متى تهبط الأسعار؟! بعد الحرب..إمتى هينزل سعر الذهب؟!..بعد الحرب..هل وصلنا لعلاج نهائي لفيروس كورونا؟!..بعد الحرب بإذن الله.. هل ستنضبط الأسعار وينتهي جشع التجار؟! أكيد، بس بعد الحرب إن شاء الله..
إذن ومتى تنتهي الحرب؟!.. سؤال ليس له جواب، فحين تدق الحروب طبولها لن تخبَأ وثائِقها إلا باظهار أردأ ما فينا من تلاعب وجشع وإستغلال الأزمات برفع تسعيرة المواصلات والبضائع التي لا يتكبلها إلا متوسطي الدخول و فقراء لا حول لهم ولا قوة، وتستشري انتهازية راغبي الثراء السريع وفاقدي الضمير الوطني.
حتى بائع البطاطا "عم غراب" الذي أدعوه بـ"عم غريب" فيتأفف، ولدرايتي أنه يجهل القراءة والكتابة لذا ظننت - وليس كل الظن إثم- أن مسماه كذلك لكن يقينه بأنه مقيد بالأول، وبنفس التأفف غير المبرر رفع أسعار طبق البطاطا المشوية إلى ١٠ جنيهات بدلا من ٧ .. حاججته هذه المرة في أمر يحق لي: لما المغالاة يا غراب؟!.. سكت لتدبير قوله وحسم جوابه بنظرة محتدة: الحرب غلت الأسعار يا أستاذة..أذهلني الرد، عن أي حرب تتحدث؟! لا أعرف، بيقولوا فيه حرب وعند انتهاءها هترجع الاسعار زي ما كانت.. وما دخل البطاطا في ذلك!! هل هذا الموقد الصغير المعدم إستيراد الخارج؟! أم أنك تضيف ضريبة تقديم بطاطا على عربة تطوف الشوارع؟!..
غادرت وكأن حاجة في نفسي قضاها "عم غريب"، أبان وإن لم يجبني عن تساؤل لم أستطع تعريفه منذ سنوات، هل يسود أسواقنا نظام إقتصاديات السوق الحر الذي تنظم فيه أسعار السلع والبضائع ذاتياً بواسطة السوق المفتوحة؟.. و إن كان ذلك، فهل من رقابة المحليات وجهاز حماية المستهلك لمقاصصة الفاسد ومعاقبة وتغريم المغالي؟ سواء بغلق متجارهم أو تعليق لوحة في أنحاء الحي تنعت وتصف جرمهم وجشعهم في إستغلال الأزمات العالمية، أم أن المواطن هو المعاقِب إن أعرض ونأى بجانبه عن السلع، ولا سبيل لمجازاة مغايرة في ظل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية التي تبعد عن بلادنا قرابة 3.985,61 كيلومتر إلا أنها تلقي بظلالها على الفلاح في أقصى نجع و الموظف على تفاوت درجاته، رجل الأعمال الرأسمالي و عمال التراحيل والباعة الجائلين، و الراغب في الزواج، والطامح إلى وظيفة، والباحث عن مسكن، حتى الحيوانات الضالة النحول في الشوارع باتت تعاني ويلات الحرب لقلة زوائد أطعمة البشر..
سواء أن مساعي أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو هو السبب المباشر المعلن للحملة العسكرية الروسية ضد كييف، أو أن العامل الديني لعب دوراً في قرار الغزو، فهنا لا يعنيني إلا الأكباد المفطورة والأرزاق المعطلة والأوضاع العالمية القاسية، فقلوب البشر لدى الحناجر كاظمين.