في كل مرة يتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي ، خلال حفل افتتاح أحد المشروعات أو خلال إحدى الزيارات أو إحدى المناسبات الوطنية؛ تكون هناك عدة رسائل من الرئيس، موجهة إما للمصريين، وإما للمسئولين، أو رسالة إلى العالم، فى ظل الظروف الاستثنائية، التي تمر بها المنطقة منذ بداية 2011 وحتى الآن.
ولأن الرئيس السيسي ، منذ توليه مقاليد الحكم فى البلاد، يحرص على الحوار مع الشعب المصري فى إطار سياسة المكاشفة والمصارحة بين القائد والشعب، فى إطار المسئولية التشاركية التي دائمًا ما يؤكد عليها، ويشيد بدور المواطن المصري فى نجاح الدولة المصرية خلال الفترة الماضية فى الخروج من مخطط الفوضى والعمل على استقرار الوطن وتثبيت أركان الدولة وبناء مشروعها الوطني.
ففي العديد من المحافل الدولية، تجد الرئيس يوجه التحية والشكر للشعب المصري على صموده لحماية وطنه وبناء مستقبله، كما حدث خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة أكثر من مرة، وخلال كلمته فى قمة مجموعة العشرين ، وخلال حديثه عن برنامج الإصلاح الاقتصادي تجده دائمًا يوجه الشكر للمواطن الذي تحمل تبعات هذا البرنامج من أجل بناء مستقبل أفضل لوطنه.
كما تجده أحيانًا أخرى يوجه رسائل للمصريين بإدراك حجم التحديات التي تواجهها الدولة وضرورة التكاتف والترابط وعدم ترك مساحة للشائعات أو لمن يحاولون تفكيك أو ضرب الثقة بين الشعب وقائده.
(1) بداية الأسبوع الماضي، وخلال افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية P1 استعرض وزير الاتصالات الدكتور عمرو طلعت حجم الإنجاز الذي تحقق فى قطاع الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات خلال الفترة الماضية، لنصل إلى مستوى عالٍ من الخدمات يستهدف تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات ليصبح أحد القطاعات الرائدة والمساهمة فى النمو الاقتصادي للبلاد.
كما استعرض اللواء أركان حرب هاني منصور، مدير سلاح الإشارة، كل التفاصيل الخاصة بالمشروع وتكلفة الإنشاء وأهمية المشروع للدولة المصرية ومدى ما يترتب عليه من دور مهم فى مستوى جودة الخدمات المقدمة للمصريين فى العديد من القطاعات المختلفة منها التعليم والصحة والصناعة والتجارة والزراعة والطاقة والاتصالات.
الأمر الذي جعل الرئيس يحرص على ضرورة سرعة إنجاز المشروع، والذي يعد نقلة نوعية ستساهم بشكل كبير فى مستوى جودة الخدمات فى العديد من القطاعات التي ذكرت بعضًا منها، إضافة إلى دوره فى جودة خدمة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة لتحسين جودة خدمات الإغاثة، وصولاً للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وأرواح المواطنين بهدف المساهمة فى رضا المواطنين عن الأداء الحكومي فى التعامل مع الأزمات.
عقب انتهاء كلمة مدير سلاح الإشارة، تحدث الرئيس، مشيرًا إلى بعض النقاط المهمة فى كلمة وزير الاتصالات وكلمة مدير سلاح الإشارة.
منها، أن وجود مصر فى موقعها المتميز عالميًا والذي نتج عنه مرور 90% من حجم الكابلات البحرية التي تحمل البيانات يجعلها فى نقطة استراتيجية لتصبح مركزًا عالميًا ولوجستيًا لتخزين ونقل البيانات والاتصالات فى العالم.
