يتداول على مواقع التواصل الاجتماعى فيديو للقاء تيلفزيونى مع أحد العلماء العراقيين ينشر خرافات جديدة عن بناء الأهرامات مدعيًا أنها عراقية مستندًا إلى رأى أحد المصريين كما يدّعى اسمه عكاشة الدالى الذى يعمل أستاذًا للمصريات بجامعة سوس كلية لندن للدراسات الشرقية
ويرد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار على هذه الخرافات مفندًا الأدلة الواهية التى استندوا إليها.
وتضمنت هذه الخرافات أن هناك هجرات سومرية عراقية إلى مصر تمت منذ خمسة آلاف عام من الناصرية وسكنوا جنوب مصر وأدخلوا زراعة القمح إلى مصر والتى لم تكن تعرف زراعته كما أن الأهرامات هى نفس فكرة الزيجورات الموجودة فى أور ب العراق وقال أن ما ورد فى القرآن الكريم عن طلب ملك مصر أن يعلو له وزيره هامان بالبناء المقصود بها البناء على الزيجورات لتصبح أهرامًا.
ويرد الدكتور ريحان على ذلك موضحًا أنه بخصوص القمح فإن عيد عاشوراء ''العاشر من المحرم" الذي يحتفل به العالم الاسلامي ما هو إلا عيد مصري قديم يرجع إلى الدولة القديمة في أواخر عصر بناة الأهرامات وكان من بين أعياد منف الدينية وكانوا يطلقون عليه عيد ''طرح بذور القمح المقدس'' ويقع في اليوم العاشر من شهر نوبي (طوبة) أول شهور الفصل الثاني من فصول السنة (فصل برت – البذر)، وكان قدماء المصريين يحتفلون بعيد عاشوراء بإعداد مختلف الأطعمة التقليدية الخاصة به والتي تصنع جميعها من القمح المعد للبذر وفي مقدمتها صحن عاشوراء ولا تختلف صناعته وطريقة إعداده وتقديمه عما هو متبع حاليًا وكانت البليلة تصنع في قدور خاصة ولا تزال حتى الآن من الأطعمة الشعبية المتوارثة وكذلك كعك عاشوراء الخاص ويصنع من القمح وعسل النحل وكان يصنع على شكل القمحة أو السنبلة وتوضع في وسط الكعكة قمحة رمزا للخير وبالتالى فإن المصرى القديم عرف القمح واستخدمه فى صناعة الخبز والاحتفال بعاشوراء.
ويضيف الدكتور ريحان بأنه بخصوص الزيجورات فإنها تختلف اختلافًا كبيرًا من حيث الغرض أو وظيفة عن الأهرامات التى بنيت في الأصل كأماكن الراحة الأخيرة للملك وبنيت مع طرق ضيقة جدًا تمتد من الداخل إلى السطح الخارجي لغرض رفع روح الملك إلى السماوات
أمًا الزيجورات فقد بنيت لإيواء الآلهة وهكذا، فهي أماكن السكن الفعلية للآلهة نفسها وخاصة من وجهة نظر السومريين والبابليين، ولها وظائف أخرى فهى منطقة التراجع للكهنة في حالة وجود مفاجئة للمياه على مستوى الأرض من أجل الأمن العام لكهنة المملكة، كما تم بناء الزيجورات في الغالب في مكان ما في منطقة ما بين النهرين القديمة (سومر، بابل وآشور) المقابلة للعراق الحديث وجزء من سوريا بينما الأهرامات بنيت في مصر القديمة وبعض المواقع بأمريكا الجنوبية والسودان.
كما تمتلك الزيجورات سمة فريدة من نوعها من حيث وجود خطوات أو سلالم أو تراسات مع انحسار جانبيها عادة، في حين أن الأهرامات غالبا ما يكون لها جوانب أكثر سلاسة والزيجورات هي هياكل متعددة الطوابق التي عادة ما تتقاسم سمة مشتركة من وجود سبعة مستويات أو طبقات لتمثيل سبعة كواكب السماوات. ومن المفترض أيضا أن تكون هذه المعابد في الأعلى حيث لا توجد أدلة ملموسة تدل على ذلك حتى اليوم. كما لا توجد غرف داخل الزيجورات وعادة ما تكون على شكل مستطيل أو مربع، والزيجورات لها أغراض صوفية مثل الأضرحة، وكان الجزء الأعلى منها هو المكان الأكثر قداسة، يعود تاريخ الزيجورات الأولى إلى حوالي عام 3000 قبل الميلاد. إلى 2200 قبل الميلاد وآخر التواريخ من حوالي 500 قبل الميلاد.
