القس بولا فؤاد يكتب: الصوم الكبير .. عودة إلى الله

القس بولا فؤاد يكتب: الصوم الكبير .. عودة إلى اللهالقس بولا فؤاد يكتب: الصوم الكبير .. عودة إلى الله

*سلايد رئيسى25-2-2020 | 11:26

بدأت الكنيسة الأرثوذكسية رحلة الصوم الكبير ومدته ٥٥ يوماً ( أسبوع الاستعداد، وأربعون يوماً كما صامها السيد المسيح، وأسبوع الآلام). وينتهي هذا الصوم بالاحتفال بعيد القيامة المجيد. الصوم هو أول وصية إلهية للإنسان، بل الوصية الوحيدة في الفردوس، فقال ألله لأبونا آدم : “ من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً وأما شجرة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت " ( تك ٢: ١٦- ١٧). فأراد الله أن يقول لآدم" ليست حياتك من الطعام بل بي. إذا أكلت بدوني فستموت " وأراد الشيطان أن يثبت العكس لآدم" أن الحياة بل والألوهية تكمنان في الأكل فقط، حتى لو كان مخالفاً لوصية الله الصالحة " وانخدع آدم فعاش ليأكل، وكرس الناس كل جهدهم وعمرهم من أجل " لقمة العيش" وبات الناس لا يفكرون إلا في المأكل والمشرب، والمتع الحسية، حاسبين أنها وحدها سبيل السعادة والحياة بمعزل عن الله. مع أن الواقع نفسه يعلن فشل هذه الأفكار، فليست سعادة الإنسان بالمادة بل" بالله الحى" الصوم عن الطعام هو إعلان عملى عن أنه " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله" ( لو ٤:٤). الصوم : ليس مجرد فضيلة جسدية، وليس مجرد الامتناع عن الطعام فترة زمنية أو الامتناع عن الأطعمة ذات الدسم الحيواني، إنما هناك عنصر روحي فيه وهو السيطرة على الإرادة والفكر والكلام، بالامتناع عن كل ما هو غير لائق، مع تقديم توبة. الصوم الكبير هو أعظم فرصة لأولاد الكنيسة ليعبروا عن ضعفات النفس خاصة الأشياء الصعبة جداً والمستعصية علينا. القصد الإلهي من الصوم هو الجهاد المستمر بإيمان ضد الذات وإغراءات العالم والجسد حتى نصل إلى نقاوة القلب التي بها نعاين الله. فالصوم هو الوسيلة لضبط الأهواء والشهوات لتحرير النفس من الذات ومن الرباطات المادية كي ترجع إلى الله. كيف نبدأ الصوم؟ ١- بعزيمة قلبية وبداية قوية. ٢- بالصلاة والصدقة " صالحة الصلاة مع الصوم والصدقة خير من إدخار كنوز الذهب" ( طو ١٢: ٨). ٣- تدريبات روحية. ٤- صوم القلب ينعكس على المظهر الخارجي. ٥- الصوم يؤهل النفس للانتعاش الروحي. ٦- الصوم ليس فرضا أو عبئا، ولكنه احتياج يسعى إليه القلب. ٧ - الصوم هو أروع مجال لظهور بر الله في حياة التائبين. ٨- الصوم هو الطعام اليومي للحياة الروحية. ٩- الصوم يبدأ بالتوبة وينتهي بالقيامة. كيف أستفيد من الصوم؟ ١- الاتجاه للداخل : بمعنى أن يصير الصوم مصحوباً بعشرة مع الله، ويكون فرصة لغذاء الروح من خلال الخلوة والصلاة والقراءات المقدسة، ومصحوبا بصوم الفكر والحواس، وصوم الجسد عن الشهوات.. " ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم" ( يؤ ٢: ١٣). " قدسوا صوما نادوا بإعتكاف" ( ٢: ١٥). ٢- عمل الرحمة: " أليس هذا صوما أختاره: حل قيود الشر. فك عقد النير، وإطلاق المسحوقين أحرارا، وقطع كل نير. أليس أن تكسر للجائع خبزك، وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك؟ إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك" ( اش ٥٨ :٦-٧) ٣- التوبة الجماعية ( قداسات الصوم اليومية) من خلال منهج الكنيسة الرائع ( في قراءاتها، وألحانها، وطقوسها، وقداساتها). ٤- فترة الانقطاع والتداريب الروحية: الصوم فيه فترة انقطاع ويصاحبه بعض التداريب الروحية التي تشبعك بالمسيح مثل ( صلاة يسوع السهمية، حفظ المزامير، قراءة سير القديسين، عدم الإدانة.......). ٥- الصوم بوعى واستنارة: يجب إن نعى أن الصوم لا يهدف إلى إضعاف الجسد وإنه ليس غاية في حد ذاته، ولا يجب أن يكون نوع من الضغط أو الكبت الجسدي، بل هو وسيلة نصل بها إلى نقاوة القلب.، وإعطاء الروح القدس الفرصة ليقودنا إلى المسيح، وعلامة صحته هي الفرح الحقيقي الذى يتولد داخلنا خلال الصوم. يا رب أنا لا أريد أن أحيا بذاتي الضعيفة، بل أحيا واتحرك وأعمل بك. فارحمني، واقبلني، وسامحني، واصلح كل ما أفسدته الأيام فيّ. يا رب امسك مشرطك المعقم بالحب ومزق، لتستأصل الدنس من قلبي. أعنى يا رب لكي أكون كما تريد أنت، وليس كما أريد أنا.... آمين. كل عام وأنتم بخير وسلام بصلوات قداسة البابا تواضروس الثاني أن يحفظ الله بلادنا مصر ورئيسها وشعبها.
أضف تعليق

إعلان آراك 2