قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن المرأة في الإسلام كالرجل في أصل التكليف، وأصل الحقوق والواجبات وأن الاختلاف الذي بينهما في ظاهر الحقوق والواجبات من قبيل الوظائف والخصائص، وليس من قبيل تمييز نوع على آخر، فلا يعد اختلاف الوظائف والخصائص انتقاصًا لنوع.
وأوضح جمعة : المرأة تمتاز بخصائص فكرية وعاطفية وفسيولوجية، وتقوم بوظائف تناسب طبيعتها وتكوينها، فهي الزوجة التي تحمل الحياة، وهي الأم التي تربي المولود وترضعه وتحنو عليه، وهذه الوظائف تتناسب مع خصائصها الفكرية والعاطفية والفسيولوجية، في توافق مبهر مع طبيعة الحقوق التي تتميز بها، والواجبات التي تلزم بها في منظومة متكاملة، تبرز تميز كل نوع عن الآخر، كما تجعله متكاملا معه، مندمجا، ومكونًا معه أولى لبنات المجتمع وهي الأسرة.
وأكمل جمعة: وعلى الرغم من وضوح صورة المرأة في نصوص الشريعة الإسلامية سواء في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة إلا أن بعضهم يتعمدون إلقاء الشبه وما في نفوسهم من موروث العادات القديمة على بعض النصوص النبوية، في محاولة منهم للتضليل والتحريف لمقاصد الشرع، ومن ذلك ما ثار حول حديث «ناقصات عقل ودين»، ف الحديث يفيد معنى جمال المرأة، وقدرتها على التأثير على عقل الرجل؛ حيث قال ﷺ : «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، قالت: يا رسول الله؛ وما نقصان ديننا وعقلنا؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين».
وتابع جمعة: فكان الحديث في بدايته تدليل وتعجب من قدرة المرأة على التأثير على عقل أحكم الرجال، ثم عندما ظنت إحدى النساء أن المعنى فيه إساءة للنساء سألت النبي عن معنى ذلك النقصان الذي أطلقه النبي ﷺ في بداية حديثه، فأخبرها النبي ﷺ أن هذا النقصان لا يعني دنو منزلة المرأة في العقل والدين عن الرجل، وإنما يعني ضعف ذاكرة المرأة غالبًا في الشهادة على الأمور المالية لقلة اشتغالها بها، ولذا احتاجت من يذكرها، ويعني أيضا ما يحدث للمرأة من أمور فسيولوجية خاصة بطبيعتها الأنثوية، كالحيض والنفاس، مما خفف الشرع عليها أثناء فترة هذه المتاعب الصحية من ترك الصيام والصلاة.
وأكمل: عندما فهمت المرأة قصد الشرع من نقصان العقل والدين، وأنه ليس إهانة للمرأة ولا إنقاص من قدر عقلها ودينها سكتت، وكيف تكون النساء أنقص في الدين من الرجال، وكانت سيدة نساء العالمين السيدة مريم بنت عمران، والسيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ ، والسيدة خديجة رضي الله عنها، والسيدة آسية كلهن يعجز أغلب الرجال أن يقتربوا من درجتهن في العبادة والدين، ولا أن ينالوا منزلتهن عند الل
واختتم الدكتور علي جمعة: ينبغي أن يفهم ذلك النص النبوي في سياقه، وينبغي كذلك أن يفسر كلام النبي ﷺ في حدود ما فسره هو بنفسه لا نزيد ولا ننقص، فليس في هذا الحديث ذم لعقل المرأة أبداً، ولا دينها، وإنما هو -كما أوضحنا- إقرار لما قد يطرأ على ذاكرة كثير من النساء من نسيان في نقطة واحدة هي مجال الأعمال التي غلب عليها الرجال كالتجارة والأموال، وكذلك إشارة إلى تخفيف الشرع على المرأة في أيام تنتابها متاعب صحية وتقلبات مزاجية، وكل ذلك على حد دلالها والتلطف بها ومجاملتها وتطييب خاطرها، وهو من حسن الخلق ومن علامات تهذيب الرجال معاملة النساء هذه المعاملة.