ورد اسم "الأعراف"، في سورة كاملة من السبع الطوال وجاء تفصيلها في قوله تعالى: « وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ»، وأصحاب الأعراف هم: الأشخاص الّذين تتساوى حسناتهم مع سيّئاتهم، و الأعراف هو عبارة عن سور عالي يقع بين الجنّة وبين النار.
و الأعراف لغة جمع عرف، وهو المكان المرتفع من الأرض كما عرّفها الطبري، وقد قيل لعُرف الدّيك عرفاً لارتفاعه على ما سِواه من جسده، ويعود سبب تسمية المكان المرتفع عرفاً؛ لأنّه يصبح أعرف ممّا انخفض منه.[٤] أمّا في الاصطلاح فالأعراف: حجاب أو سور أو تلّ مُشرف، أو جبال بين الجنّة والنّار، أو أيّ حاجز آخر يجعله الله يوم القيامة بين الجنّة والنار، ويطلع أصحاب الأعراف من خلاله على فريقيّ الجنّة والنار؛ يَعرِفون كلّاً بسيماهم.
ويقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أنواع: الأوّل: الّذين تكون حسناتهم كثيرة وتغلب على سيّئاتهم، وهؤلاء يدخلهم الله تعالى الجنّة وينعمون بنعيمها الدائم من دون عذاب، والثاني: فهم الّذين تكون سيئاتهم أكثر من حسناتهم وهؤلاء يعذّبهم الله، ويدخلهم نار جهنّم خالدين فيها.
والنوع الثالث: فهم الّذين تكون أعداد حسناتهم مساوية لأعداد سيّئاتهم، وأولئك الأشخاص لا يعتبرون من أهل الجنّة، ولا من أهل النّار؛ بل يضعهم الله تبارك وتعالى في مكان مخصّص لهم يسمّى البرزخ، وفي هذا المكان يتمكّن هؤلاء الأشخاص من رؤية الجنّة ورؤية النار، وبعد ذلك يدخلهم الله تعالى الجنّة بعد أن يقضو الفترة التي يحدّدها الله تعالى لهم في البرزخ جزاء لهم، وإنّهم لايدخلون الجنّة إلّا برحمةٍ من الله تعالى وليس بأعمالهم وحسناتهم.
وذلك ما ورد على لسان الحافظ الحكمي الّذي قال عن أهل الأعراف: «يقفون بين الجنّة والنار ما شاء الله أن يوقفوا، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة»، وقد سمّي جبل الأعراف بهذا الاسم لأنّه يقع بين الجنّة والنار.
وأصحاب الأعراف لايكون جزاؤهم دخول النار لأنّ سيّئاتهم لا تجعلهم من أهل النار، ولا يدخلون الجنّة لأنّ حسناتهم لا تخوّل لهم ذلك، ومن حكمة الله تعالى ورحمته وفضله وعدله بأنّه يتركهم فترةً يحدّدها لهم، ثمّ يدخلهم الجنة كي يكون الأمر عادلاً، فلا يدخلون الجنّة مباشرة لأنّهم كانوا يعرفون الحق ويعرفون الباطل، لكنّهم لم يتّبعوا ما أمرهم به الله تعالى بشكلٍ كبير، ولم ينتهوا عن الّذي نهاه الله تعالى بشكل كبير، فوجب لهم العذاب والجزاء.