شم النسيم هو عيد الطبيعة وعيد الزراعة وعيد الزهور وعيد بعث الحياة وعيد أول الزمان لدى المصريين القدماء وللأسف إنه أيضا عند المصريين الحاليين عيد الفسيخ، !!
فهناك عادات غذائية أساسية لدى المصريين يوم شم النسيم.. وهى تناول البيض الملون وتناول الفسيخ ، ورغم كل ما قيل وما يقال عن أضرار الفسيخ ورغم حالات التسمم، التى تحدث كل عام من تناول الفسيخ إلا أن المصريين لديهم إصرار على تناول الفسيخ فى هذا اليوم، بل وانتظار اليوم بشغف شديد ولهفة؛ لتناول الفسيخ.
وهذا العام يأتى يوم شم النسيم أثناء شهر رمضان الكريم وأثناء الصيام ، فهل سيصر المصريون على تناول الفسيخ فى وجبة الافطار يوم الإثنين أم سيقومون بتأجيل الفسيخ؛ لتناوله يوم عيد الأضحى مع كعك العيد وهى عادة سائدة أيضا منذ زمن لدى المصريين.
وقد حدث هذا بالفعل عام 1955 أن صادف شم النسيم شهر رمضان المبارك ولم يمنع ذلك من قيام البعض بالإفطار على البيض الملون و الفسيخ والبصل وتابعت الصحافة الفنانين في رمضان ومنهم "زهرة العلا" في شم النسيم وشم البصل. وصرحت الفنانة "ماجدة" للصحافة بأنها اكتفت بشراء بيضة كبيرة من الشيكولاته مزركشة الألوان
المصرى القديم وتناول الفسيخ
أما السبب وراء تناول المصريين القدماء للسمك المملح في يوم العيد، فيرجع كما يقول المؤرخ إبراهيم العنانى، عضو اتحاد المؤرخين العرب إن المصري القديم كان لا يأكل السمك في فصل الشتاء ولكنه كان يقوم بحفظه بطريقة التمليح وذلك لقتل الميكروبات الموجودة داخله، ثم يقوم بتخزينه داخل أبراش بين طبقات من الملح وعندما يأتي فصل الصيف يقومون بفتح هذه الأبراش لاستخراج السمك كما أن المصري القديم كان يقدس النيل ويطلق عليه الإله { حابي}؛ لذلك فإنه كان يعتبر السمك، الذي يستخرج من مياه النيل إنما تحل عليه البركة ويحقق الشفاء من الأمراض طالما أنه مستخرج من هذه المياه المقدسة.
وأضافت أن عددا ضخما من سيدات مصر يقمن بتجهيز الفسيخ، قبل شم النسيم والكثير منهن يقمن بتمليح الأسماك فى المنزل ويضعون عليه الكثير من الليمون والخل اعتقادا أن ذلك يقوم بتعقيم الفسيخ يضمن سلامة الفسيخ ونظافته فلا يسبب تسمما ولا أى أعراض مرضية ضارة مثل الإسهال والقىء، ولكن الحقيقة أن الفسيخ حتى لو تم صنعه بالمنزل وحتى لو تم وضع الكثير من الليمون والخل فهذا لا يضمن سلامته ولا خلوه من السموم، والأخطر أن تسمم الفسيخ ليس حالات قىء أو إسهالا ولكن هو أكثر خطورة من ذلك، فهو يسبب شللا فى عضلات الوجه والرقبة والرئتين أيضا، وهو ما قد يسبب حالات وفاة .
الفسيخ خطر حتى لو تم تمليحه بالمنزل.
وحول مخاطر الفسيخ تقول د.مها غانم، رئيس قسم الطب الشرعى والسموم بكلية طب الإسكندرية والمدير الأسبق لمركز علاج السموم بالكلية إن كل الأسماك واللحوم بصفة عامة تحتوى على بكتيريا موجودة بالبيئة وتفرز أنواعا من السموم وهذه البكتيريا يتم القضاء عليها بسهولة بالتعرض للنار أى الغليان وحتى لو كانت قد أفرزت سموما فى اللحوم فإن الغليان يكسر تلك السموم.
تسمم البوتيوليزم،
تقول د.مها غانم إن الجراثيم، التي تنتجها بكتيريا البوتولينيوم مقاومة للحرارة وتوجد على نطاق واسع في البيئة، وفي حالة عدم وجود الأكسجين فإنها تنبت وتنمو ثم تفرز السموم.
