في إطار احتفال مصر بعيد القيامة المجيد والذى يعقب سبت النور الذى يوافق اليوم يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أحداث سبت النور ويعرف أيضًا بسبت الفرح وأحيانا بالسبت الأسود وهو اليوم الذي يأتي بعد الجمعة العظيمة وقبل أحد القيامة أو عيد الفصح ويقام قداس صباح السبت في معظم الكنائس الشرقية والغربية، ويتم الاحتفال بسبت النور في القدس والأراضي المقدسة بشكل مميز بحيث تُقام مسيرة دينية للاحتفال به خاصةً عند الطوائف الشرقية وأن خروج النور من كنيسة القيامة يحدث فقط في عيد القيامة بحسب التقويم الشرقي أو في السنوات التي يكون فيها العيد موحدًا عند التقويم الشرقي والغربي.
ويقام قداس عيد القيامة مع منتصف الليل حتى الساعات الأولى من صباح عيد القيامة وبعض الكنائس تحبذ الاحتفال بعيد القيامة في صباح الأحد وليس في ليلة سبت النور مثل الكنائس البروتستانتية وبعض الكنائس الأخرى حيث أن النساء ذهبوا إلى قبر السيد المسيح فجر الأحد وكان المسيح قد قام ويقام الاحتفال في ساحة الكنيسة .
وبحسب إنجيل متى فقد دفن السيد المسيح مساء الجمعة بواسطة رجل يدعى يوسف وقد وضع حجرًا كبيرًا على باب القبر وكان يوم السبت هو عيد الفصح اليهودى وفى فجر يوم الأحد جاءت النسوة إلى القبر فوجدن الحجر مدحرجًا والقبر فارغ وملكًا على القبر أخبرهن أن يسوع قد قام من بين الأموات .
ويشير الدكتور ريحان إلى الأيام الأخيرة في حياة السيد المسيح حيث الذهاب إلى بستان جسيمان والقبض على السيد المسيح والمحاكمة أمام حنان وقيافا وإنكار بطرس وإرسال السيد المسيح لبيلاطس ثم هيرودس ثم بيلاطس مرة أخرى وجلد السيد المسيح ثم صلبه وموته ودفنه ثم سبت النور وأحد القيامة وقد ذكره المقريزى أن النور يظهر فى قبر السيد المسيح فى القدس فى ليلة العيد ويضئ منه الناس الشمع وذلك من خلال دراسة أثرية للباحثة الآثارية نرمين رزق الله داود .
ويتابع من خلال الدراسة بأن المسيحيون يحتفلوا بأسبوع البصخة في نهاية صوم القيامة وهو الأسبوع الذي يسبق عيد القيامة ومعنى كلمة بصخة أى عبور وهو عبور الملاك المهلك على بيوت شعب بنى اسرائيل والمصريين قبل خروج بنى إسرائيل وغرق فرعون كما جاء فى سفر الخروج حيث كلم الله موسى أن يُكلم شعبه أن يأخذ كل فرد شاه بحسب بيوت الآباء (شاه للبيت) صحيحة ذكرًا عمرها سنة ويكون عندك إلى اليوم الرابع عشر من هذا الشهر ثم يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل فى العشية ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين والعتبة العليا فى البيوت التى يأكلونه فيها وكانوا يأكلونه مشويًا بالنار مع فطير على أعشاب مرة ولا يُبقوا منه للصباح وإذا تبقى يحرقوه ويكون فصح للرب وأن الملاك سيجتاز فى أرض مصر هذه الليلة "ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها فأرى الدم وأعبر عنكم فلا يكون عليكم ضربة الهلاك حين أضرب أرض مصر" (خروج13:12)
وأن البيت الذي لا يرى الملاك عليه الدم يقتل البكر في ذلك البيت وكان من بين الأبكار بكر فرعون فبعد هذه الضربة أطلقهم فرعون ليعبروا البحر إلى البرية " ويكون لكم هذا اليوم تذكارًا فتعيدونه عيدًا للرب فى أجيالكم تعيدونه فريضة أبدية"(خروج14:12)
وينوه الدكتورريحان إلى أن المسيحيون يصلون فى إسبوع البصخة من كتاب يُسمى "دلال البصخة" أو "قطمارس البصخة" وبداية ظهور هذا الكتاب كان فى القرن الثانى عشر الميلادى تاريخ وضع أول قطمارس للبصخة المقدسة في الكنيسة القبطية وأن النظام المعمول به في صلوات البصخة الآن قد تشكل نهائيًا بهذا الوضع الذى نراه منذ هذا القرن " إنه لما كان القانون الرسولى يأمر بقراءة أسفار العهدين العتيق والحديث صار ذلك فرضًا لازمًا على كل مسيحى حتى جلس الأب الموقر الأنبا غبريال على كرسى مارمرقس الرسول بمدينة الإسكندرية سنة 974ش(1258م) فرأى أن الناس بالنسبة لانهماكهم في أعمالهم لا يمكنهم إتمام القانون الرسولى فجمع علماء من ذوى المعرفة والفهم ورهبانا كثيرين من دير القديس أبى مقار وأخذوا من العتيقة والحديثة ما يلائم ووضعوه كتابًا وسموه كتاب البصخة وصاروا يعملون به الفصح كل سنة فى بيعتهم حتى صار الأب الأنبا بطرس أسقفًا على كرسى مدينة البهنسا فنظر في البصخة فرأى أنهم يعملون في ساعة نبوات وأناجيل كثيرة وفى ساعة أخرى قليلة فجمع من الكتب المقدسة ووضع لكل ساعة من الساعات ما يوافقها وبذا صارت تلاوة الساعات متساوية ووضع لكل يوم من أيام هذا الأسبوع عظتين من أقوال الآباء واحدة للصباح وواحدة للمساء كما هو مدون فى كتاب البصخة إلى يومنا هذا.
