«يجرى جراحات لحالات تحدب وتشوه بالعمود الفقرى» الدكتور هانى عبد الجواد..طبيب السعادة

«يجرى جراحات لحالات تحدب وتشوه بالعمود الفقرى» الدكتور هانى عبد الجواد..طبيب السعادةالدكتور هانى عبد الجواد

لا يحتاج أن نكتب عنه، بل نحن من نحتاج للكتابة عنه، يزرع الأمل فى أجساد من ضاقت بهم السبل وظنوا أنهم سيظلون بقية حياتهم سجناء الألم بلا أمل.

يقهر التحدب ويصنع إن صح الحديث «سحرا» بين الفقرات الـ 33 ب العمود الفقرى وهى التى باتت تعرف أنامله وتحفظ لمساتها فتستسلم له يفعل معها ما يشاء.
يخرج عادة من غرفة العمليات بعد ساعات طوال يعلن ملوحا بيده عن نصر كبير حققه على التشوه والتحدب اللذين سجنا كثيرا من مرضاها لسنوات طويلة واسقاهما من الألم الجسدى والنفسى آلاف الكؤوس.
تبعث إشارة التلويح بيده رسالة سلام واطمئنان تتربع فى نفوس أهالى المرضى، الذين تتوقف دقات قلوبهم منذ دخوله إلى الغرفة وحتى رؤيته يخرج فلا تعود تعمل إلا مع رؤية تلويحة يده وهو خارج منتصرا من غرفة العمليات.
من الإمارات والكويت والسودان واليمن وبلدان أخرى كثيرة شرق الوطن العربى وغربه من داخله وخارجه، يأتى إليه المرضى بعدما أتعبهم المرض وأهلكهم طول انتظار الشفاء، يأتون إليه بعدما ضاقت بهم كل السبل وأسكن اليأس فى قلوبهم كلمات بعض الأطباء فى كبريات المستشفيات العالمية بأن لا فائدة أو علاج لحالاتهم مثلما حدث مع الفتاة الإماراتية، التى رفضتها مستشفيات ألمانيا وقالت لها إن نتيجة عمليتها إما الشلل التام أو الموت، لتأتى إليه فيعيد لها الحياة من جديد ويصير حديث الناس فى الإمارات وكل البلاد.
يعلم أنه يخاطر ويقول إنه يعيش على المخاطرة من أجل رسم السعادة على وجوه مرضاه وذويهم يتحدى صعوبة الحالات ويأس أصحابها، ويقهر الصعب فيخرج دائما منتصرا حتى ذيع صيته وانتشر لقب عنه أطلقه عليه الجميع ظنًا منهم أنه بالفعل كذلك يرونه «ساحر العمود الفقري»، ونراه نحن جراح الأمل وصانع السعادة ونلقبه ونعتقد أنه الأجدر بهذا اللقب «طبيب السعادة».. إنه الدكتور هانى عبد الجواد، أستاذ جراحات العمود الفقرى بطب الأزهر.. زرنا عيادته وحاورناه وحاورنا مرضاه وذويهم، وفى هذه السطور بعضًا من ملامح إنسانياته ونجاحاته وانتصاراته العلمية.

