قد أوصى القرآن الكريم كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى اليتيم حتى إنه قال: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار إلى إصبعيه السبابة والوسطى)، ويتحدث فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى عن كيفية الإحسان إلى اليتيم فيقول:
اليتيم ثلاث؛ ف اليتيم في الإنسان هو مَن فقد أباه الكافل له، و اليتيم في الأنعام هو من فقد الأم الراعية له فالأب يضع الابن ويطلقه، وفى الطير من فقدهما معا لأن في الطير في أسرية كاملة عش ورقاد على البيض ثم اطعام ورعاية مشتركة.
ولكن انظر إلى دقة العبارة في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}، فإنك ساعة أن تكون وليا على مال يتيم فاحرص جيدا على أن تعطى هذا اليتيم ماله كاملا بعد أن يستكمل نضجه كاملا فأنت هنا حفيظ على هذا المال، وإياك أن تخلط مالك بماله أو أن تتبدل منه أي تأخذ التمين منه وتعطيه الرخيص الأقل قيمة.
أمرك الله تعالى هنا أن تدرب اليتيم الذى في كفالتك على التجربة، وتنظر هل سيحسن التصرف أم لا وعندما يصل إلى الحلم ردوا عليهم أموالهم.
وقد فرق جل شأنه بين السفيه واليتيم، فالسفيه لايعانى من قصور عمرى عكس اليتيم فقال تعالى (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) وقال أموالكم هنا لأنه عندما يكون السفيه سفيها فاعلم أنه لا إدارة له على ملكه فتنتقل إدارة الملكية إلى من يتصرف في المال تصرفا حكيما فتدير مال السفيه كأنه مالك فمسألة الولاية مستديمة في حالة السفيه، لكن قال تعالى (ارْزُقُوهُمْ فِيهَا) أى تشغيل ماله وتحسن التصرف فيه دون أن تأكله.
وفى حالة اليتيم المسألة تختلف فعندما يبلغ اليتيم مرحلة النكاح والرشد يقول الحق تبارك وتعالى (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) وهنا في الوصاية يقول الحق أموالكم وفى العطاء يقول أموالهم.
وقال تعالى: (ولا تَأْكُلُوا أمْوالَهم إلى أمْوالِكم) أي لا تجعلوا هذا مع ذاك بل فرقوا بين أكل أموالكم والحفاظ على أموالهم، وقال: (إنه كان حوبًا كبيرًا) أي إثما غليظا.
ان حديث رسول الله: انا وكافل اليتيم في الجنة يجب ان يحتذى به كل مؤمن يرغب ان يكون لرسول الله في الجنة رفيقا فلا منزلة عند الله أفضل من مرافقة الأنبياء والمرسلين.
والمسألة هنا ليست في سد حاجة اليتيم لكنها الوقوف بجانب الضعفاء في أي زاوية من زوايا الضعف حتى لو كان اليتيم يملك مالا فهو في حاجة إلى إحسانك بالمعاملة حتى يعلم أن بدل أبوه في العطف والحنان هناك آباء كثيرة فلا ينشأ حاقدا على كل من يملك أبا، اى لا يقول في نفسه " اشمعنى "..هنا تشيع في المجتمع المحبة والرضا بقضاء الله.
لليتيم حصانة عند الله تعالى (من مسح على رأس يتيم يبتغى بها وجه الله كان له بكل شعرة مرت عليها يداه حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم كنت أنا وهو في الجنة).
وعن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه).
وكتب أبا الدرداء إلى سلمان أن رجلا شكا إلى رسول الله قسوة قلبه، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن أردت أن يلين قلبك فامسح رأس اليتيم وأطعمه).