داليا مجدى عبد الغنى تكتب: بُسطاء... لكن حُكماء

داليا مجدى عبد الغنى تكتب: بُسطاء... لكن حُكماءداليا مجدى عبد الغنى تكتب: بُسطاء... لكن حُكماء

* عاجل3-3-2020 | 21:18

الغالبية العُظمى جُبلت على الاعتقاد بأن كلمة "عالم"، تطلق على أصحاب العلم والعُلوم، والحاصلون على أكبر الشهادات، والدرجات العلمية، ومن نجحوا في اكتشاف أشياء جديدة، وحازوا على الكثير من الجوائز التقديرية وغيرها. وهذا في حد ذاته جُزء من شكل العالم المُعرف لدى الناس، ولكن هُناك علماء من نوع آخر، وهم أشخاص بُسطاء جدًا، لم تُدون أسماؤهم في موسوعة علمية، ولم يحصدوا أي جوائز تقديرية أو تشجيعية، ولم يذكرهم التاريخ، ولو بصُدفة، ورغم ذلك أثروا في كل من عرفهم، وأثروا الحياة رغم بساطتهم. وهؤلاء العلماء ربما حصلوا على قدر بسيط من التعلم، وربما لم يحصلوا حتى على هذا القدر، ولكنهم رغم ذلك نجحوا فيما فشل فيه الكثير من أصحاب الشهادات والعُلوم، هؤلاء الأشخاص هم "الحكماء بالفطرة"، أي الشخص الحكيم، الذي يتعمق في كل أمور ومناحي الحياة، ويُحاول أن يُفكر قبل أن يتكلم، ويتأنى قبل أن يُصدر قرارًا، ويُشاور قبل يشرع في التنفيذ، والذي يلتمس لغيره أكثر من عذر، قبل أن يُصدر حكمًا عليه. فهؤلاء الأشخاص هم من نجحوا في تغيير حياة الكثيرين، واستطاعوا أن يُنيروا بصيرة من كانت على عيونهم غشاوة، ولم يغتروا بما يملكوا، أو أرادوا أن يتعلموا من كل شخص يلتقون به، حتى لو كان أقل منهم. فهذه النوعية من البشر هي من تعيش بشكل فلسفي، فهي لا تبحث عن الصيت والشهرة، ولكنها تبحث عن الأثر الطيب، الذي تتركه في نفوس الآخرين، فلا يعنيهم أن يُدونوا ألف كتاب، يُحفر عليه أسماؤهم، بقدر ما يعنيهم أن يُغيروا من فكر إنسان، ويخرجوا به إلى بر الأمان. فهم لا يبحثون عن المجد، وإنما يبحثون عن الفكرة الصالحة التي تعيش، فهم يصنعون المجد، دون أن يُنسب إليهم، فهذا هو قمة الحكمة، والغريب أن تلك الأشياء، وللصدفة العجيبة، لم تحدث إلا من البسطاء فقط!
    أضف تعليق

    إعلان آراك 2