يعتبر الملك تحوتمس الثالث من الملوك التى تجلت اعمالهم وخلد ذكراهم التاريخ فهو أول من منشئ للإمبراطورية المصرية ، تولى الملك تحوتمس الثالث حكم البلاد فعليا من وجهة نظرنا وعمره حوالى ٢٨ عام بعد وفاة الملكة حاتشبسوت إلا أنه قد اعتبر نفسه حاكما للبلاد بخلافته المباشرة لأبيه تحوتمس الثانى وهو لا يزال صغيرا وان الرب آمون قد قام باختياره بنفسه عندما كان صبيا فى معبده يتعلم على يد الكهنة ، قام الملك تحوتمس الثالث بالتخلص من أعداءه الذين وقفوا ضد توليه الحكم منذ صغره مناصرين الملكة حاتشبسوت ، كما أوقف التمرد الذى كان من أعداء مصر شمالا وجنوبا والذى ظهر فى نهاية عهد الملكة حاتشبسوت وقد أخذ الملك تحوتمس الثالث على عاتقه حماية حدود البلاد داخليا وخارجيا كما اصر على صد المؤامرات ضد الحكم المصرى لبعض المناطق المحيطة بمصر كما قام باحضار ٣٦ من أبناء أمراء البلاد الأجنبية وأمر بتعليمهم العادات والثقافات المصرية وغرس فيهم الإنتماء ليعيدهم لأراضيهم منتمين لمصر وليضمن ولائهم عندما يخلفوا أبائهم فى الحكم .
خلفت لنا آثار الملك تحوتمس الثالث ب معبد الكرنك الطريقة التى تم إتباعها للتتويج الملكى وكيفية حصول الملك على ألقابه حيث أنه كان يحدد يوم للتتويج الملكى فى حضرة الملك وعند حلول هذا اليوم كان الكهنة يضعون الملك الذي سيختاره الرب آمون في القاعة الكبرى للمعبد فيخرج بعدها الرب من محرابه في موكبه محمولا على الأعناق في سفينته المقدسة، يقوم الكهنة بذبح الذبائح قربانا واسترضاءا له فيقبل القرابين المقدسة ، ثم يحمل مرة أخرى على الأعناق ويطاف به في جميع نواحى القاعة باحثا عن ابنه الذي سيوليه العرش، وعندما يجد ذلك الابن حيث المكان الذي يقف فيه الملك يوحى إليه انه اختاره حاكما للبلاد وخليفة له فيقوم بتوليته العرش نيابة عنه، ويصبح وريثه عليه بصفته ابنه المحبوب ، ثم يلقبه بالألقاب المقدسة ويمنحه اسم التتويج الذى سيسبق اسمه فترة توليه الحكم فيشرق على البلاد كالرب رع مرتديا تيجانه المقدسة محلقا فى السماء كحورس المنتصر وريثا لآمون متبعا تعاليمه.
ومن أقوال الملك تحوتمس الثالث عن أبيه آمون الذى قلده ملكا منتصرا والمدونة بمعبد آمون بالكرنك (قد جعل كل الأراضي الأجنبية تأتى خاضعة لقوة جلالتى، لأن الفزع مني كان في قلوب قبائل الأقواس التسعة، وكل البلاد وضعت تحت موطئ قدمى، وكذلك جعل النصر في ساعدى، وبذلك أمد حدود مصر ، قد فعل ذلك والدي آمون لأن حبى كان عظيما من لدنه، وكذلك فرح بي كثيرا أعظم من فرحه بأى ملك آخر وجد على الأرض منذ خلقت ، وإني ابنه محبوب جلالته وما ترغب فيه نفسى ينفذ).
قام تحوتمس الثالث بالعديد من الحملات العسكرية شمالا و جنوبا تخليدا لاسمه ولاسم ربه آمون رع إلى أن بلغ عددها حوالى ١٧ حملة عسكرية حتى وصل بحدود مصر الى فينيقيا شمالا والجندل الرابع جنوبا ومن أشهر معاركه معركة مجدو الذى وصل عدد جيشه فيها الى ١٠٠٠٠٠ جندى ، كما قام بفرض جزية على الذين انتصر عليهم ضمانا لولائهم كما قام باستجلاب انواع من النباتات و الحيوانات من سوريا ، حكم الملك تحوتمس الثالث ما يقرب من ٥٤ عام استطاع خلالها الوصول بالبلاد إلى الأمان و الاستقرار كما اهتم بالعمارة و الانشاءات فأقام الكثير من المعابد منها معبد لآمون و معبد لبتاح فى الكرنك كما أنشأ حجرة الاجداد والتى دون فيها أسماء الملوك العظام الذين سبقوه والتى تعتبر من المصادر التاريخية لاسماء الملوك ،كما قام بعمل حديقة نباتية تحوى انواع عدة من الزهور والطيور التى جلبها من الشمال لتزيين معبد آمون ، ترك ٧ من المسلات تم نقل ٤ منها إلى اسطنبول ونيويورك ولندن والقسطنطينية ، وتوفى فى ٨٢ من عمره وتم العثور على مومياءه فى خبيئة الدير البحرى بعيدا عن مقبرتها الموجودة بوادى الملوك.