قديما ومع بداية ظهور فن التمثيل فى مصر كانت هناك العديد من المصاعب والعقبات التى واجهت رواد هذا الفن الأوائل، الذين واجهوا عادات وتقاليد المجتمع وقتها، والتى كانت تنظر لهذا الفن وللممثل نظرة متدنية ولا تقبل العائلات أن يعمل أبنائها بالفن والتمثيل ويعتبرون هذا عاراً كبيراً، فما بالنا بعمل النساء بهذا الفن وقتها وكيف كان ذلك معضلة كبيرة ومواجهة قاسية مع تقاليد المجتمع حينها.
ففى منتصف القرن التاسع عشر عرفت مصر مسارح التمثيل لأول مرة ، وكان أول من أدخل هذا الفن إلى مصر رجل سورى اسمه خليل النقاش جاء إلى مصر وأنشأ أول فرقة تمثيلية وقدم عروضه على المسرح الكوميدى الذى أنشأه الخديوى إسماعيل بالقرب من دار الأوبرا.
وبالطبع كان لابد من وجود عنصر نسائى فى سياق أى عمل تمثيلى، لذلك واجهت فرقة خليل النقاش مشكلة انعدام هذا العنصر فى الفرقة فى هذا الوقت المبكر الذى لم تكن فيه النساء يشاركن فى العديد من المجالات وبالأحرى فى مجال التمثيل الذى كان حديث عهد فى مصر.
لذلك لجأ خليل النقاش لخدعة من الخدع المسرحية لحل هذه المشكلة، حيث كان يختار من فرقته الشباب ذوى الوسامة والوجوه الجميلة ويعهد إليهم بتمثيل الأدوار النسائية فى المسرحيات، فكان من المألوف حين يسأل أحد عن اسم الممثلة التى قامت بدور ما فى إحدى المسرحيات أن تكون الإجابة بأن من قام بالدور هو الأنسة حسن أو السيدة عبدالعليم.
وظلت التقاليد عائقاً أمام اشتراك النساء فى التمثيل حتى قرر رجل سورى آخر كان قد يسمى القبانى أن يتغلب على منافسيه من اصحاب الفرق بأن يدخل العنصر النسائى لأول مرة فى الأعمال المسرحية ، ولكنه لما رأى أنه من المستحيل أن يجد فتاة من أسرة مصرية تتحدى التقاليد لتكون أول من يظهر على المسرح ويعمل بالتمثيل سافر إلى سوريا واستعان بفتاة جميلة اسمها " لبيبة مانيللى" التى بدأ ظهورها على المسرح بتقديم بعض الأغانى الشامية بين الفصول حتى تدرجت وشاركت بالتمثيل ، وأحدث ظهور هذه الفتاة على المسرح ضجة ودوياً كبيراً زبدأ أصحاب الفرق والمسارح الأخرى فى الاستعانة بالعنصر النسائى واختيار من يصلحن للتمثيل على المسرح ، وكان أغلبهن فى بداية الأمر من السوريات، وكان منهن ممثلة سورية جميلة اسمها "ميليا ديان" تميزت بصوتها الجميل وإجادتها للهجة المصرية، ولفتت انتباه الشيخ سلامة حجازى فضمها لفرقته وبعدها شاركت نجيب الريحانى حين كان يجسد شخصية كشكش بيه، وافتتن كثير من الشباب بهذه الفنانة الجميلة لدرجة أن بعضهم التحق للعمل بالفرق المسرحية حتى يكون قريباً منها، وتحول هؤلاء الشباب بعد ذلك إلى فنانين ورواد للتمثيل.