و غالبًا ما ينتج التسمم الغذائي الناجم عن تناول الأطعمة المعلبة في المنزل أو من أكل الفسيخ و قد ينتج من تسمم الجروح أو تسمم الرضع و قد تنتج من الاستعمال الطبى لسم البوتيولزم ( بوتكس ) او استنشاق التسمم الغذائي (مثل الإرهاب البيولوجي) أو من تلوث الماء
و سم البوتولينوم الموجود فى الفسيخ ، أقوى السموم العصبية، و تمنع سموم البوتولينوم وظائف الأعصاب ويمكن أن تؤدي إلى شلل في الجهاز التنفسي والعضلي.
تبدأ أعراض التسمم الغذائي عادة بضعف العضلات، التي تتحكم في العين والوجه والفم والحلق. قد ينتشر هذا الضعف إلى الرقبة والذراعين والجذع والساقين. يمكن أن يؤدي التسمم الغذائي أيضًا إلى إضعاف العضلات المشاركة في التنفس ، مما قد يؤدي إلى صعوبة التنفس وحتى الموت
و الفسيخ بالطبع لا يتم تسخينه اطلاقا ويوضع فى جو بلا اكسجين، مثل البراميل التى يتم تمليحه فيها وبالتالى تفرز الأسماك المملحة السموم وهذه السموم لا تسبب حالات التسمم العادية مثل الإسهال والقىء ولكنها أخطر من ذلك فهى تتعامل مع بعض الانزيمات الموجودة بين أعصاب الإنسان والعضلات وتبدأ العضلات فى التوقف عن الانقباض بأمر من المخ وتدخل تلك العضلات فى حالة من الشلل وتبدأ من العضلات البسيطة فى الوجه ثم عضلات الرقبة، ثم عضلات الجهاز التنفسى وكل هذه العضلات تبدأ فى الشلل وبالطبع عند توقف عضلات الجهاز التنفسى، خاصة الرئة لابد أن يوضع المريض على جهاز التنفس الصناعى إلى أن يتم استعادة نشاط العضلات أو يتم تخليق موصلات عصبية مرة أخرى ،وبالطبع لابد أن يتم إعطاء المريض المصل الخاص بالتسمم وسعر جرعة المصل تتراوح من 80 الى 100 ألف جنيه. وأضافت أن اللحوم يكون بها حوالى سبعة أنواع من السموم ومنها ثلاثة أنواع تفرز سموم البوتيوليزم السامة، التى تسبب شلل العضلات واحد هذه الأنواع الثلاثة موجود فى الفسيخ ، وهذه الآثار نراها فى دول خارجية تتناول اللحوم المملحة دون تسوية ويحدث لمن يأكلها نفس ما يحدث لمن يتناول الفسيخ.
وأضافت أنه حتى الفسيخ، الذى تم تمليحه بالمنزل من أسماك طازجة يمكن ايضا أن يحتوى على البكتيريا السامة، فالتمليح لا يقضى على البكتيريا السامة ولا الخل ولا الليمون يقضى على البكتيريا ولم تتعرض الأسماك لأى عملية تسخين.