حصل على عدة زمالات من كبريات الجامعات فى أمريكا وكندا


مشوارنجاح

حصل الدكتور هانى عبد الجواد سليمان على عدة زمالات لجراحة العمود الفقرى للأطفال والكبار فى الولايات المتحدة الأمريكية لكن عمله واهتمامه بجراحة العمود الفقرى بدأ منذ بداية نيابة العظام بجامعة الأزهر سنة 2004، حيث عمل طوال ثلاث سنوات النيابة بوحدة العمود الفقرى حالما بأن يكون أحد أمهر جراحى العمود الفقرى ليس فى مصر ولكن فى العالم، وأصبح حلمه حقيقة بعد سنوات عديدة من العمل الشاق فى مجال جراحة العمود الفقري، فبعد حصوله على درجة الماجستير، حصل د. هانى عبد الجواد على زمالة جراحة العمود الفقرى بجامعة كليفيلاند بأمريكا سنة 2007، وعمل بعد ذلك فى وحدة جراحة العمود الفقرى بمعهد ناصر ثم حصل على زمالة عمود فقرى أخرى لمدة عام من جامعة مونتريال بكندا سنة 2009، وعقب عودته من كندا عمل بوحدة جراحة العمود الفقرى بقسم العظام جامعة الأزهر، حيث تفرغ لجراحة العمود الفقرى و إتمام رسالة الدكتوراه حول تصليح انحناء العمود الفقرى بعد الحوادث، ثم حصل د. هانى عبد الجواد على زمالة عمود فقرى أخرى من مؤسسة كليفيلاند للعمود الفقرى بأمريكا سنة 2012، وحصل على دكتوراه جراحة العظام و عين عضوا بهيئة التدريس بكلية الطب جامعة الأزهر و استشارى جراحة العمود الفقرى بالجامعة، وفى عام 2013 حصل الدكتور هانى عبد الجواد على منحة تنافسية فريدة من جامعة مونتريال بكندا وتم اختياره لزمالة جراحة العمود الفقرى للتدريب على أحدث ما توصل إليه العلم بجراحة العمود الفقرى للأطفال و الكبار بأحد أكثر مراكز العمود الفقرى تقدما فى العالم.


ويقول الدكتور هانى عبد الجواد فى حديثه الخاص لـ «أكتوبر» : «اخترت أن أتخصص فى جراحات العمود الفقرى وكان الداعم لى هم أساتذتى بالجامعة ولكن كان من يتخصص فى مجال لا بد أن يأخذ بجانبه تخصصات أخرى فمثلا تخصص العمود الفقرى يكون بجانبه علاج المفاصل وكسور العظام والمناظير ولكننى صممت أن أتخصص فى تخصص واحد وهو جراحات العمود الفقرى وبعدما حصلت على الماجيستير والدكتوراه فى هذا التخصص حصلت على العديد من الزمالات فى واحدة من أكبر الجامعات فى العالم تخصصاً فى العمود الفقرى سواء للكبار أو الأطفال وهى جامعة مونتريال فى كندا».


تكريمات دولية


وحاز الدكتور هانى عبد الجواد على العديد من الجوائز عدة مرات وطنيا ودوليا من العديد من المنظمات و الجامعات العالمية لعمله كمستشار لجراحة العمود الفقرى للأطفال والكبار ويقول: «تكريمى الحقيقى من الأطفال والمرضى عندما أجد الابتسامة على وجوههم بعد نجاح الجراحة وعلاج تشوه العمود الفقرى الذى يتسبب لهم فى العديد من الإيذاء النفسى والبدنى والصحي».

رسالة السعادة


«علموا أولادكم أهمية العلم وأن هذا ما قد يفعله العلم من تغيير فى حياة إنسان» بهذه الكلمات أنهى سفير السعادة الدكتور هانى عبد الجواد حديثه لمجلة أكتوبر متمنياً الشفاء لجميع المرضى على وجه الأرض ومؤكداً «بالعلم نصنع المعجزات».

