بعد انتهاء الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، من مهمة تفكيك الاتحاد السوفيتى عمليا عام 1990، وإعلان مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفيتي فى 26 ديسمبر 1991، اســـتقلال عـــدد من الجمهوريات السوفيتية، ومع تصورات انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين (الغرب والشرق) انطلق الفكر الاستراتيجى الغربى المدافع عن قيم الهيمنة وقيادة العالم إلى البحث عن عدو بديل، وأنتجت قريحة مفكرو "الثنك تانك"، مشاريع بحثية عديدة فى هذا الصدد كان أشهرها مشروع القرن الأمريكي الجديد (PNAC) الذى خرج للنور 1997، يدعو حسب الهدف الذى أعلنه منظرو المشروع إلى: "سياسة تقوم على القوة العسكرية والكفاءة الأخلاقية" لكن الحقيقة أن المجمع العسكرى الذى يتحكم فى صناعة الفكر ويحكم جانبا كبيرا من سياسات الولايات المتحدة الخارجية، كان يوجه من خلال هذا المشروع والمشاريع النظيرة إلى البحث عن عدو بديل، تتوجه له أمريكا بالحرب، وقادهم الفكر الصهيونى المستمد من أدبيات التفاسير المؤلة للكتاب المقدس، التى يتبناها أكثر قادة الغرب، وصنّاع القرار فيه إلى اختيار الإسلام لأن يكون هذا العدو، وهكذا وضعوا الإسلام على لوحة التنشين، وكان ما عرفناه بعد ذلك من أحداث تم فيها استهداف عدد من البلدان الإسلامية بالعدوان، وانتشار دعايات الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، فى هذه البلاد.
وخلال الأسبوع الماضى من شهر نوفمبر لهذا العام الجارى 2023 طالعت خبرا قادما من الغرب، فحواه أن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل"، يحذر أوروبا من عداء متزايد فى العالم الإسلامي؛ بسبب اتهامات بالتحيز لإسرائيل وازدواجية المعايير بشأن الحرب فى غزة (بوريل هو الذى يقول)، لكن ما العلاقة بين المقدمة التى سردتها، وتصريح المسئول الأوروبى؟!.
فحوى تصريح المسئول الأوروبى، ليس الأول من نوعه، فقد سبقه تصريحات كثيرة مشابهة فى المعنى، خلال ربع القرن الأخير على الأقل، وخرجت أسئلة كثيرة خاصة من أمريكا تسأل: "لماذا يكرهوننا؟!"، لكن لم تكن أمريكا ولا الغرب يملكان نيات صادقة فى البحث عن إجابة أو حلول حقيقية لمعالجة الأزمة، مع أن الإجابة سهلة وبسيطة وهى: لأنكم سبقتم بالكراهية والاعتداء غير المبررين.
عداء وكراهية الغرب للإسلام والمسلمين، والعرب فى القلب منهما، مصنوعة وممنهجة فى معامل الغرب الصهيونية، وهى سبب من أسباب دعم حكومات وصنّاع القرار فى هذا الغرب لإسرائيل، وتحيزهم الأعمى لها، وازدواجية المعايير التى نشتكى منها ليل نهار فى التعامل مع القضية الفلسطينية، والسؤال: وما الحل؟!.. نجيب إن شاء الله فى مقال قادم.