الغزو الروسى لأوكرانيا.. الأهداف والتداعيات «2»

الغزو الروسى لأوكرانيا.. الأهداف والتداعيات «2»اللواء دكتور وليد فاروق

الرأى18-4-2022 | 10:32

خلصنا فى مقالنا السابق بعنوان الغزو الروسى لاوكرانيا ..الاهداف والتداعيات (1) والمنشور بتاريخ 4/4/2022 الى إستعراض أهم أهداف عمليه غزو روسيا لأوكرانيا ..ونتعرض فى الجزء الثانى من المقال اليوم لأهم التدعيات الناشئه عن هذه العمليه ..وحتى نبدأ من حيث انتهينا فى المقال السابق لابد من الإشاره الى أن العالم قبل هذه العمليه ليس هو العالم بعدها

فالعديد من الاوضاع السياسيه والإقتصاديه بل والعسكريه قد أصابها التغير أو هى فى سبيلها الى ذلك ..

ولنبدأ أولا- بأهم التداعيات فى المجال السياسى :

1 - إن فرض الإرادة السياسيه التى مارسته موسكو على جميع الدول الغربيه وفى مقدمتهم الولايات المتحده الأمريكيه من

حيث الإقدام على تنفيذ هذه العمليه العسكريه رغم إراده الكتله الغربيه كامله ورغم حجم التحذيرات والتهديدات التى

أطلقتها حكومات تلك الدول ضد روسيا يرسخ بما لا يقبل الشك أن هناك نظاماً عالمياً جديداً قد بدا يلوح فى الأفق القريب

نظاماً يزيح النظام القديم القائم على الهيمنه الامريكيه المطلقه والدعم الكامل لها من دول أوروبا الغربيه (عالم أحادى

القضبيه) ..إلى عالم سياسى جديد قد يكون (متعدد الاقضاب) حتى إن لافاروف وزير خارجيه روسيا قد أعلنها صراحه أن

زمن الهيمنه الامريكيه المطلقه قد إنتهى .

2- أصبح لزاماً على دول أوروبا الغربيه أن تنهى تبعيتها المطلقه للولايات المتحده الأمريكيه والتى لم تجلب لها فى المدى القريب والمتوسط سوى العديد من الإشكاليات والأزمات والعلاقات السياسيه المضطربه مع العديد من دول العالم الواقعه فى نطاقها الجغرافى ولا سيما دول الشرق الاوسط فبالأمس القريب كان التأييد الاعمى لاوروبا للولايات المتحده فى مشروعها الشرق الاوسط الجديد أوما يسمى بالربيع العربى آثار وخيمه على معظم دول أوروبا التى أضحت تعانى من أخطار الهجره الغير شرعيه ...وإنتقال الإرهاب إليها ..وإرتفاع معدلات التضخم والبطاله بها كنتيجه لضعف الطلب على المنتجات الاوربيه بصفه عامه كنتيجه مباشره لتراجع حجم التبادل التجارى مع الدول العربيه التى تواجه خطر البقاء والنزاعات المسلحه .. فالربيع العربى بالنسبه لاوروبا هو بمثاباة من يشعل النار فى فناءالمنزل الخلفى معتقداً بأنه فى مأمن من النيران !! وهو مالم تدركه أوربا فى حينه . وهو ماتكرر حاليأً فى الازمه الأوكرانيه .

3- أصبح لزاماً على الدوله الاوكرانيه أن تقبل بتعديلات جوهريه فى دستورها ونظام حكمها يلزمها بالتحول الى دوله على الحياد يخضع نظام حكمها إلى طلبات موسكو الامنيه وذلك من خلال أى تسويه سياسيه قادمه للأزمه الاوكرانيه وهو أمر لن تتنازل عنه موسكو بأى حال من الاحوال .

4- استقطاع جزء من الاراضى الاوكرانيه لصالح إستقلال جمهوريتى دونيتسك ولوغانتسيك الشعبيتين عن اوكرانيا بتاييد ودعم روسى كامل وهو ما يعنى تواجد عسكرى روسى مكثف داخلهما يهدد بقاء الدوله الاوكرانيه فى المستقبل القريب .

