عملية غزة.. حسابات المكسب والخسارة لجميع الأطراف 4

عملية غزة.. حسابات المكسب والخسارة لجميع الأطراف 4د. وليد فاروق

الرأى10-12-2023 | 07:44

تعرضنا فى المقالات الثلاثة السابقة لعملية غزة فى 7 أكتوبر (حسابات المكسب والخساره لجميع الاطراف) إلى محاولة إيضاح وتفسير للأسباب التى أدت لهذه العملية وبعض من نتائجها وتداعياتها على جميع الأطراف المشاركه فيها سواء بشكل مباشر او غير مباشر.

وبدأنا بالاطراف الفاعله الاساسيه فى هذه العمليه وهى اسرائيل ثم الولايات المتحده الامريكيه الداعم الاول لها ومحركه الاصطفاف الغربى خلف الجانب الاسرائيلى.

واخيرا المقاومه الفلسطينيه بكل فصائلها ( 12 فصيل تقريبا ) وخلصنا الى ان حجم الخسائر الاسرائيليه ضخم للغايه سواء على المستوى الاقتصادى او العسكرى اوالسياسى او حتى المعنوى وان كان أهم خسائرها هو زعزعه الثقه لدى المواطن اليهودى فى قدره هذه الدوله على البقاء والاستمرار داخل وسط (محيطها الاقليمى) اصبح يلفظها اكثر من اى وقت مضى بعد سلسله من الاخطاء السياسيه والعسكريه الجسيمه ادت الى ازدياد معدلات الكراهيه لها بصوره غير مسبوقه لدى جميع شعوب الدول العربيه.

ومن المرجح استمراره لاجيال قادمه بإذن الله .. الامر الذى افقد شعبها الشعور بالامان حاليا او مستقبلا هذا بخلاف الوهن الاقتصادى الناتج عن قله موارد الدوله الطبيعيه وعدم قدرتها على تلبيه احتياجات شعبها وتلبيه احتياجات جيشها المتزايده فى نفس الوقت نظرا لحاله الحرب او الاستعداد لها بصفه دائمه .. اصبح معها الاعتماد على الدعم الأوروامريكى بإستمرار يمثل قبله الحياه للاقتصاد الاسرائيلى .. الا ان هذا الدعم اصبح فى مهب الريح بسبب عدم القدره الاقتصاديه للدول المانحه من جانب.

ومن جانب آخر عدم قبول شعوب تلك الدول لحجم مساعدات مبالغ فيه لدوله تسمى قتل واباده الاطفال والنساء العزل حرب دفاع عن النفس .. !! وبالتالى فقد أصبح نتنياهو فى موقف لا يستطيع معه ايقاف الحرب دون تحقيق اى نتائج ملموسه وواضحه مثل ( الافراج عن الرهائن وعن رفات القتلى اليهود – تهجير الفلسطينيين خارج اسرائيل – القضاء على المقاومه ) ولا يملك ايضا رفاهيه الاستمرار فى تلك الحرب .. !!

أما الجانب الامريكى فقد استيقظ متأخرا بعد سلسه من التخبط وسؤ الاداء المعهوده فى واقع الامر فى إداره بايدن بعد ان شعر متأخرا ان نتنياهو قد احرق حرفيا سمعه الولايات المتحده عالميا فى سبيل تعزيز الاجنده السياسيه الخاصه به ..على حد تعبير احد كبار المسئولين فى الخارجيه الامريكيه صباح اليوم (وهو ما نوهنا عنه بوضوح فى مقالاتنا السابقه) .. الامر الذى توقعنا معه فقد امريكا لمكانتها كقضب اوحد فى العالم اذا ما وضعنا نتائج نفس الاداء المتخبط والباهت فى الازمه الاوكرانيه الروسيه فى الإعتبار .. بالإضافه الى توقعنا بفقد بايدن وحزبه الديمقراطى ( المختطف من الصهيونيه العالميه حاليا ) للمنصب الرئاسى فى الانتخابات القادمه بعد اقل من عام بإذن الله ..حيث يتفاخر بايدن بانتمائه للصهيونيه ظنا منه ان الصهيونيه قادره على ان تاتى به لفتره تانيه كما اتت به فى الفتره الاولى .. فاستخدم حق الفيتو ضد مشروع قرار لمجلس الامن تقدمت به الامارات (الممثل العربى الوحيد فى مجلس الامن فى دورته الحاليه) بفرض مجرد هدنه انسانيه فى قطاع غزه .. !! متحديا امين عام الامم المتحده و 13 دوله من اصل 15 دوله الاعضاء ( بعد امتناع بريطانيا عن التصويت) ليبرهن انه ووزير خارجيته اكثر صهيونيه من الاسرائيليين انفسهم .. ولتذهب مصالح امريكا نفسها الى الجحيم ..؟ وهو ما نعتقد ان الشعب الامريكى لن يغفره له ..

