فصل من حكاية " أورشليم "

فصل من حكاية " أورشليم "عاطف عبد الغني

الرأى26-5-2024 | 15:33

منذ مدة قريبة أظهرت استطلاعات أمريكية أن المسيحيين الصهاينة (الإنجيليون) دعموا إسرائيل في عدوانها علي غزة أكثر من يهود أمريكا أنفسهم..

والسؤال: لماذا يدعم الأصوليون الإنجليون المتمركزون بشكل أساسي في الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل بهذا الشكل الأعمي والمجافي للعقلانية؟!.. الإجابة: لأن هذه الطائفة تؤمن بأن المسيح عيسي بن مريم سلام الله عليه لن يرجع إلي الأرض إلا عندما تقوم مملكة اليهود في فلسطين، وأن هذا الاعتقاد هو مفهوم "الخلاص في المسيحية".

وأن هذا الفهم لدى هذه الطائفة تحديدا جاء من قبولها تفسيرا مدسوسا عمدا ومغلوطا لما جاء في "سفر يوحنا اللاهوتي" وهو سفر رمزي ترتيبه الأخير في أسفار الإنجيل.

وإذا كان هناك اتهام بأن المسيحيين يكرهون اليهود لأنهم حاربوا عيسي المسيح، وسعوا في صلبه (سلام الله عليه) فالحقيقة أن كراهية اليهود أشد للمسيحيين، والتلمود شاهد ودليل، وكشف عن هذا يهود معاصرون أمثال الفيلسوف اليهودي إسرائيل شاحاك، لكن اليهود سعوا على مر الزمان بكل الحيل والطرق، في إلهاء المجتمعات المسيحية في الغرب، والعمل على أن تنسي هذه الكراهية المتوارثة عبر الأجيال حتي يتغلغلوا في هذه المجتمعات، ونجحوا في ذلك، ثم لجأوا إلى تمرير هذا التفسير الحرفي لسفر "يوحنا اللاهوتي"، حتى يحصلوا على دعم المعتقدين والمؤمنين من الكنائس الإنجيلية .

والسؤال: هل يؤمن اليهود بهذا الارتباط الشرطي (لكي يعود المسيح عيسى إلى الأرض لابد أن تقوم مملكتهم أولا)؟! الإجابة بالطبع لا.. إنهم لا ينتظرون عيسى ولم ولن يؤمنوا به، ولكنهم ينتظرون مسيحا آخر من نسلهم، قائد حربي يأتي ويخلّصهم من العبودية والاضطهاد، ينتظرون هذا منذ ما يزيد على 2500 عام منذ أن كانوا أسرى في بابل العراق.

وقد اخترعوا حكاية "مسيحهم المخلّص" تلك من أسطورة فارسية، تقول: إن هناك شخصا يأتي إلي الأرض كل ألف سنة فيخلصها من الظلم والجور وينشر النور والضياء، وبدأ خيالهم المريض ينسج على ما سبق أسطورتهم الخاصة، التي تصلح لآخر الزمان أو نهاية التاريخ، وهم الآن ينتظرون قائدهم الحربي، ملك، المسيح المولود من نسل داوود (عليه السلام)، الذي سيعيد أمجاده، وكذلك يعيد بناء هيكل سليمان (عليه السلام)، وقد تنبأ بهدمه عيسي عليه السلام، قبل أن يحدث هذا بأربعين عامًا، وقال قولته المشهورة وهو يودع المدينة المقدسة: "يا أورشليم يا أورشليم ! يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا.. هو ذا بيتكم يترك لكم خرابا".

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2