ناجح إبراهيم يكتب: السادات .. داهية عصره

ناجح إبراهيم يكتب: السادات .. داهية عصرهناجح إبراهيم يكتب: السادات .. داهية عصره

*سلايد رئيسى27-12-2018 | 20:50

يعد السادات أكثر حكام مصر دهاءً وأفضلهم إنجازاً،انتصر في حرب أكتوبر وهو أول نصر حقيقي للعرب علي إسرائيل،وانتصر في معركة السلام وحرر أرضه بينما فشل الآخرون مثل سوريا في تحرير الجولان سلماً أو حرباً.

ولو لم يكن للسادات من فضل سوى نصر أكتوبر لكفاه وأغناه،فهذا النصر نقل مصر والعرب جميعاً نقلة غير مسبوقة إلي الأمام في كل الميادين،وكان سبباً في غني الخليج. تحولت مصر وقتها إلي المدنية الفاضلة حيث لم تسجل الشرطة في ربوع مصر كلها حادثاً واحداً,وتلاحم الشعب بشكل رائع خلف أبنائهم في الجبهة.

ولكن السادات ظلم من معظم الأطياف السياسية,من اليساريين والاشتراكين والناصريين الذين حرقوا الأرض تحته وحولوا حسناته إلي سيئات وحول بعضهم نصر أكتوبر إلي هزيمة سياسية،وحولوا هزيمة يونيه إلي نصر سياسي,مع أن ذلك لا يحدث إلا في خيالاتهم.

أما الظلم الأكبر للسادات جاء من الإسلاميين الذي أعطاهم قبلة الحياة فمنحوه قبلة الموت ووهبهم حرية الحركة والدعوة فإذا بهم ينساقون خلف خصومه دون تبصر،ويهيلون التراب علي إنجازاته. تذكر الجميع للسادات خطأ التحفظ الذي طال معظم رموز المجتمع المصري غافلين عن أهم إنجازاته فهو الوحيد في تاريخ مصر بعد ثورة يوليو الذي ألغي التعذيب وقانون الطوارئ الذي جثم فوق رؤوس المصريين سبعين عاماً.

جاء السادات للحكم مقيداً,فكل أركان حكمه كانوا يكرهونه ويرون أنه ليس جديراً بالحكم،ولا يصلح أن يحل بديلاً لناصر،والسوفيت يكرهونه وهو يكرههم ولا يثق فيهم ولهم آلاف الخبراء العسكريين،وإسرائيل تحتل سيناء والوضع الاقتصادى والسياسي والعسكري في غاية الصعوبة فتغلب علي ذلك كله بطريقة أذهلت الجميع. فقد أستطاع خداع مراكز القوى وكان أذكي منهم وسابقاً لهم بخطوات،وكان وحده ضده وزراء الدفاع والداخلية والمخابرات وأمن الدولة ونائب الرئيس وزعماء الاتحاد الاشتراكي فهزمهم جميعاً بضربة واحدة قائلاً:إنهم يجب أن يحاكموا بتهمة الغباء السياسي,وخدع الاتحاد السوفيتي وحصل منه علي أحدث الأسلحة التي لم يعطوها لناصر ثم طرد خبراءهم العسكريين بعد ذلك,وخدع إسرائيل وأوهمها أنه ضعيف لا يقوي علي قرار الحرب ثم فاجأها بالحرب,وخدع بيجن في السلام وانتزع منه سيناء كاملة,وتركه يعيش مصاباً بالاكتئاب لتفريطه في الأرض التي تنزلت فيها التوراة علي موسي. حلل البعض شخصية السادات بأنها شخصية مركبة تحوى مزيجاً من الشخصيات منها "الفلاح المصري"المجامل للآخرين,والمساعد للفقراء والمحب لهم والذي يوفي لمن أسدى له الجميل,وشخصية الممثل القدير,الذي لا يعجزه أي دور ويتقمص أي دور,فهو اشتراكي في الاتحاد الاشتراكي,وناصري مع ناصر,وملكى مع الحرس الحديدي. أما الرافد الثالث لشخصيته أنه لم يكن يحمل حقداً لأحد,فقد يغضب علي البعض غضباً شديداً ولكنه يصفو سريعاً ولا يؤذيه.

أما المكون الأكبر فهو الدهاء السياسي الفذ لأنه عاش حياة سياسية طويلة ودخل في تنظيمات وأحزاب رسمية وغير رسمية ودخل مستنقع السياسة صغيراً,وظل طوال فترة ناصر يرقب بعمق ويخزن الأفكار.

أما المكون الأخير أنه كان متديناً مواظباً علي الصلاة ويحب سماع القرآن والتواشيح,وكل هذه الخلطة العجيبة كونت شخصية السادات التي أكثر عمقا وتجربة من عبد الناصر,رحم الله السادات الذي قتل مظلوماً كما قتل عثمان بن عفان.

    أضف تعليق

    إعلان آراك 2