داليا مجدى عبد الغنى تكتب: الفناتازيا المنطقية

داليا مجدى عبد الغنى تكتب: الفناتازيا المنطقيةداليا مجدى عبد الغنى تكتب: الفناتازيا المنطقية

* عاجل16-9-2020 | 21:16

كثيرون لا يستسيغون الأعمال الفنية التي تعتمد على الفانتازيا؛ لأنها تخرج عن الإطار الواقعي، فلا يتعاشون معها؛ لتنافيها مع المنطق الواقعي، ومن تلك الأعمال الخيال العلمي، والأساطير، وغيرها من الأعمال التي تنبني على أسس خيالية، لا تمت للواقع بصلة، ولكن رغم أن نقدهم قد يكون فيه شيء من المنطق؛ لأن العمل الفني يكون أقرب إلى الإنسان عندما ينقل حياته وواقعه الذي يعيش فيه، إلا أننا لو نظرنا للفانتازيا من منظور آخر، سيتراءى لنا جانب آخر في غاية الأهمية، وهو أن الفانتازيا رغم مُتعتها البصرية والتشويقية، والتي تجعل الخيال خصبًا، فهي تكون أفضل وسيلة لنقل رسالة اجتماعية أو سيكولوجية. والدليل على ذلك، الرواية العالمية الخالدة "دكتور جيكل ومستر هايد"، للرائع "روبرت لويس ستيفنسون"، فهي تعتمد في أحداثها على الفانتازيا، ولكنها نقلت رسالة سيكولوجية رائعة، وهي ألا نُطلق العنان للجانب السيكوباتي أو الشرير بداخلنا، حتى لو كان يُسبب لنا بعض النشوة والفوز باللذات، ومُتعة المُغامرة؛ لأنه تدريجيًا سيُصبح هو الجُزء الأكبر من حياتنا، وسيطغى على الجانب الإيجابي والخير بداخلنا؛ حتى يذوب الخير ويتلاشى وينصهر، ولا يبقى إلا الجانب السلبي الشرير. وأكبر دليل على نجاح تلك الرواية، أنها عاشت سنوات طويلة، وتم ترجمتها لأكثر من لغة، علاوة على أنها تحولت إلى أكثر من عمل سينمائي، ونظرًا لاحتوائها على رسالة إنسانية سامية. وكذلك رواية "صورة دُوريان جراي"، للكاتب العالمي "أوسكار وايلون"، فهي فانتازيا واضحة وجلِّية، ولكنها حملت رسالة اجتماعية نبيلة، وهي أن الإنسان الذي يعتمد على مظهره وشكله الخارجي، كأساس لفعل أي شيء، طالما أن شكله سيغفر له أي سُلوك ينتهجه، فهنا بلا شك ستموت روحه، وتلك الروح ستظهر تدريجيًا على وجهه، وتجعله دميمًا، فالهدف كان ألا نُحب وُجوهنا الجميلة على حساب أرواحنا، فالروح هي الأساس، وهي الباقية، ونجحت تلك الرواية، وتم تحويلها إلى أعمال سينمائية أيضًا؛ نظرًا لعُمق فكرتها، وبراعة سردها. وعليه، فالعِبْرة ليست بالفانتازيا، وإنما بالرسالة والهدف منها، ولا يهم إن كانت الرسالة قُدِّمَتْ عن طريق الفانتازيا أو الواقع، المهم أن ينجح العمل في توصيل رسالته.
    أضف تعليق

    إعلان آراك 2