أجرى عمليات لحالات مستعصية وخطيرة أشهرهم الفتاة الإماراتية وإيناس السودانية


الأكثر خطورة


تخصص الدكتور هانى عبد الجواد فى الحالات المستعصية والصعبة والخطيرة لدرجة أنه لم يستطع أن يصف حالة بعينها تكون الأصعب من كثرتهم وتعددهم، لكنه ذكر أسماء العديد من الحالات مثل حالة وعد وهنا وهند وإيناس وأحمد، فهناك كثيرون كانت حالتهم صعبة وخطيرة لكنه استطاع علاجهم.
وأردف قائلا: « أنا على تواصل دائم مع المرضى الذى أقوم بعلاجهم لسببين فكما ذكرت أننى أعيش معهم فترات صعبة جدا أنا أتأثر بهم وهم أيضا يتأثرون بى وتنشأ بيننا علاقة إنسانية مثل علاقة العائلة، والسبب الثانى أننى أحتاج أن أتابعهم بعد إجراء العملية ونكون دائما على تواصل سواء داخل مصر أو من أى بلد آخر».
وعلاج تشوه العمود الفقرى – والحديث للدكتور هانى -: يتفاوت من حالة إلى أخرى ومن طفل إلى شخص بالغ كبير، ويقول د. هانى عبد الجواد إن حالات اعوجاج وتشوه العمود الفقرى كلما كبر المريض وأهمل علاجه كلما كان علاجه أصعب، لذا من المهم جدا أن نوعى الناس بخطورة هذا الأمر وأنه يجب عندما يكتشف وجود تشوه أن يتم علاجه فى مرحلة مبكرة، لأن تشوه العمود الفقرى كلما كبر الإنسان يفقد المرونة ويؤثر على الأعضاء الداخلية مثل التنفس ويحمل العديد من المخاطر على الطفل والشاب، فكلما كان الاعوجاج كبيرا والسن أكبر تكون الخطورة أكبر».
وعن الطفلتين هند وهنا تحدث: «هما الأصعب من بين مرضاى فعلى سبيل المثال «هنا» كانت أول طفلة فى حياتى بعد فتح جلد الظهر أفكر بأن أغلقه مرة أخرى لأنه كان لديها اعوجاج كبير ورهيب وكان حجمها صغير للغاية فالصعوبة كانت بالغة ولكن ربنا يسر الأمر وأصبحت إنسانة أخرى تماما، أما هند فهى فتاة إماراتية حدث معها مثلما حدث مع هنا فقد كانت الحالة الثانية بعد هنا التى أقرر بها غلق الجلد بعد فتحه من صعوبة التشوه وتلك هى بعض لحظات الضعف التى يمكن أن تأتى فى بعض الأوقات للطبيب، وهند كانت فاقدة الأمل ويئست من كثرة الذهاب للعديد من الأطباء حول العالم والحمد لله تم علاجها تماما».


معجزة إيناس
طفلة سودانية كانت تعانى من تشوه فى العمود الفقرى نادر من نوعه وهى الطفلة إيناس والتى أصبحت حديث مواقع التواصل الاجتماعى بعد إجرائها لجراحة العمود الفقرى والتى حولتها لإنسانة جديدة، ويتحدث عنها الدكتور هانى عبد الجواد قائلا: إيناس كانت طفلة مختلفة لأنها كان لديها نوع من التحدب النادر جدا من التشوه والاعوجاج جعلها تسير فى وضعية الركوع ولأقل مستوى من الركوع، فقد كانت حالتها من اندر الحالات على وجه الأرض، فدائما حالات التحدب تكون محسوب نتائجها، لكن كان من الصعب فى حالة إيناس أن نتخذ قرارا لأن النتيجة كانت ليست محسوبة تماما وحتى بعد خروجى من حجرة العمليات كنت أثق أننى فعلت لها ما فى وسعى لإنجاح الجراحة لكننى لم أكن أتوقع أن تستقيم والحمد لله الآن تسير وظهرها مستقيم فقد كانت معجزة أن تقف بعد 6 ساعات من إجراء العملية».
دول عديدة
من اليمن والعراق وتنزانيا والإمارات والكويت والمغرب والسودان ومصر وغيرها من البلدان يأتون إلى د. هانى عبد الجواد من أجل علاج الحالات الصعبة والتى عجز العديد من الأطباء عن علاجها بل إن هناك من رفض المخاطرة بعلاجها، ولكنه استطاع أن يكون رجل المهام الصعبة كما يقال، وعن التعامل مع المرضى فى الدول العربية يقول «لم أجد أى صعوبة فى ذلك تماما فجميعنا نحاول أن نقدم أكثر ما نستطيع من أجل علاج المريض مهما كانت جنسيته ولأننا أولا وأخيرا أشقاء عرب، فالتعامل مع أى جنسية عربية لا يختلف كثيرا عن التعامل مع المصري».