وينوه الدكتور ريحان إلى الآية الكريمة رقم 38 فى سورة القصص }وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا{ بأن تفسيرها ليس ما إدّعاه العالم العراقى فى تخاريفه نقلا عن عالم مصرى كما يزعم بأنها تعنى بناء ملك مصر على الزيجورات العراقية بل تؤكد براعة المصرى القديم فى البناء بالطوب اللبن والإيقاد عليه لتحويله إلى طوب أحمر وهذا ما يعرف حاليًا بقمائن الطوب الأحمر وقال بعض المفسّرين أنّ هامان كان وزيرًا للملك ومنهم ابن كثير، وقد تعدّدت آراء المفسّرين والباحثين في كلمة هامان؛ إن كانت تدل على اسم شخصٍ محدَّد، أم أنّها لقب كان يطلق على وزير الملك أو نائبه؟ فقال بعضهم أنّ هامان لقب لنائب الملك أو وزيره، وليس اسم شخصٍ محدَّد؛ وبذلك فإنّ كلمة هامان يصحَّ أن تطلق على أي نائبٍ عن الملك، أو مَلِك آخر من ملوك الأرض وبالتالى فالآية الكريمة ارتبطت بأحد ملوك مصر وليس العراق
ويتابع بأن هناك بعض الأشياء التى ذكرها العالم العراقى لا تستحق الرد مثل عادة الثأر بصعيد مصر هى عادة عراقية لهجرة السومريين إلى مصر فمن المعروف أن الثأر متأصل بالصعيد نتيجة عصبيات قبلية وتحاول الدولة القضاء عليه بالمصالحات المتعددة من وقت إلى آخر.
وينهى الدكتور عبد الرحيم ريحان حديثه بأننا نحتاج إلى مجلدات لنؤكد لهم أن الأهرامات مصرية تؤكد عظمة الحضارة المصرية أقدم حضارات العالم والإعجاز الهندسي والعلمي في بناء الهرم الأكبر هو السر وراء الخرافات التي تنشر في الصحف الأجنبية من وقت لآخر عن وجود كائنات فضائية أو الجن أو شعوب أخرى شاركت أو قامت ببناء الهرم الأكبر ورغم أن هذه القضية حسمت عن طريق علماء الآثار المصريين الذين يؤكدون في أبحاثهم يومًا وراء يوم أن قدماء المصريين هم بناة حضارتها العظيمة وأن هناك قرية كانت مخصصة لعمال بناء الهرم تم اكتشافها ولها نظام دقيق في تنظيم العمل وحقوق العمال ولكن الخرافات لا تنتهى.
ويتابع بأن الملك خوفو هو أول من أمّن العمال ضد البطالة في التاريخ واتسم عصره بأنه أزهى عصور الدولة القديمة وكان عهد رخاء وازدهار. مشيرًا إلى أن المؤرخين وضعوه في قائمة عصور مصر الذهبية وأطلق عليه "العصر الفيروزي" و كان بناء الهرم مشروعًا قوميًا وأنه وغيره من بيوت العبادة في مصر القديمة نفذت طبقًا للقواعد التي أرساها إيمحوتب معبود الطب والهندسة وأول من استعمل الحجر في البناء ووضع نظرياته الإنشائية. وأشار إلى أن هذه القواعد تنسب لمتون العقيدة، وهي أن المساهمة في بناء تلك البيوت نوع من أنواع العبادة وركن من أركانها إما بالمساهمة بالمال أو العمل في التشييد أو تقديم القرابين والذبائح التي كانت تصرف كتموين وإعاشة للعمال كنوع من التكافل الاجتماعي ومساهمة كل الشعب فى المشاريع القومية بوازع ديني وحب لهذا الإنجاز.