يعود عمر "وادي الحيتان" إلى أكثر من 40 مليون سنة، وهي منطقة داخل محمية وادي الريان بمحافظة الفيوم، وصلت إليها بعثات أجنبية منذ أواخر القرن الـ19، حيث تم اكتشاف أول جزء من عظمة حوت في جزيرة "القرن الذهبي" بمحمية قارون القريبة من وادي الريان. توالت البعثات التي أكدت تميز حفريات الفيوم، إلى أن وجدوا أرجلًا خلفية صغيرة الحجم لهيكل حوت، أوضحت دليل تطور الحيتان من ثدييات برية، وتكونت لديها أرجل تساعدها على الحركة، تضاءلت مع التغيرات المناخية حتى اختفت تمامًا، لتصبح الحيتان بالصورة التي نراها الآن ثدييات مائية.
منطقة وادي الحيتان التي تضم أكبر تجمع لهياكل الحيتان، التي عاشت هناك بسبب التيارات المائية الهادئة في عصور سحيقة حيث توفر الغذاء من أسماك متنوعة وعرائس البحر، وكانت الحيتان مفترسة تمتلك فكًا قويًا، عكس الحيتان الموجودة الآن، التي تعتمد في غذائها على فلترة المياه لأكل الهائمات الحيوانية لأنها بدون أسنان. يعود عمر الحيتان بالمنطقة إلى 45 مليون سنة، فترة العصر الأيوسيني، وكانت المنطقة مغطاة بمياه البحر التيسي "البحر الأبيض المتوسط الآن"، وبسبب التغيرات المناخية المتقلبة، بدأت المياه في الانسحاب ليتكون القطبان الشمالي والجنوبي.
في البداية يقول الدكتور محمد سامح مدير عام محميات المنطقة المركزية استطاعت بعثة مصرية كاملة اكتشاف الحوت المتكامل الذي يصل طوله إلى 18 مترًا في إبريل 2015، بعد أن تم اكتشاف أول هيكل بواسطة بعثة أجنبية كانت تدرس طبيعة المنطقة. ويضيف سامح أن أصعب الحفريات التي تم استخراجها هو "حوت دورودن" فقد كان يستقر على طريق رملي رأسي على ارتفاع 90 مترًا، "من الصعب الصعود إليه،لأنه يتميز بعظام قوية في حالة الوفاة تلتف حول بعضها البعض، وحتى لا يتضرر تم عمل "جاكت جبس" لنقله بأمان.
كما أشار مدير إدارة المحميات بوزارة البيئة (قروش الملائكة"، )تلك المحاريات التي اكتشفت بوادي الحيتان، وتشبه العملة المعدنية وهي موجودة بكثرة في الأحجار التي صنعت منها أهرامات الجيزة.
ويؤكد الدكتور محمد سامح على ان الحفريات ستخلق نوعًا جديدًا من السياحة التي من شأنها زيادة الدخل القومي وجلب العملة الصعبة، إذا أصبحنا قادرين على استغلالها على النحو الأمثل، "عمل الحفريات مستمر ولن يتوقف، فالصحراء الغربية مليئة بهياكل الديناصورات التي تعود للعصر "الكريتاسي".
كما حصل فريق الحفريات على جائزة أحسن متحف في مصر ولأول مرة يحصل عليها متحف غير أثري، من المجلس الأعلى للمتاحف، وتشيد "اليونسكو" بمجهودات الفريق في المؤتمرات الدولية المعنية بالسياحة الجيولوجية وتشدد على نجاح خطة إدارة المكان، التي ساهمت في أن يوضع "متحف الحيتان" في قمة التراث الجيولوجي عالميًا.
واستطرد قائلا انه تم تسجيل محمية وادي الحيتان عام 2005 كمنطقة للتراث العالمى غير مسبوقة للهياكل العظمية وهياكل الحيتان وعرائس البحر التي تصور نشاط هذه الكائنات التي عاشت 40 مليون سنة.
وعن الربط بين الحفريات والتغيرات المناخية قال مدير المحميات بوزارة البيئة دكتور محمد سامح أنه تم إنشاء متحفا بالمحمية عام 2016 متحفا للحفريات وتغير المناخ ومن خلال نوافذ بالمتحف تبين تغير أشكال الحياة على مدار ملايين السنين تبعا لتغير المناخ على كوكب الأرض منذ نشأته وصولا للعصر الحديث الذي يشهد الكثير من قضايا تغير المناخ وتحديات نواجهها الآن ومشكلات قد نواجهها فيما بعد ونظرا لأهمية الحفريات فى تحديد العلاقة بين التغيرات المناخية والتنوع البيولوجى على مر العصور
ويؤكد مدير المحميات على انه ثبت بالدراسات العلمية مدى تاثير الحفريات على التغيرات المناخية الموسمية والعامة من ارتفاع درجات حرارة واعاصير وعواصف وتدخلات بشرية سلبية وما ينتج عنها من انبعاثات سامة على الكائنات الحية فكانت سببا لهلاك وانقراض بعضها او تغير حالتها او هجرتها.
ويشير الدكتور محمد سامح إلى أن متحف الحفريات بمحمية وادي الحيتان بمحافظة الفيوم يحتوي على مقتنيات نادرة عمرها ملايين السنين والذي يعد الأول من نوعه في العالم، ويتميز بتصميمه المعماري المتماشي مع طبيعة وادي الحيتان، ما يساعد على إظهار كنوز وثروات مصر الطبيعية، والكشف عن تغيرات المناخ من خلال الحفريات التي تم اكتشافها في منخفض الفيوم، خاصة وادي الحيتان.
واضاف سامح انه يوجد بالمتحف 1500 هيكل عظمى لحيتان وعرائس البحر الذين عاشوا منذ 40 مليون سنة في منطقة صحراوية كانت في الماضى جزءا من البحرالذى كان جزء من المحيط قبل ان يتم انحساره.
كما يعرض متحف الحفريات حوت "الباسيلو سورس إيزيس" وهو أضخم حوت متحجر، بالإضافة إلى مجموعة نادرة من حفريات الفقريات وعن طريق تغير شكل أرجل الحوت الباسيلوسورس إيزيس كدليل القاطع على تطور الحيتان وانتقالها من كائنات أرضية تعيش على اليابسة إلى كائنات بحرية تعيش في البحار والمحيطات،
فمثلا حينما سجل جدر "باليرمو" ارتفاع مستويات فيضان النيل ومع استعمال المصريين لمياه النيل انخفض اندفاع النهر مما أدى الى مجاعات مما أصاب منطقة الفيوم بالجفاف مما اجبر البشر على الانتقال الى ضفاف النيل منذ أكثر من 7 آلاف سنة.
ويوضح دكتور محمد سامح انه على الانسان فى كل مكان العمل على الحد من تأثيرات التغيرات المناخية على الطبيعة والبحث عن مصادر للطاقة صديقة للبيئة، وتبنى العادات الموفرة للطاقة، والتحول الى الطاقة الخضراء، الى جانب الحفاظ على مصادر المياه والعمل على اعادة تدوير المخلفات فى الاستهلاك اليومى، والحد من زيادة السكان لما تسببه من كثرة فى استهلاك الوقود وما ينتج عنه من الاحتباس الحرارى الذى يؤثر سلبا على الكائنات الحية بشرية او نباتية او حيوانية.