الإنفاق على الصراعات بدلاً من التنمية

الإنفاق على الصراعات بدلاً من التنميةحاتم فاروق

الرأى21-7-2024 | 14:41

مع تصاعد وتيرة الصراعات السياسية والعسكرية على الساحة الدولية، يتجه الاقتصاد العالمي نحو تسجيل أكبر معدل للخسائر نتيجة الزيادة الملحوظة في الإنفاق على أعباء الصراعات بما في ذلك توجيه مزيد من الإنفاق للتسليح، ودعم القدرات العسكرية؛ لتكون بديلا عن خطط التنمية والبناء ودعم قدرات الإنسان. ووفق مؤشر السلام العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، فإن مستوى الصراعات الدولية بمختلف أشكالها زادت بمعدل 20٪، لتصل خسائرها على الاقتصاد العالمي، خلال العام المنصرم إلى 19.1 تريليون دولار، أي ما يوازي 13.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفي المقابل نجد أن الإنفاق على تحقيق السلام وحفظه، بلغ العام الماضي نحو 50 مليار دولار فقط، ما يمثل في النهاية أقل من 0.6% من مجموع حجم الإنفاق العسكري الدولي.

النتيجة المباشرة للزيادة الكبيرة في الإنفاق على الصراعات الدولية، تتمثل في تفاقم حجم الدين للأطراف المتصارعة، مع غياب النمو الاقتصادي، وتراجع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن في الدول التي تختار الصراعات وخلق الأزمات، بديلا عن التنمية والبناء، أموال مهدرة وحجم إنفاق هائل يتجه إلى خراب الدول والبلدان، التي تعاني أساسًا من الأزمات الاقتصادية، بل تمتد آثار تلك الصراعات العسكرية في كثير من الأحيان إلى دول أخري، ولو تخيلنا توجيه تلك الأموال والإنفاق العسكري إلى برامج ومبادرات تنموية تعتني بالبشر، لوجدنا أنفسنا أمام عدد هائل من المدارس والجامعات والمستشفيات والمبادرات التي تساهم في تحسين جودة حياة الإنسان بدلاً من تخريبها.. كل المؤشرات تشير إلى أن الدول الكبرى هي المحرك الأول للصراعات العالمية، سواء سياسية أو عسكرية، متجاهلة بذلك مساعي الدول الأقل نموًا للعيش في سلام بعيدًا عن تلك الصراعات، التي تقضي على الأخضر واليابس، وتنهي الجهود الوطنية المخلصة في التخلص من الفقر والجهل والمرض، في حين تلهث القوي العظمي نحو مصالحها في تسويق منتجاتها العسكرية وبيع وتجربة الأسلحة الجديدة للأطراف المتصارعة حول العالم، ومع تجاهل الدول العظمي لنداءات السلام والعدل حول العالم خلال العقد الأخير، بدا واضحًا أن الصراعات ستظل ماثلة على الساحة العالمية لعقود مقبلة، وهو ما جعل مصر تتوصل لصيغة متوازنة في التعامل مع تلك الصراعات، وهي الصيغة التي تعمل على المضي قدمًا في برامج التنمية وبناء قدرات الإنسان المصري في مختلف المجالات العلمية والقطاعات الاقتصادية، بالتوازي مع بناء القدرات العسكرية المصرية لتكون قوة ردع لكل من يريد بمصرنا الغالية التخلف عن ركب التقدم والنهضة الشاملة.

أضف تعليق

الاكثر قراءة

تسوق مع جوميا
إعلان آراك 2