وثائق النصر تفضح أكاذيب العدو

أيام قليلة تفصلنا عن العاشر من رمضان تلك الذكرى التي تأتي كل عام لتمنحنا مزيدًا من القوة والقدرة على مواجهة التحديات ونحن نتدارس معًا ما حدث في معجزة السادس من أكتوبر العاشر من رمضان عام 1973.

لقد كانت كلمات الرئيس السادات في خطاب النصر أمام البرلمان في يوم السادس عشر من أكتوبر ، قائلاً جملته الشهيرة «إن التاريخ العسكري سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية السادس من أكتوبر» تلك الجملة التي لم تتعدَ كلماتها 13 كلمة تحمل العديد من الأسرار لنصر حققه الأبطال وغيّر العديد من المفاهيم والنظريات العسكرية التي لا تزال تدرسها الأكاديميات والمعاهد العسكرية على مستوى العالم.

ستظل أسرار وحكايات النصر ونحن نحتفل باليوبيل الذهبي لحرب أكتوبر تكشف وثائقها كيف أن الأبطال سطّروا ملاحم بطولية على أرض سيناء من أجل استرداد الكرامة، ولا تزال قصص البطولة مُلهمة للأجيال الحالية وستظل ملهمة للأجيال القادمة، لأنها سطرت أعظم نصر في التاريخ الحديث على ذلك الكيان المحتل.

ودعوني أبدأ معكم في هذا العدد بالتوقف عند بعض الوثائق التي كشفت عنها القوات المسلحة المصرية على موقع وزارة الدفاع، وندقق النظر فيها خاصة ونحن ما زلنا نواجه التحديات والتهديدات على كل المحاور الاستراتيجية ويسطر الأبطال من رجال القوات المسلحة ملاحم بطولية يومًا بعد يوم، فالحرب على الإرهاب كانت امتدادًا للحرب على المحتل الغاصب، واستطاع أبناء وأحفاد جيل أكتوبر أن يسطروا ملاحم جديدة تروى وستتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل تثبت أن النبت الطاهر من أبناء هذه الأرض لن يتوقف وسيظل جيشها في رباط إلى يوم الدين.

فخلال النصف الأول من العام الماضي وقبيل الاحتفال باليوبيل الذهبي لحرب أكتوبر أطلق أرشيف الاحتلال الإسرائيلي عددًا من الوثائق والصور والفيديوهات عبر موقع وزارة الأمن القومي الإسرائيلي، وهرول حينها الكثيرون نحو ما أفرج عنه في ذلك الوقت أرشيف الجيش الإسرائيلي ، ولم يلحظ البعض حجم المعلومات التي تم تظليلها لطمس ما كانت تحمله من عبارات وجمل ورسائل خلفها تكشف حقيقة ما حدث في السادس من أكتوبر، وكيف تحقق النصر؟! وكيف هُزمت إسرائيل هزيمة ثقيلة لم تستطع معها أن تحقق حلمها الزائف؟!

لقد جاءت الوثائق التي أفرجت عنها القوات المسلحة المصرية بمثابة نصر جديد على العدو، فلم تحمل الوثائق المنشورة حذفًا واحدًا لكلمة أو تظليلاً بل جاءت صور محاضر سرية وخطط عمليات تكشف تفاصيل كثيرة لما حدث في تلك المعركة، ولتحطم آخر الأساطير التي كانوا يروجون لها على مدى سنوات طويلة، بل يدفعون بها لتغييب عقول البعض، في محاولة لتحويل الباطل إلى حقيقة، ورسم صورة زائفة للواقع المرير الذي عاشته إسرائيل خلال حرب السادس من أكتوبر.

ودعونا نتوقف عند «الثغرة»، المعركة التي حاولت إسرائيل من خلال الحرب الدعائية والإعلامية التي تعد جزءًا لا يتجزأ من عقيدتها العسكرية الإسرائيلية، تضخيم ما قامت به وتصويرها إعلاميًا على أنها انتصار باهر؛ في حين أن معركة الثغرة هي محاولة فاشلة لتقليص حجم الانتصار المصري وحفظ ماء وجه المحتل وكرامته التى سقطت في الحرب الحقيقية الوحيدة التي خاضها في مواجهة الجيش المصري رغم الدعم الأمريكي وخسائرها الجسيمة التي دفعتها كثمن لفتح محور إلى الضفة الغربية للقناة كما قال موشى ديان في اتصال تليفوني مع شموئيل جونين، حيث قال: لقد حاولنا وكل محاولتنا ذهبت أدراج الرياح وليس أمامنا إلا أن نستمر حتى النهاية المريرة.

لقد كشفت الوثيقة التي حملت عنوان «سري للغاية» تفاصيل فكرة العملية الهجومية شامل 2 المعدلة والتي كانت معدة لتصفية الثغرة وهو ما صرح به الرئيس الشهيد/ محمد أنور السادات، وما ذكره المشير الجمسي أن مصر استطاعت قطع طريق الإمداد عن الجانب الإسرائيلي في الثغرة، وأن الجيش المصري استطاع حصار القوات الإسرائيلية وكانت المواد الغذائية والطبية تصل للقوات الإسرائيلية المحاصرة في الثغرة عن طريق الصليب الأحمر.

لقد كشفت الوثيقة المصورة لخطة «العمليات شامل 2 المعدلة» حقيقة الأكذوبة الإسرائيلية التي ظلت تروّج لها لسنوات.

بل كشفت العديد من الوثائق التي نشرتها وزارة الدفاع تفاصيل جديدة في معركة الكرامة فضحت أكاذيب العدو المطموسة خلف شريط أسود وضعت على فقرات كاملة وجمل عدة في الوثائق التي نشرتها إسرائيل في مايو الماضي، معللة الطمس المقصود على الوثائق من جانبها بأنه حفاظ على الأمن القومي لإسرائيل، لكنه في الحقيقة يطمس الهزيمة المؤلمة التي فضحت معها أسطورة الجيش الذي لا يقهر على يد الأبطال من الجيش المصري.

وخلال الأعداد القادمة سوف نتوقف عند مجموعة من الوثائق التي تكشف تفاصيل ما تحقق على أرض سيناء من نصر، وكيف سطر الأبطال في العديد من معارك النصر البطولات ليظل المقاتل المصري هو أحد أهم أسرار المعركة.

أضف تعليق