وكيل الأزهر: تراثنا مرن ويمكن لكل جيل أخذ حظه منه بقدر حاجاته

وكيل الأزهر: تراثنا مرن ويمكن لكل جيل أخذ حظه منه بقدر حاجاتهوكيل الأزهر

الدين والحياة28-3-2022 | 15:31

قال فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن كلية اللغة العربية وفقت في اختيار عنوان مؤتمرها؛ حين جعلته عن: «التراث والحداثة في اللغة والتاريخ»، فوضعت بذلك يدها في منطقة شائكة تحتاج إلى تجلية، ومن أقدر من كلية اللغة العربية على أن يعالج هذه المسألة، وهي التي يتخرج فيها المتخصصون في اللغة العربية والتاريخ، ثم ينطلقون في ربوع المجتمع المحلي والدولي لتلبية احتياجاته، وصيانة مكونات هويته، كما أن المتأمل في عنوان المؤتمر ليلمس في بدايته تغايرا بين التراث والحداثة اقتضته واو العطف، وسرعان ما يأتي آخر العنوان ليزيل هذا التغاير بالمثاقفة المثرية، مع الاعتراف في الوقت نفسه بوجود اختلاف وتمايز.

وأوضح وكيل الأزهر أن نقطة الارتكاز الأولى في المؤتمر هي التراث، لأنه بالنسبة لنا أشبه بنواة صلبة، يدور الحراك العلمي والفكري حولها وفي مدارها في حرية تامة، فلم يمنعنا التراث أبدا من الحركة، غير أنه يظل الثابت الذي يدور حوله كل متغير، ويرتبط به كل حراك، ومن البدهيات أن لكل أمة ثوابتها وأخلاقها وآدابها وأعرافها وعاداتها التي تشكل شخصيتها، وتحفظ كيانها، وتضمن وجودها، وتميزها عن غيرها من الأمم، والأصل أن مكونات الهوية تتوارثها الأمة جيلا بعد جيل، ويتناقلها أبناء الأمة رعيلا بعد رعيل، ومن ثم فهي ميراث وتراث.

وبيّن الدكتور الضويني أنه من الإنصاف الاعتراف بأن الحضارة الإنسانية في جملتها ليست نتاجا خالصا لأمة بعينها، ولا خاصا بمجتمع بعينه؛ فالأمم يتأثر بعضها ببعض ويؤثر بعضها في بعض بحكم الجوار أو المخالطة أو لأي معنى آخر، وإنما تتفاوت الأمم تأثيرا وتأثرا بمدى قوتها وأصالة هويتها، وثبات مكونات هذه الهوية لدى أبنائها، كما أنه من الإنصاف أيضا بل من الوعي الكامل أن ندرك أن معالجة مشكلات الواقع لن تكون بمجرد استدعاء أحكام أو تصورات جاهزة من تراثنا القديم فحسب، وليس هذا انتقاصا من حق التراث، ولكنها بصيرة وتجرد، ومن البصيرة والتجرد أن ندرك أننا حين نعنى بتراثنا فإن علينا ألا نقف عنده جامدين دون أن نفهم مناهج أهله، ومدى استجابتهم لمعطيات الزمان والمكان، ودون أن نتأمل أحكامه، ووجود التراث بيننا الآن على تعاقب القرون دليل على أنه يستجيب لمتغيرات الأزمنة والأمكنة ولو بقدر.

وأكد وكيل الأزهر أن تراثنا مرن ومتجدد وكريم، ويمكن لكل جيل أن يأخذ حظه ونصيبه منه بقدر ما يلائم حاجاته، ولا أدل على مرونته وكرمه من أنك تجد الأمة تسود مؤلفات شرقها في غربها، ومؤلفات غربها في شرقها، ولا أعني بهذا أن نتعامل بانتقائية مع التراث، فنأخذ منه بالهوى، وندع منه بالهوى، وإنما نتعامل معه بمنهجية علمية منضبطة، مشددًا على أن رعاية التراث والمحافظة عليه تتداخل مع الكليات الخمس التي تدور حولها أحكام الشريعة، فأولى الضروريات المحافظة على الدين، وهذا التراث من لباب الديانة، والثانية المحافظة على النفس، وهل هذا التراث إلا جزء من نفوس علماء المسلمين وعقولهم، والثالثة المحافظة على العقل، وهذا التراث غذاء عقولها، والرابعة المحافظة على العرض، وهذا التراث عرض الأمة، والخامسة المحافظة على المال، وهذا التراث كنز ثمين.

أضف تعليق