوحدة الوطنية بين المسلمين و المسيحيين حيث يروى أنه فى مولد مارجرجس كانت مناسبة بهيجة لقريته يحتفل فيها المسلمون والأقباط بدق الوشم لكل منهم على طريقته فيدق المسلمون صورة أبي زيد الهلالي ويدق الأقباط صورة مارجرجس نفسه ومن خلال صداقة الشيخ مجد الدين حامل القرآن والمقدس دميان خادم الكنيسة أظهر الحب النقي بين المسلمين والأقباط، فقد التقى الرجلان بالإسكندرية عاشا معا وعملا معا وكان الرجلان كأنهما توأمان وارتباط الرجلين يحمل فى حياته حبهما الشديد لدينهم.

أدب النساء

وعن أدب النساء فتأتي سلوى بكر من أولى الأديبات التي تناولت الوحدة الوطنية ومن أهم رواياتها رواية "البشمورى"، والتي استخدمت فى أحداثها مصطلح قبطي للتعبير عن المسلم والمسيحي وشجبت أي فكرة سلبية تلتصق بالأقباط وتؤكد أنه كانت لهم مبادرات وصلت إلى حد تولي القيادة والزعامة وكان بطل روايتها مينا بن قيرة القبطي الثائر الذي قاد المقاومة المسلحة لبلدته البشموري ضد جبروت الولاة فى جباية الضرائب.