ثانياً –أهم التداعيات فى المجال الإقتصادى :

1- كان للعقوبات الإقتصاديه التى فرضها الغرب على روسيا تأثيراً سلبياً مزدوجاً على كلاً من روسيا من جهه و أوروبا الغربيه والولايات المتحده الامريكيه من جهه أخرى !! فقد إرتفعت أسعار البترول والغاز على مستوى العالم كنتيجه مباشره لإرتفاع تكلفه النقل البحرى بزياده حجم التأمين المفروض على السفن نتيجه لإرتفاع حجم المخاطر وفى الإطار نفسه فقد تباطأ الإمداد الروسى من الغاز لدول اوربا الغربيه بفعل قرار بوتين بالتعامل بالروبل الروسى فى عمليات شراء الغاز الروسى وهو ما ترددت معظم الدول الاوربيه فى قبوله .. الامر الذى لازمه إرتفاع ملحوظ فى معظم السلع الرئيسيه حول العالم ولا سيما فى اوروبا التى شهدت بعض عواصمها مظاهرات مندده بإرتفاع أسعار السلع الغذائيه وندرتها

2- أدت قرارات كلاً من أمريكا واوروبا بتجميد الإحتياطيات الروسيه من النقد الاجنبى ومصادره استثمارات بعض رجال الاعمال الروس فى اوروبا وأمريكا إلى وجود حافزاً للعديد من الدول تتجاوز بمقتضاه التعامل بالدولار ..وأصبحت العملات المحليه وعلى الرأس منها الروبل الروسى واليوان الصينى فى بؤره الإهتمام وهو ما يهدد بإنقسام النظام المالى العالمى الى كتل متنافسه قد يكون لها تداعيات سلبيه على مستقبل التجاره العالميه وفى القلب منه العولمه الإقتصاديه الحاليه ...!! حتى ان صحيفه الفاينينشال تايمز البريطانيه قد تحدثت صراحه عن تنبؤاتها بتراجع هيمنه الدولار على الإقتصاد العاملى .

3- أدى تخارج العديد من التوكيلات الأوربيه والامريكيه من السوق الروسى الى شراء روسيا بإسماء أشخاص أو وكلاء جميع حصص الاجانب المعروضه للبيع فى البورصه الروسيه لتحصل بمقتضاها روسيا على اصول كثيره وضخمه باقل من قيمتها الحقيقه ..!!

4- تعتبر كلأً من روسيا وأوكرنيا من الدول الرئيسيه فى تصدير القمح ومنتجات عباد الشمس (الزيوت الطبيعيه) وبالتالى فإن الحرب بينهما قد أثرت بشكل مباشر على حجم المنتج العالمى من هاتين السلعتين الإستراتيجيتين ومن ثم زياده أسعار المخبوزات والزيوت لا سيما فى اوروبا المستورد الرئيسى لانتاج اوكرانيا و روسيا خاصه بعد فرض روسيا قرارت تحظرتصدير السلع الإستراتيجيه لعدد من الدول (الاعداء) والتى بالطبع معظمها دول اوربيه..

5- أصبح لزاما على أوربا البحث عن بدائل للغاز الروسى التى تستقبله عبر خطوط الانابيب وهى تمثل (45%) من إحتياجات الإتحاد الاوربى مما يعنى فرض اعباء ماليه إضافيه ضخمه على ميزانياتها فعلى سبيل المثال خصصت المانيا 3 مليار يورو لصالح تقليل الإعتماد على الغاز الروسى من خلال استيراده عبر ناقلات الغاز ..!! وهى مخصصات قد تؤثر بشكل سلبى على إقتصاديات العديد من الدول الاوربيه إذا ما نهجت نفس المبدأ

6- اظهرت تلك الازمه مدى حاجه دول اوربا الغربيه الى زياده حجم إنفاقها العسكري لصالح جيوشها الوطنيه بعيداً عن الحمايه الأمريكيه الغير فعاله أحياناً والمتردده أحياناً أخرى خاصه بعد السيطره الروسيه الواضحه على البوابه الشرقيه ل أوروبا فى اعقاب عمليه غزو اوكرانيا وهو ما يلقى بالمزيد من الأعباء الإقتصاديه علي حكوماتها مسببه المزيد من إرتفاعات معدلات البطاله والتضخم وتباطؤ الإستثمارات بصفه عامه .

إن تداعيات العمليه الروسيه فى اوكرانيا كثيره ومتشعبه ومتعدده التأثير فى العديد من المجالات وهو ما يطرح التساؤل الحتمى .. إذا فماذا نحن فاعلون ..؟؟ وهو ما سنحاول الإجابه عليه فى مقالنا القادم بإذن الله .

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2