اما على الجانب الفلسطينى فإن حجم الخسائر فى المدنيين وحجم الاصابات (تقدر 65 الف شهيد ومصاب ) طبقا لبيانات وزاره الصحه الفلسطينيه حتى الان بالإضافه الى حجم التهجير وحجم الدمار (50% من البنيه الرئيسيه) للقطاع وحجم الاراضى التى فقدت يوضح بما لا يدع مجالا للشك ان حسابات المقاومه كما كانت دائما غير دقيقه وغير موفقه ..وان الافراج عن بعض المحتجزين لا يستحق كل هذا الدمار والضحايا والدماء وان المكسب الوحيد من العمليه هو كشف الادعاءات الكاذبه لدول محور الشر الجديد ( امريكا – اسرائيل –انجلترا –... ) كونها دول تحمى حقوق الانسان او انها دول تحترم القانون الدولى وهم ابعد ما يكونوا عنه .. وهو نجاح لم يكن بالطبع مستهدف من قبل قيادات حماس وانما تحقق صدفه بدماء الابرياء العزل من اهالى قطاع غزه .

اما فكره تدمير دبابه هنا وجرافه هناك فهذا ليس بنصر طالما لم تستطع منع الاجتياح البرى الاسرائيلى للقطاع (وهو ما اشرنا اليه سابقا عند تعرفينا لاسس النصر والهزيمه ) فاستمرار الجيش الاسرائيلى فى تقطيع اوصال القطاع وتدميره وتهجير اهله بما يعنى تحقيق نصر تكتيكى هو تقدم ملحوظ يقابله تقهقر غير مبرر من مقاتلى حماس وهنا لابد من اقف بكل تبجيل وتقدير واحترام الى ابطال المقاومه الشعبيه من المصريين والمحاصرين فى مدينه السويس يوم 24 اكتوبر عام 1973 والتى استطاعت دون انفاق خرسانيه مجهزه ولا تكديسات لسنوات ولا ملايين الدولارات وبعدد لا يتجاوز خمسه آلاف مواطن من بينهم اقل من 500 جندى وضابط مسلحين بالاسلحه الخفيفه ان تمنع شارون وفرقته المدرعه (2 لواء مدرع ) من دخول المدينه واحتلالها .. !!

بل وانسحب مزعورا بعد ان تكبد قرابه المائه قتيل وخمسمائه جريح حصيله قتال 48 ساعه ..!! ومن ثم فقد اصبح الحديث عن انتصار المقاومه فى قطاع غزه هو حديث امنيات اكثر منه حديث واقع اوحتى فرضيات الامر الذى اضحت معه المقاومه خاصه حماس تلفظ انفاسها الاخيره بعد ان تخلى الجميع عنها نظرا لما يحمله تاريخها من اخطاء قاتله سواء اثناء فتره عملها داخل سيناء ابان احداث 25 يناير اوخلال فتره حكم الاخوان ل مصر .. او قتالها ضد ابناء فلسطين انفسهم من منظمه فتح.

عقب انتخابات 2006 فى صراعهم على السلطه !! الى قتلها لبعض المنتسبين لها بصفه او بأخرى داخل قطاع غزه عند الخلاف فى الرأى من ابرزها اغتيال كلا من (اياد المدهون – يسرا الشامى –رامى عياد-..) تدمير مسجد بن تيميه فى رفح على من فيه من مصليين .. الى نقضها لكل المصالحات التى تمت بينها وبين السلطه الفلسطينيه برعايه المملكه العربيه السعوديه مره و مصر مرات عديده ..وهو الامر الذى اضعف مما لاشك فيه من قدره العمل الفلسطينى ضد الاحتلال.