يخرج من غرفة العمليات ملوحا لأهالى المريض بيده اليمنى معلنا نجاح العملية وقهر المرض


إشارة النصر
حالة من الترقب والقلق والتوتر وربما الانهيار من البكاء تصيب كل من الأب والأم أثناء انتظارهما لأطفالهما للخروج من حجرة العمليات ليخرج لهم الطبيب الإنسان الدكتور هانى عبد الجواد «ملوحاً بيديه» إشارة للاطمئنان، ويعلن لهم نجاح الجراحة وعودة أبنائهم للحياة كأطفال طبيعية يستطيعون الوقوف مثل غيرهم، وحول حالات تشوه العمود الفقرى استطرد حديثه قائلا: «تشوه العمود الفقرى شائع عند الأطفال وله أسباب متعددة والأكثر شيوعا والذى يمثل 90% من التشوهات يأتى لأطفال أصحاء ومع النمو يصابون بالتشوه، وهذا الأمر من الممكن أن يحدث من بعد الولادة حتى اكتمال النمو ولكن فى الأغلب يحدث عند عمر 10 سنوات، وهناك أسباب خلقية، حيث يكون الطفل مولودا لديه تشوه فى أحد فقرات العمود الفقرى أو اعوجاج فى العمود الفقرى ويتدرج مع النمو وأحيانا تشوه العمود الفقرى يكون ثانويا ومتزامنا مع بعض الأمراض سواء فى العضلات والأعصاب والأورام العصبية، التى تسبب اعوجاج العمود الفقرى أو تحدبه، فالأسباب متعددة ولكن الذى يجب أن نركز عليه هم الأطفال، الذين يتم ولادتهم أصحاء ومع النمو يصابون بتشوه فى العمود الفقري؛ لأن هذا الأمر يسبب صدمة للأب والأم، اللذين يفاجئان بهذا الأمر ولكنه مرض يصيب الأطفال فى مرحلة النمو مثله مثل أى مرض آخر كالضغط والسكر».
وعلى ظهر طفل أتعبه التحدب الشديد يرسم الطبيب هانى عبد الجواد خطوط الأمل؛ ليعيد فقرات العمود الفقرى إلى مكانها الطبيعي، وحول المقولة الشائعة إن الجراح لابد أن يكون بلا قلب يقول: «وقت إجراء العملية لابد أن يتخلى الجراح عن العاطفة تماماً فلابد أن أتعامل مع المريض فى حجرة العمليات بالخبرات والمهارات التى اكتسبتها على مدار حياتى حتى يحصل على أفضل نتيجة لكن خارج الجراحة أتعاطف كثيرا مع الأهل وأحاول أن اطمئنهم، وأعيش فرحة نجاح الجراحة مع الأطفال والأهل، ولكن فى مرحلة التدخل الجراحى نفسه لا يمكن أن تكون هناك عاطفة لاتخاذ العديد من القرارات الحاسمة داخل حجرة العمليات التى تخص المريض لا يمكن آخذها بالعاطفة بل تؤخذ بالخبرات والمهارات».
هناك العديد من الحالات التى استطاع الدكتور هانى عبد الجواد أن يعالجها والتى عجز الأطباء فى ألمانيا عن علاجها، وتستغرق العملية وقتاً طويلاً من أجل علاج اعوجاج وتشوه العمود الفقرى ويؤكد تعاطفه مع جميع الحالات التى تأتيه وبالأخص الأطفال ويقول: «كل حالة أجرى لها عملية تأخذ جزءا من وجدانى وجزءا من تفكيرى وأعيش معها حتى نخرج ونصل معاً لبر الأمان».
طقوس خاصة
وأكد د. هانى عبد الجواد أن له طقوسا وعادات خاصة جدا يتفاءل بها يوم إجرائه لعملية من العمليات الخطيرة التى اعتاد عليها، ولكنه يحتفظ بها لنفسه ويعتبرها من الأمور الخاصة به.
اللقب الأقرب
وعن ألقاب ساحر العمود الفقرى وسفير السعادة والعديد من الألقاب الأخرى يعلق د. هانى: «ألقاب كثيرة أطلقها الأطفال والأهل علي، لكن أكثر الألقاب القريبة إلى قلبى هى «سفير السعادة» لأنه يعكس ما فى أعماقى من مشاعر وله معنى كبير للغاية، لذا أعتز كثيراً بلقب سفير السعادة».

أضف تعليق

إعلان آراك 2