9 أكتوبر 1977 يوم صادم للعالم بتصريحات الرئيس الراحل السادات

9 أكتوبر 1977 يوم صادم للعالم بتصريحات الرئيس الراحل الساداتالرئيس الراحل محمد أنور السادات

أسفرت حرب أكتوبر 1973 عن نتائج مباشرة على الصعيدين العالمي والمحلي، من بينها تغيير المعايير العسكرية في العالم شرقًا وغربًا، وتغيير الاستراتيجيات العسكرية في العالم، والتأثير على مستقبل كثير من الأسلحة والمعدات، وعودة الثقة للمقاتل المصري والعربي بنفسه وقيادته وعدالة قضيته، وكذلك حالة الوحدة العربية التي تمثلت في تعاون جميع الدول العربية مع مصر، والتي جعلت من العرب قوة دولية، لها ثقلها ووزنها، وسقوط الأسطورة الإسرائيلية، وقد مهدت حرب أكتوبر الطريق لعقد اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، الذي عُقد في سبتمبر 1978 على إثر مبادرة "السادات" التاريخية في نوفمبر 1977 وزيارته للقدس.

كفاح دبلوماسي

وتحتفل مصر في 25 من إبريل بالذكرى الأربعين من تحرير سيناء من احتلال الإسرائيلي، وهو تاريخ خروج العدو الإسرائيلي من أرض الفيروز عام 1982، واكتمال التحرير بعودة طابا فى مارس 1988، وقد نجحت الدولة المصرية فى تحرير أرض سيناء بعد المرور بعدد من الحروب بدأت بحرب الاستنزاف مرورا بحرب أكتوبر المجيدة، والتي استطاعت من خلال الكفاح السياسي والدبلوماسي من أجل استعادة باقي الأراضي المصرية.

صدمة العالم

وكان لخطاب الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى 9 أكتوبر 1977، أمام أعضاء مجلس الشعب المصرى وإعلان استعداده الذهاب لإسرائيل وزيارة القدس المحتلة، مما كان له وقع الصدمة على العالم بالكامل، فقد كان الرئيس السادات صاحب عقلية عبقرية استخدم فى التعامل مع العدو الإسرائيلي استراتيجية، فكان اقتحامه لطريق السلام أمام العالم، وقال "ستُدهش إسرائيل عندما تسمعني أقول الآن أمامكم إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم"، وانهالت عاصفة من التصفيق من أعضاء المجلس، ولم يكن هذا الهتاف والتصفيف يعني أنهم يعتقدون أنه يريد الذهاب فعلا إلى القدس.

وخلال زيارته للقدس، وإلقاء كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي، بدعوة من مناحم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي وأعلن السادات أن تحقيق أي سلام بين مصر وإسرائيل دون وجود حل عادل للقضية الفلسطينية، لن يحقق السلام العادل، الذي ينشده العالم كله.

ومن أبرز كلمات السادات بالكنيست الإسرائيلي "قد جئت إليكم اليوم على قَدَمَيْن ثابتَتَيْن، لكى نبنى حياة جديدة، لكى نُقِيم السلام.. وقد كان بيننا وبينكم جدار ضخم مرتفع، حاولتم أن تبنُوه على مدى ربع قرن من الزمان، لكنه تحطم فى عام 1973".

الأسس الخمسة

طرحت المبادرة التي أعلنها الزعيم الراحل أنور السادات خمسة أسس قام عليها السلام وهي إنهاء حالة الحرب القائمة في المنطقة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلت عام 1967، وتلتزم كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقًا لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية، وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولته، وحق كل دول المنطقة في العيش في سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتفق عليها تحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية، بالإضافة إلى الضمانات الدولية المناسبة.

وعبر ويزمان عن نتيجة المفاوضات قائلاً "إن الفجوة بين قواتنا شاسعة"، وكما عبر عنها المشير محمد الجمسي، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، بقوله "إننا مختلفين فى جميع النقاط"، وحقا أيضا كان هناك سد على بين الأفكار المصرية والإسرائيلية.

وثيقتا التسوية

وقد عقدت اللجنة السياسية أولى جلساتها صباح 17 يناير بحضور الوفود الثلاثة المصري برئاسة محمد إبراهيم كامل، والإسرائيلي برئاسة ديان والأمريكية برئاسة سيروس فانس وزير الخارجية الأمريكية.

في 18 سبتمبر عام 1978 تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد في البيت الأبيض، وتضمنت وثيقتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربي ـ الإسرائيلي.

لقد كانت اتفاقية كامب ديفيد هي نهاية مرحلة من مراحل الصراع فى الشرق الأوسط، فعلى المستوى الدولى حسم الصراع بين القوتين الأعظم لصالح الولايات المتحدة الأمريكية هذا الصراع الذى انفجر فى عام 1956 وبلغ الذروة فى عام 1967 وحسم فى عام 1978 وعلى المستوى الوطنى، فإن هذه الاتفاقية وما تلاها من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وضعت نهاية لمراحل الصراع بين مصر وإسرائيل هذه المرحلة التى بدأت ب حرب أكتوبر 1973 ثم زيارة القدس 1977 وانتهت باتفاقية كامب ديفيد 1978.

جدول الانسحاب

وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام في 26 مارس 1979، ونصت على إنهاء حالة الحرب بين الطرفين وإقامة سلام بينهما، وانسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، على أن تستأنف مصر سيادتها الكاملة على أرض سيناء.

أدت معاهد السلام إلى وضع جدول زمني إلى انسحاب إسرائيل من سيناء، وفي 26 مايو 1979 تم رفع العلم المصري على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش / رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام، وفي 26 يوليو 1979 كانت المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من سيناء بمساحة 6 آلاف كيلو متر مربع من أبوزنيبة حتى أبو خربة.

في 19 نوفمبر 1979 تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام، وفي 19 نوفمبر 1979 الانسحاب الإسرائيلي من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء.

رفع العلم

وفي 25‏ إبريل‏ 1982‏، بعد أن استغرقت الجهود الدبلوماسية لاستعادة الأرض سبع سنوات، تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عامًا، وإعلان هذا اليوم عيدًا قوميًا مصريًا في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء، فيما عدا الجزء الأخير ممثلاً في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء.

خلال الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في عام 1982، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، وأي خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية التي تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.. وقد كان الموقف المصري شديد الوضوح، وهو اللجوء إلى التحكيم، بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق.

هدم نظريات

يقول المشير محمد عبد الغنى الجمسي، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر، لقد تباكت إسرائيل على "نظرية الأمن الإسرائيلي خلال المفاوضات منذ بدأناها ووضعت إسرائيل لنفسها ركائز هذه النظرية أهمها امتلاك القوة المسلحة واستخدامها لفرض الأمر الواقع على الدول العربية لكن حرب أكتوبر 1973 هدمت هذه النظرية وأثبتت استحالة تحقيق أهداف إسرائيل السياسية غير المشروعة كما أثبتت أن الأمن لا يمكن أن يتوفر لإسرائيل إلا فى ظل العدل وتحقيق الأهداف العربية المشروعة فى تحرير الأراضي العربية المحتلة واستعمار حقوق شعب فلسطين.

وجاءت الخطوة الأخيرة بعودة طابا مرة أخرى بعد الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء في عام 1982، وقيام الرئيس الراحل حسني مبارك برفع علم مصر على طابا المصرية معلنا تحرير كامل سيناء من يد الكيان الصهيوني المحتل.

أضف تعليق