فهناك الكثير من الاحداث المشينه لحماس التى نرى عدم ملائمه نشرها الان ويصعب سردها فى تلك المساحه الضيقه (وهى تستحق مقالات منفصله) ومن ثم فإننا لا نزيع سرا فى ان الرغبه فى التخلص من حماس تخاطب هوى الكثيرين العدو والصديق .. !!

بل وربما تصادف هوى قطاع عريض من الفلسطينيين انفسهم ولكن اذاحه تلك الحركه لا ينبغى ان يكون على حساب التمثيل بالمواطن الفلسطينى الاعزل المغلوب على امره فى غزه والضفه .. ومن ثم فقد اصبح الجميع يبحث عن اسلوب اداره القطاع فيما بعد حماس ..التى انتحرت سياسيا وامنيا ومن قبلها اخلاقيا.

ولابد ان نشير مجددا فى هذا السياق انه لولا- دماء الابطال من الجيش المصرى فى حربهم ضد الارهاب فى سيناء والتى استمرت لسنوات ويأس وفشل قيادات حماس فى امكانيه التواجد على ارض سيناء بعد افراغ شمال سيناء تحديدا من السكان المحليين وتعمد اضعاف سيطره الامن المصرى عليها تمهيدا لتنفيذ مخططات توسعه قطاع غزه على حساب مصر (سيناء) .. بمساعدات وتشجيع من اطراف محور الشر الجديد مما ادى الى (فشل السيناريو - الثانى للتهجير) حيث كانت توسعه القطاع بموافقه وترضيه الحكومه المصريه فى عهد الاخوان خونه الاوطان هو (السيناريو - الاول للتهجير) .. لما - وجهت حماس سلاحها نحو اسرائيل الان وهو ما ينطبق عليه مقوله (اذا اختلف اللصان – ظهر السارق ).

ولكن ما يحدث الان فى حقيقه الامر يقودنا الى انه جارى تنفيذ عمليه تهجير قصرى للفلسطينيين بإستخدام القوه المفرطه ضد مدنيين عزل فى تحد صارخ لكامل قوانين حقوق الانسان وكافه الاديان والاعراف الدوليه والمبادئ الانسانيه فى حمايه مخططه من دول محور الشر التى تسارعت اساطيلها ومخازن اسلحتها ومحطات الميديا التابعه لها الى دعم اسرائيل بكل قوه ووضوح فى سعيهم جميعا لتنفيذ .. (السيناريو - الثالث للتهجير) سيناريو التهجير القصرى للفلسطينين وفرض امر واقع ( بالقوه) على كلا من مصر والاردن ..!! وتفريغ القضيه الفلسطينيه من مضمونها .. والذى تسعى كلا من مصر والاردن فى تعاون وثيق لافشال هذا السيناريو بإستغلال كل الامكانيات المتاحه لديهم سياسيا ودبلوماسيا واعلاميا وصولا الى حد التلويح بإستخدام القوه لايقافه .

وهو ما نجحت فيه الدولتين الى حد بعيد حتى الان .. ولكن اقصى ما اخشاه هو انه بظهور بوادر افشال هذا السيناريو ان تلجأ دول محور الشر الى تنفيذ السيناريو الحلم الذى يراودهم منذ القدم .. سيناريو تفجير المنطقه بالكامل من الداخل ..وتفتيتها من خلال السماح بتدخل دوله الفرس واذرعها فى المنطقه على الخط فى هذا الصراع .. والذى بدأ التمهيد له الان .. من خلال مناوشات الحوثى جنوب البحر الاحمر ومشاغبات حزب نصر الله فى جنوب لبنان .. لتتحول المنطقه من خلال هؤلاء الى كره لهب تلتهم الاخضر واليابس وهو ما يستحق ان نطلق عليه لقب ( سيناريو- يوم القيامه) .. وهو ما سيكون موضوع مقالنا التالى ان شاء الله..

وللحديث بقية

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2