90 دقيقة

90 دقيقةسعيد صلاح

الرأى22-3-2022 | 19:42

تأتى الكلمات فى هيئتها العادية حروفًا متشابكة ويقع نغمها بنفس الطريقة التى تأتى عليها من قبل، ولكن ماذا اختلف هذه المرة؟ لماذا ارتجف قلبي؟ لماذا بكت عيني؟ وما هذه القشعريرة التى انتشرت فى الجسد؟

أليست كلمات كالكلمات؟.. أليست حكايات كغيرها من الحكايات؟.. بلى كانت كلمات ولكنها ليست كالكلمات، وحكايات ولكنها ليست كغيرها من الحكايات.

لا أخفى سرًا إن قلت إننى لم أكن أتوقع أن تنتابنى هذه الحالة الغريبة التى ضبطت نفسى عليها، فقد استمعت من قبل إلى حكايات وأحاديث مشابهة عبر التليفزيون وقرأتها فى سطور موضوعات كتبها زملاء فى مناسبات مختلفة.. ولكن ماذا حدث؟

ما حدث هو أننى كنت فى "حضرة أمهات الشهداء"، فلم يكن يفصلنى سوى منصة خشبية عن السيدة، "أميمة محمود"، أم الشهيد عقيد أ ح محمد إدريس، وهى تحكى عن بطولات ابنها الذى كان يرعب أعداء الوطن، فيختفون مثل الجرذان وكل منهم يقول للآخر مرعوبا محسورا " إدريس ع الأرض".. ولا أبالغ إن قلت إننى أيضا استمعت إلى دقات قلب السيدة "عزة عثمان"، أم الشهيد رائد بحري مصطفى محمود الشهير بـ"بوتشر"، أو "الجزار"، ولمست نبرة الفخر فى حديث السيدة "مرفت سكر"، أم شهيد الشرطة الرائد مؤمن نعمان ابن العريش، وأجزم بيقين كامل، أننى لم أر صلابة وقوة، مثل التى رأيتها فى كلمات السيدة "كريمة مليجي"، أم الشهيد الرائد محمد غنيم.

أربع حكايات تكفى، الحكاية الواحدة منها أن تصنع فيلما سينمائيا يكسّر الدنيا وتليق كل حكاية بتفاصيلها الرائعة الممزوجة بالشجن، خاصة فى لحظات تذكر كل منهن كيف استقبلت خبر استشهاد ابنها البطل أن تزين سجل البطولات المصرية والمناهج الدراسية لأبطال المستقبل فى المدارس والجامعات.

90 دقيقة تقريبًا قضيناها فى حضرة هؤلاء العظيمات، مرت وكأنها ثوان، تركت فى نفوسنا أثرًا كبيرًا أعتقد أنه سيدوم بدوام حياتنا وبعدها، فى حياة أبنائنا بعدما نطعمهم ونسقيهم حب هذا الوطن وتقديس شهدائه.

هنيئًا لنا بمثل هؤلاء الأبطال وهؤلاء الأمهات المقاتلات الصابرات.. وهنيئًا للوطن بمثل هؤلاء الرجال الذين عشقوا ترابه، فلم يعزّوا عليه دماءهم وحياتهم فى وقت وزمن رخصت فيه الدماء والأرواح وأصبح لها ثمن ومقابل شهرى يقدم لمن يدفع أكثر.

حفظ الله الوطن وتقدست ذكرى شهدائه

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2