عاطف عبد الغنى يكتب: مرة أخرى.. الجيش العربى المشترك

عاطف عبد الغنى يكتب: مرة أخرى.. الجيش العربى المشتركعاطف عبد الغنى يكتب: مرة أخرى.. الجيش العربى المشترك

* عاجل16-7-2020 | 23:11

على طرفى نقيض يقف الآن العرب، ضد حلف تركيا قطر وإيران، ولتقوية موقفها والمضى فى عنادها اندمجت قطر الإمارة المارقة في هذا الحلف لتنافس قوى إقليمية أخرى، فى المنطقة على رأسها مصر، وتنافس زعامة جارة خليجية كان يجمعهما مجلس التعاون الخليجى، بينما تلعب إسرائيل - لتنفيذ مخطاطاتها - من وراء الكواليس.

(1)

وتمخضت هبات ما يسمى "الربيع العربى" عن فرض عدد من المواجهات الصريحة، على مصر، وبدا كما لو كان المقصود أن يتم تطويقها من جهاتها الجغرافية الأربعة. فى الشمال الشرقى، سيناء "بوابة الشرق" وساحة المعارك الخلاصية فى التاريخ المصرى، وعلى الحدود مع غزة وإسرائيل تخوض مصر معركة شرسة مع مليشيات الإرهاب الإسلاموية، وفى الغرب (شرق ليبيا) تم زرع ورعاية فصيل أخر من جماعات الإرهاب الإسلاموي، وقوت شوكتها فى الشهور الأخيرة بعد زيادة الدعم التركى – القطرى لها، فى رهان أخير من الداعمين لخلق كيان منظم ودائم للإسلام السياسى المأزوم بشدة، إن لم يستطع الانتصار على مصر، فهو شوكة فى جنبها، وإثبات للوجود، ونهب للثروات، بعد الانكسار الكبير لتنظيم الإخوان فى 30 يونيو 2013. وفى الشمال الشرقى على الحدود من سوريا، تفرض تركيا صراعا أخر يبدو أنه بعيدا عنا، لكنه ليس كذلك، إذا كان الأمر يتعلق بعدم سقوط الدولة السورية وتقسيمها، وهو ما سوف يؤثر بشدة على المنطقة كلها. وفى الشمال – أيضا – تناوش تركيا فى البحر المتوسط، خارج مياهها الأقليمية والاقتصادية معتدية على حقوق مصر وقبرص واليونان فى ثرواتها الطبيعية والغاز تحديدا، وفى الجنوب هناك أزمة سد النهضة.

(2)

ويبدو لغير المتعمق أن هذه المواجهات حديثة، ومرتبطة بأحداث ثورتى ٢٥ يناير و ٣٠ يونيو، والحقيقة أن جذورها تمتد تاريخيا إلى ما قبل الحدثين، ولكن جاءت تداعيات الحدثين لتفجرها على النحو الذى نراه الآن، وقد تداخلت فيه دوائر الصراع وتشابكت، وعلى سبيل التوضيح، فعلاقة جماعة الإخوان الإرهابية، بتركيا تمتد إلى أيام تكوين الجماعة، وبالتزامن تقريبا مع سقوط الإمبراطورية العثمانية خلال النصف الأول من القرن العشرين، هذه الإمبراطورية التى حملت على سبيل الخداع المتعمد اسم دولة الخلافة الإسلامية، فلما سقطت وتفككت، رفع الإخوان شعار إعادة إحياء الخلافة (الإسلامية)، وتوالت الأحداث كما نعرفها، من تحولّ الإخوان (الجماعة الأم) إلى العمل المسلح ضد الدولة (المصرية)، ثم ولادة جماعات التكفريين من رحم الإخوان مع الوقت، وصولا إلى الظرف الحالى وقد صارت تركيا تستأجر المليشيات الإسلاموية بأجور مدفوعة، وتدعمهم لتكوين دولة أشبه بداعش غرب مصر، لتحارب بالوكالة العرب لصالحها (!!)

(3)

أما أزمة سد النهضة فهى فصل تمهيدى من حروب المياه التى بشرت بها وابتدعتها الصهيونية، وقد عملت إسرائيل بكل الطرق الممكنة، وكل الأساليب لسنوات طويلة حتى تستولى على مياه العرب، والاستيلاء على أنهارها، حينما استولت على منابع نهر الأردن، والحاصباني 1967، وأنهار الجولان وجنوب لبنان، إلى محاولة الحصول على حصة من نهر النيل، وقد حاولت كثيرا أن تقايض مصر عليها، ولم تنجح فى سعيها فاتجهت لدول حوض النيل الأفريقية تخترقها بالخديعة، والترهيب، للحصول على المياه وتعطيش مصر إن استطاعت.

(4)

لقد جرت هذه الصراعات، الظاهر منها والمستتر الذى ترعاه أجهزة مخابرات وسياسيين فى الخفاء، إلى مواجهات مباشرة، بعد انتهاز هذه الأطراف التى ذكرناها موقف الضعف، والانشغال بالداخل، بعد ٢٥ يناير 2011، وظنت هذه الأطراف أن الظرف موات لتحقيق خططهم المؤجلة، (الإخوان، وتركيا، وقطر، وأثيوبيا)، وجاء تصحيح المسار فى 30/6/2013، ليقلب كل الموازيين، ويلخبط كل الحسبات، ليس عند الأطراف المذكورة آنفا، ولكن فى أماكن ودول أخرى من العالم، لكن أطراف الصراع لم تستطع التوقف فالتراجع بالنسبة لها يعنى خسارة كبيرة، فاختار البعض منها التصعيد. والعرب أدركوا حجم الأخطار بعد هبات الربيع العربى، وأدركوا أن مصر تقف حائط صد أولى ضدها، وأن معركة مصر هى المعركة الكبرى فى حرب التفتيت والتجزئة وتصعيد إسرائيل لتفرض هيمنها على الأقليم، هذه الحرب الممتدة منذ مشروع إحياء القومية العربي، صراع الشطر الأكبر من القرن العشرين والعهد الناصرى، ومصر الآن تحت قيادة الرئيس السيسى لا تريد أن تفرض على أحد مشروع سياسى وحدوى، لكنها القومية تطلب العمل العربى المشترك، فى حد المستطاع والممكن، وهو كثير وهناك من القادة العرب الذين يشاركوننا مصر النوايا الطيبة، ويساندون، لكن التحديات أكبر بكثير فى غياب الآليات.. فهل يفكر العرب فى إحياء مشروع الجيش العربى المشترك؟.. أتمنى أن يفعلوا.
أضف تعليق