وصف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، من يطعن في الإمام البخاري ويرفض الأحاديث التي ضمها صحيحه الشهير بأنه "جاهل"، لأنه أول من بدأ فكرة توثيق العلم، وأول من وضع مبادئ علم مصطلح الحديث، وحدد 21 معيارًا لقبول أي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يضم صحيحه 2500 حديث.
وأضاف خالد في الحلقة السابعة عشر من برنامجه الرمضاني "حياة الإحسان" المذاع عبر قناته على موقع "يوتيوب"، أن حضارة المسلمين بدأت على فكرة (التوثيق)، غير أن الأمة الإسلامية "فقدت هذه الريادة في العلم، حتى أصبحت الفجوة بيننا وبين العالم 200 سنة، وأصبحت هناك حاجة ملحة لأن يعمل العلماء على تغطية هذه الفجوة".
وأشار خالد إلى أن "القرآن استخدم 17 ألف كلمة غير مكررة، أما شكسبير فاستخدم 1700 كلمة".
ولفت إلى أن "أي حضارة لها منهج أخلاقي وروحاني، وهذا الأساس هو الدافع لكل أعمدة الحضارة، وفي ديننا اسمه التزكية.. (الأخلاقيات)".
وذكر أن "التزكية وردت 4 مرات في القرآن: "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ"، مبينًا أن "دعوة سيدنا إبراهيم شملت العلم والحكمة والتزكية، وهي الأعمدة الثلاثة للحضارة العلم والفكر واللغة، ثم الأخلاق وهي التزكية، يقول تعالى: "كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ"، فالله تعالى رتب أعمدة الحضارة بالتزكية أولاً، ثم العلم والحكمة".
وعرّف خالد التزكية بأنها "منظومة الخلق والروحانيات التي تدفع العلم والفكر واللغة"، وأشار إلى كونها مرادفة لمعنى الإحسان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان(منها ورجل زكى نفسه)"، فقال الرجل: كيف يزكيها يا رسول الله؟، فقال: رجل عبد الله فأحس به كأنه يره فأحسن عمله".
وأوضح، أن "التزكية هي الفكرة، والإحسان هو التطبيق العملي لها. فالإحسان هو عمود الحضارة الأساسي وهو الذي يستطيع أن ينهض بالأمة الإسلامية. والإحسان هو الأمل للأمة الإسلامية، هو النواة التي تخرج العلماء، هو الأمل والفجوة العلمية بيننا وبين الغرب، يرفض التطرف والإرهاب والعنف، ويقوم على اللين".
وقال خالد إن الإحسان في القرآن يأتي بمعني الروحانيات، مثل قول الله تعالى: "إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ".
وأشار أيضًا إلى أنه يأتي بمعنى الأخلاق كما في قوله تعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا"، ويأتي بمعنى الأخلاقي والإبداعي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء".
وفيما صف خالد الإحسان بأنه "إتقان وإبداع"، شدد على أن "الإسلام ليس في صدام مع العالم بل هو متسق مع الحضارة العالمية جدًا، فاجعلوا الإحسان نيتكم لنهضة بلادنا وأمتنا، نريد ان يدرس المنهج علم الإحسان في الجامعات، نحتاج لأن نعيش بالإحسان لنسترد قيم بلادنا وحضارة ديننا، وإخراج أفضل ما لدينا في العلم والرياضة".
وروى خالد أنه كان يتحدث في مؤسسة علم النفس بالولايات المتحدة (فايا)، وشرح معنى الإحسان.. مع الله.. مع الناس.. مع الحياة، وتفاجأ بالفرد عليه: "ما تحكيه هو قمة النضج الإنساني هل لديكم هذا الكنز في دينكم؟".
ووصف الإحسان بأنه "المادة الفعالة للمسلمين مثل المادة الفعالة في الدواء، وعندما افتقدناه أصبحنا نؤدي عبادات بدون إحساس لعدم وجودها. أتمنى أن يعرف الغرب كلمة إحسان كما يعرف كلمة حجاب، فالإسلام والإيمان والإحسان يشكلون معًا الدين الإسلامي، أتمنى أن يبذل الشباب الجهد لكي يعيش بالإحسان".