ولف الدكتور ريحان إلى علاقة شم النسيم بعيد الفصح عند اليهود والمسيحيين هي صدفة بحت حيث أن بنى إسرائيل حين خرجوا من مصر كان ذلك اليوم يوافق موعد احتفال المصريين ببدء الخلق وأول الربيع وأطلق عليه اليهود يوم الخروج أو الفصح وهى كلمة عبرية معناها (اجتياز) واشتقت منها كلمة (بصخة) إشارة إلى نجاتهم, وهكذا اتفق عيد الفصح العبرى مع عيد بدء الخلق المصرى، ثم انتقل الفصح بعد ذلك إلى المسيحية لموافقته مع موعد عيد القيامة ولما انتشرت المسيحية فى مصر أصبح عيد القيامة يلازم عيد المصريين القدماء، حيث يأتى شم النسيم يوم الاثنين الذى يلى عيد القيامة وهو العيد الأكبر عند المسيحيين، ويكون الاحتفال بهذا العيد يوم الأحد بعد فصح اليهود لا معهم ولا قبلهم.
وأوضح الدكتور ريحان أن لوحة ليوناردو داڤنشي الشهيرة "العشاء الأخير". تجسّد الأيام الأخيرة في حياة السيد المسيح وتصور غرفة طعام في دير سانتا ماريا في روما، كما تصور المسيح جالسًا مع حواريه الـ 12، وتتحدث عن اللحظات الأخيرة، بعد أن أخبرهم أن أحدهم سيخونه قبل شروق الشمس
اللوحة رسمت من عام 1495م وانتهى منها دافنشى عام 1498م وقد رسمها على أحد جدران قاعة الطعام في "دير سانتا ماريا" في ميلان بإيطاليا ويبلغ طول اللوحة 8.8 م وعرضها 4.6م والعشاء الأخير طبقًا للعهد الجديد، هو عشاء عيد الفصح اليهودي التقليدي، وكان آخر ما احتفل به يسوع مع تلاميذه، قبل أن يتم اعتقاله ومحاكمته.
والمشهد ليس لحظة مجمدة بل هو عبارة عن تمثيل للحظات متتالية، حيث أعلن يسوع أن هناك خيانة قادمة وكان رد فعل أحد الرسل الذي كان يقف في المجموعة إلى يسار يسوع ، أنه أشار إلى نفسه ويبدو أنه يقول "بالتأكيد لست أنا " ويبدو أن يسوع يقول "الشخص الذي غمس يده في الوعاء معي سيخونني" في نفس الوقت يجلس يهوذا مع المجموعة إلى يمين يسوع ويمد يده نحو الطبق على الطاولة بينهما وهو الفعل الذي يميز أن يهوذا هو الخائن.
وإلى جانب السيد المسيح نفسه فإن الشخصية المحورية في اللوحة هي شخصية “يهوذا” المتآمر الذي سلم المسيح للرومان وكان موقعه الخامس من اليسار، وقد تعمّد دافينشي رسم وجهه في الظل، بينما ظهر خلف يهوذا مباشرة “بطرس” بلحية بيضاء ووجه غاضب، متحدّثا إلى “يوحنا المعمدان” الذي يظهر بملامح أنثوية في نفس الوقت الذي يميل برأسه ليستمع إلى بطرس.