(2) هنا وجه الرئيس حديثه للمصريين فى رسالة من الرسائل المهمة وهو أن ما عملت عليه الدولة المصرية خلال السنوات الماضية والجهد الذي بُذل وما أنفقته لإنشاء هذا المشروع كان بمثابة تحرك للوصول إلى الهدف، وهو أن تصبح مصر مركزًا إقليميًا واستراتيجيًا لنقل وتخزين البيانات والاتصالات فى ظل منظومة تأمين عالية مع وجود مركز تبادلي ومركز استراتيجي، بالإضافة إلى المركز الرئيسي، الأمر الذي تصل معه مصر إلى الهدف المخطط له.
فعندما أنفقت مصر مليارات الدولارات على مثل هذا المشروع العملاق كانت تُعِد لانطلاقة مهمة فى هذا المجال يستوجب توفير بنية قوية لها، فى ظل عالم متسارع يستوجب استغلال الفرص المتاحة والعمل عليها.
فعلى سبيل المثال، مصر الآن تقوم بتخزين ونقل كل البيانات الخاصة بها داخل مصر، وهو ما يوفر ملايين الدولارات التي كانت تدفع من قبل من أجل تخزين البيانات.
كما تحقق أعلى جودة فى الخدمات التي يحصل عليها المواطن وفق المنظومة الرقمية لكي يتحقق الهدف بوجود حكومة «لا ورقية» تقوم على استخدام التطبيقات التخصصية والذي يشمل 600 تطبيق لـ 114 جهة حكومية.
وكذا التطبيقات التشاركية والتي تشمل منظومة المراسلات الحكومية والمشروعات القومية وإدارة الموارد البشرية.
بالإضافة إلى الأرشيف الرقمي والذي يضم أرشفة 400 مليون ورقة من المراسلات الحكومية.
كل هذا لم يكن ليحدث بشكل مؤمن بالكامل ما لم تمتلك مثل هذه المراكز.
إن قطاع تكنولوجيا المعلومات من القطاعات الواعدة والمهمة، والتي تعد ذات تأثير إيجابي على الاقتصاد، الأمر الذي توقف عنده الرئيس السيسي خلال تعليقه، والذي يعد رسالة مهمة للشعب المصري وأيضًا للمسئولين فى قطاع الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات وقطاعي التعليم والتعليم العالي.
فقد عرض وزير الاتصالات حجم النمو فى قطاع الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات والذي بلغ 16.2% ليصبح الأعلى نموًا بين قطاعات الدولة على مدى 5 سنوات.
كما بلغ معدل نمو الصادرات الرقمية 26% لتصل إلى 6.2 مليار دولار فى عام 2023 ومن المستهدف أن تصل إلى 9 مليارات دولار عام 2026.
وبلغ معدل نمو صادرات خدمات التعهيد 54% ليبلغ 3.7 مليار دولار فى عام 2023.
وكذا صعود مصر 50 مركزًا فى مؤشر جهازية الحكومة للذكاء الاصطناعي.
هنا كانت رسالة الرئيس للمواطن، الذي يحرص على أن تكون هناك فرصة عمل لأبنائه بعد التخرج، أن يعمل على توجيه أبنائه إلى هذا القطاع الواعد الذي تتوافر به الملايين من فرص العمل، محققة عائدًا اقتصاديًا عاليًا على الأسرة والدولة مما يساهم فى رفع مستوى المعيشة.
(3) حديث الرئيس عن ضرورة الاهتمام بتوجيه أبنائنا من طلاب الجامعات إلى هذا القطاع ليس الأول بل تكرر أكثر من مرة، بدءًا من عام 2018 خلال استعراض وزير التعليم والتعليم العالي لورقة عمل حول اختفاء 35% من الوظائف خلال السنوات القادمة وظهور وظائف أخرى يجب العمل على تأهيل الخريجين لها.
من هنا كان توجيه الرئيس بضرورة إنشاء الجامعات والمدارس التكنولوجية لتكون قادرة على تقديم خريج متميز لديه من الإمكانيات العلمية ما يمكنه من التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والاستفادة منها.