وأضافت د.مها غانم أن حدوث حالة تسمم من الفسيخ لشخص قد يكون مصابا بفيروس كورونا (والفيروس لايزال موجودا ولم يتم القضاء عليه )ولم تظهر عليه الأعراض بعد، يمثل كارثة متعددة الجوانب فهذا المريض إصابته بالحالتين معناها وفاته دون نقاش لأن سموم الفسيخ تسبب فشل الجهاز التنفسى ومنه الرئتين ويجعلها غير قادرة على العمل وفيروس كورونا يستهدف الرئتين ويجعلها غير قادرة على العمل وبالتالى حتى لو تم وضع المريض على جهاز التنفس الصناعى لن يفلت من الوفاة، والجانب الآخر أن المصاب بالتسمم لو كان مصابا بفيروس كورونا هناك احتمالات كبيرة لنقل العدوى إلى الأطباء وهيئة التمريض المتعاملين معه ومع حالات أخرى مصابة بالتسمم ونحن فى وضع الآن لا يحتمل هذه الكارثة ، كما أن أجهزة التنفس الصناعى لن تكفى المصابين بالتسمم وهى مشكلة أخرى، خاصة أن المصابين بفيروس كورونا يحتاجونها وهل يضمن من يتناول الفسيخ أن البائع، الذى اشتراه منه او أحد العمال بالمحل غير مصاب بالكورونا؟هذا وارد بالطبع ،وأنا أؤكد أنه لا شىء اسمه تناول الفسيخ المملح بالبيت يضمن نظافته ويحمى من التسمم لأن هذا غير حقيقى؛ لأن البكتيريا موجودة فى كل الحالات وأتمنى أن يمتنع الناس عن تناول الفسيخ هذه الفترة، خاصة هذا الأسبوع لأنه من الأسابيع الحاسمة نظرا لازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا ونحن نحتاج بشدة لاجهزة التنفس الصناعي؛ لعلاج هذه الحالات وبالتالى لن يجد المصاب بالتسمم جهاز تنفس يتم اسعافه عليه، والمشكلة أن حالات التسمم من تناول الفسيخ بدأت فى الظهور والتوافد على مركز السموم منذ نهاية الشهر الماضى وبدأت تظهر كل أسبوع حالة أو أكثر والاسبوعين الماضيين وصلنا إلى حوالى ست حالات ،والأسبوع الماضى أتى إلى المركز حالتى تسمم من ادكو حالة منهم توفيت نظرا لقدومه متاخرا والحالة الأخرى عاش بعد تناول جرعتين من المصل وليس جرعة واحدة.
وقالت عن تناول الرنجة إنها أقل خطورة لأنها تتعرض للنار قبل تمليحها ولكن الخطورة عندما تكون منتهية الصلاحية وهذا وارد بالطبع وفى حالة تناولها وهى منتهية الصلاحية قد تسبب تسمما عادي، وهو الإسهال والقىء والمريض فى هذه الحالة يتناول المطهرات، التى تعالج التسمم العادى .
وطالبت د.مها غانم المواطنين بالامتناع عن تناول الفسيخ هذه الفترة تحديدا وطالبت بضرورة تشديد الرقابة على محلات بيع الفسيخ والتوعية المستمرة .
وعن العلاج من تسمم الفسيخ قالت إن وزارة الصحة تقوم بتوفير علاج البوتيولزم مجانا و قد يحتاج الشخص من قارورة واحدة إلى ثلاثة و ثمن كل واحدة حوالى 80 ألف جنيه.
وأوصت د.مها فى حالة الإصرار على تناول الفسيخ بغلى الفسيخ حوالى 10 دقائق قبل تناوله .
وتنظيف الأطباق والأواني، التي كان لها أي اتصال ب الفسيخ أو اللحوم النيئة أو الدواجن أو السمك أو البيض.
ولا يتم وضع اللحم المطبوخ أو السمك او الفسيخ مرة أخرى على نفس الصفيحة أو الحاوية، التي احتفظت باللحوم النيئة، ما لم يتم غسل الحاوية بالكامل.
وعدم استخدام الأطعمة، التي لها رائحة غير عادية أو طعم مدلل.
وعدم شرب الماء من المجاري أو الآبار، التي لم يتم معالجتها فقط شرب الماء، الذي تمت معالجته أو الكلورينات
الأطعمة المالحة تضر القلب والكلى وترفع الضغط
وأضافت أن تناول الأطعمة المالحة، مثل الفسيخ حتى لو لم يسبب التسمم، فهو يسبب اضرارا أخرى، فالملح يجعل الجسم يحتفظ بالماء و الماء الزائد في الدم يعني أن هناك ضغطًا إضافيًا على جدران الأوعية الدموية ، مما يرفع ضغط الدم و يؤثر على وظائف القلب كما أن تناول الأطعمة المالحة خلال شهر رمضان والصيام أو إضافة الكثير من الملح على المائدة أو أثناء الطهي لك أو لعائلتك يمكن أن يجعلنا جميعًا نشعر بالعطش الشديد والجفاف.
و الكلى تلعب دورًا مهمًا في إزالة السوائل والفضلات من الجسم وفي التحكم في ضغط الدم و تناول الكثير من الملح يجعلهم أقل قدرة على القيام بعملهم ، ويرفع ضغط الدم ويؤدي إلى أمراض الكلى كما تؤدى الأملاح الزائدة إلى ارتباك فى عمل المعدة.