إننا أمام تحدٍ كبير؛ هو ضعف الثروة المعدنية التي تمتلكها مصر لكنها فى المقابل تمتلك مصر ثروة بشرية ضخمة تبلغ 106 ملايين نسمة إن لم تتحول من تحدٍ إلى فرصة فستظل أحد المعوقات أمام التنمية.
الأمر الذي يستوجب على الجميع إدراك أهمية أن يصبح العامل البشري فرصة حقيقية لتحقيق نمو اقتصادي كبير فى قطاع من أهم القطاعات الواعدة (قطاع الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات ) فى ظل حرص الدولة على توفير التدريب والمنح التدريبية مع كبرى المؤسسات العالمية المتخصصة فى الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات .
كان حديث الرئيس يستهدف زيادة عدد المتخصصين فى مجال البرامج المدمجة وهو أعلى مستوى فى مجال (التعهيد)، مشيرًا إلى أن هذا المجال يوفر سنويًا مليون فرصة عمل يصل حجم صادراتها من 200 إلى 300 مليار دولار، وهو أمر سيترتب عليه ارتفاع مستوى معيشة الأسر التي يعمل أحد أبنائها فى هذا المجال كما سيساهم بشكل كبير فى ارتفاع حجم النمو بالنسبة للدولة المصرية.
وحرص الرئيس على ضرب مثال بإحدى الدول التي يعمل بهذا المجال 10% من سكانها، الأمر الذي ترتب عليه أن يصل حجم صادراتها التكنولوجية إلى 39 مليار دولار بمعدل صادرات للفرد الواحد من المتخصصين بهذا القطاع يبلغ 520 ألف دولار سنويًا.
وبالقياس على ذلك فإن حجم عائدات الصادرات لمليون شاب متخصص فى البرامج المدمجة وتصميم الدوائر الإلكترونية قد يصل إلى 52 مليار دولار سنويًا.
وحال وصول عدد المتخصصين فى مصر إلى نسبة 10% من عدد السكان، سيبلغ حجم عوائد الصادرات إلى ما يقارب 500 مليار دولار لتتحول محنة الزيادة السكانية إلى منحة حقيقية.
(4) إننا أمام تحدٍ يجب أن ننتبه له جميعًا عندما ندفع بأبنائنا باتجاه مسار تعليمي محدد.
فلا بد ألا نتغافل عما تقوم به وزارة الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات من مبادرات مثل مبادرة شغلك من بيتك، وبناة مصر الرقمية ، ورواد مصر الرقمية ، وبرنامج تدريب الأفراد العسكريين، والتدريب الصيفي، والتدريب الاحترافي على مهارات الذكاء الاصطناعي ، وسفراء التكنولوجيا، ومبادرة أشبال مصر الرقمية ، وبراعم مصر الرقمية .
هذا الكم من المنح والدورات التدريبية يستهدف تأهيل وتدريب الكوادر من الطلاب والخريجين فى كل التخصصات ليكونوا قادرين على دخول سوق العمل فى مجال الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات وإيجاد موطئ قدم لهم يدفع بهم لمستقبلٍ أفضل.
لكننا أيضًا لا بد للوصول لهذا الهدف أن نطور من آليات العمل وأسلوبه دون المساس بمستوى الاختبارات الذي يجرى تحديده وفق المستوى الدولي، الأمر الذي معه يكون خريج هذه المنح من شبابنا محل تقدير وثقة واهتمام كل الشركات العالمية العاملة فى هذا المجال وهو ما يتضح من توافر فرص العمل لكل الخريجين.
(5) لكن دعوني هنا ألفت الانتباه إلى بعض النقاط التي تثير تساؤلاً لدى البعض، على سبيل المثال، لماذا تعقد اختبارات المنحة ITI مرة كل عام، فى حين أن الدراسة مدتها 9 أشهر فقط للدارس، وإذا كان عدد الدارسين بهذه المنحة لا يتعدى عدد قليل جدًا هو من يستطيع اجتياز الاختبارات، فلماذا لا يتم التواصل مع وزارة التعليم العالي عقب انتهاء كل مرحلة من مراحل الاختبار بتحليل كامل لمستوى أداء الدارسين الذين تقدموا للمنحة ولم يوفقوا من أجل تطوير المناهج الدراسية لخلق دارس قادر على النجاح فى هذا المجال؟!
وأظن أن هذا الأمر يصب فى مصلحة المشروع الوطني الذي يستهدف وجود أكثر من 10 ملايين متخصص فى هذا المجال.
أليست تلك الاختبارات تعد بمثابة قياس لمدى قدرة المناهج الدراسية فى المدارس والجامعات على تأهيل خريج قادر على الدخول لهذا التخصص وخلق فرصة عمل له؟!
لماذا لا تُعقد الاختبارات بشكل دوري ومن يجتاز تلك الاختبارات يكون على قائمة الدفعات التالية ويتم إبلاغ الشاب بذلك؟!
فإذا كنا نستهدف بشكل حقيقي تأهيل عدد كبير من شبابنا لهذا القطاع الواعد، فلا بد أن يكون هناك تعاون بين الوزارات الثلاث: التعليم والتعليم العالي والاتصالات، وتحليل البيانات الخاصة بالطلاب المتقدمين للمنح المختلفة، وبيان مناطق الضعف لديهم فى المستوى التعليمي للالتفات إليه حال تطوير المناهج الدراسية.
ثم لماذا لا يلتحق الشاب بالاختبارات الخاصة بمنحة Professional TRAINING PROGRAM خلال فترة أداء الخدمة العسكرية خاصة من لم يتبقَ لهم فى الخدمة سوى عدة أشهر تنتهي قبل بدء الدراسة؟!
إننا نحتاج لتضافر الجهود من أجل اكتشاف أكبر عدد من الشباب المتميزين الذين يمتلكون القدرة على الدخول لهذا المجال عقب اجتياز كل الاختبارات المقررة لذلك.
وأتمنى أن تلتفت وزارة الاتصالات لهذا الأمر.
كما أتمنى من الأسر المصرية أن تدرك أهمية تأهيل الأبناء للفرص المتاحة فى سوق العمل، لا أن تواصل تحركها باتجاه الدفع بأبنائها نحو طابور من حاملي الشهادات دون فرصة عمل تتفق مع ما يحمله من مؤهل.
فإذا كانت هناك وظائف مهددة بالاختفاء فليس من المعقول أن ندفع بأبنائنا باتجاه مثل تلك المسارات، بل علينا أن نشجعهم للاتجاه للمسار الأفضل والأكثر قدرة على استيعابها، بتوفير فرص عمل لهم فى المستقبل وهو قطاع البرمجة المدمجة وتصميم الدوائر الإلكترونية كأحد قطاعات الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات .
اتحاد القبائل العربية وتنمية سيناء
جاء إعلان تدشين اتحاد القبائل العربية ، الأسبوع الماضي، برئاسة الشيخ إبراهيم العرجاني ، رئيس اتحاد قبائل سيناء ، خلال المؤتمر الذي عُقد بمدينة «العجرة» بشمال سيناء وتدشين مدينة السيسي ، هو استكمال للدور الذي يقوم به أبناء سيناء من القبائل العربية بالمشاركة فى تنمية سيناء، كما كان لهم دور مهم فى مساندة القوات المسلحة والشرطة المدنية خلال الحرب على الإرهاب والقضاء عليه.
لقد كان توجيه الرئيس السيسي منذ 2014 وخلال البدء فى مشروع حفر قناة السويس الجديدة بأن تكون الأولوية لأبناء سيناء فى المشاركة فى المشروع وكذا كل المشروعات التنموية بسيناء.