الحسين والساقية والفيشاوى «قبلة» السهرانين

الحسين والساقية والفيشاوى «قبلة» السهرانينالحسين

ساقية الصاوي والحسين ومقهى الفيشاوي، الثالوث الأشهر لدى غالبية المصريين وأيضًا ضيوف مصر فى شهر رمضان وخلال عيد الفطر، إذ تتسم هذه الأماكن بالعراقة والجمال وأيضًا بالفن والثقافة.

هنا فى حي الحسين، حيث تفوح من الجدران المحيطة بك رائحة التاريخ، ستجد إلى جوارك الزائرين من كل لون وجنس، فالمصريون والعرب جاءوا إليه للاستمتاع بلياليه الرمضانية المبهجة وتناول وجبات الإفطار والسحور بمذاق شرقي أصيل يعيد لهم زمن الجمال والألفة، أما الأجانب فيمثل الحسين لهم واحدًا من أهم المقاصد السياحية، حيث يجدون ضالتهم من التحف والهدايا التي تحمل طابعه التاريخي بداية من الفرعوني ومرورا بالقبطي والإسلامي.

ففى هذه الساحة فى رحاب مسجد الحسين وداخل أزقة شوارعه المزدحمة، يتجمع ضيوف الحي فى ليالى رمضان يتناولون الشاي ويدخنون النرجيلة ويستمعون إلى الإنشاد الديني ويتجولون فى الشوارع الضيقة ذات الطراز المعماري القديم والحارات التي تغمرها الأضواء.

خان الخليلي

وفى ذات المنطقة اتجهنا إلى منطقة خان الخليلي شاهدنا الكثير من صناعة الحلى الذهبية والفضية والكريستال والحرف التقليدية والتراثية ومئات العمال والحرفيين، وتشتهر هذه المنطقة ببيع المشغولات الذهبية والفضية والنحاسية والأشكال الفنية والبخور والأباجورات والأعشاب الطبيعية والزجاج المعشق والبلدي والشيش العربي، وبه مكان مخصص للمصنوعات الجلدية والنحاسية وتتراوح أسعار هذه المنتجات حسب أحجامها وخاماتها ويوجد فى تلك المنطقة نقوشات تروي حكاية إيزيس وأوزوريس، وترى المسابح بمختلف أنواعها من المصنوع ببذور الزيتون والبلاستيك وشمس نور الصباح والمصنوع من الفيروز والمرجان والكهرمان وخشب الصندل، وبعد غروب الشمس نجد نزول الأجانب والمصريين من كل المناطق خاصة بعد الإفطار بصحبة أسرهم وأصدقائهم للاستمتاع بأمسية فى هذا الجو الشعبي.

ملتقى الفيشاوي

ولا يمكن أن تكتمل الجولة دون المرور على قهوة الفيشاوي ذات السمعة العالمية، لدرجة ما إن تقترب منها حتى تستقبلك رائحة النرجيلة بأنواعها المختلفة وتطالعك الوجوه العربية والأجنبية التي اصطفت تأخذ مكانها بالمقهى العتيق، والذي كان مقصدا لطلاب العلم للاستذكار كما كان ملتقى للحركات الطلابية السرية بهدف الإعداد للمظاهرات ضد جيش الاحتلال الإنجليزي، وذلك تحت ستار تناول الشاي الأخضر مع النعناع الذي تميز المقهى بتقديمه مع وجود فرق موسيقية مرتدية ملابس ذات الطابع الإسلامي والطربوش الأحمر تغني أغانٍ قديمة معبرة عن شهر رمضان.

إبداع الغورية

أما شارع الغورية والذي تدب فيه حركة غير عادية خاصة فى شهر رمضان الكريم الذي يهل سنويًا بروائح الزمن الجميل، ولأنه شارع تاريخي يذهب إليه الناس من كل فج عميق لأن أرجاءه تمتزج بطعم ولون ورائحة الجذور والتاريخ، وأيضًا يمتد عمره لأكثر من ألف عام، كما أنه أشهر وأعرق الأسواق التاريخية المصرية يرسم فيه لوحة شديدة الإبداع والخصوصية.

ورصدت كاميرا «أكتوبر» الكثير من الحرف اليدوية والأعشاب والطرابيش ويضم الكثير تجار من بلدان عديدة مثل سوريا والمغرب.

وترجع تسميته إلى السلطان الأعظم الأشرف قنصوة الغوري آخر سلاطين المماليك الذي انتهىحكمه عام 1517 ميلادي، عندما فتح مصر على يد السلطان العثماني سليم الأول، تتميز بضائع شارع الغورية بالجودة والسعر المنخفض حيث يعرف بأنه شارع تجار الجملة حيث يشتهر بالهدايا والأقمشة والسجاد والعطارة والسائحين.

باب زويلة

ويعتبر باب زويلة هو الباب الذي يستقبل كل القادمين إلىالغورية وعند عبوره نجد مسجد (المؤيد شيخ) وعلى بُعد خطوات منه يوجد سبيل آخر على يمين الشارع، هو سبيل محمد علي، الذي شيده محمد علي باشا والي مصر ترحمًاعلى روح ابنه والذي تغلب عليه الروح الأوروبية فى البناء، ويوجد أيضا جامع الفكهاني على رأس حارة (خشقدم)، أما مسجد الغوري فيضم فى رحابه منزلاً ومقعدًا وحمامًا ومدرسة وكتابًا دليلاً على أمجاد دولة المماليك.

الخيمة الملكية

وفى ذات الجولة اتجهنا إلى منطقة القلعة وشاهدنا قبل تجولنا فى خيمة رمضان الملكية هناك، سيارة تشبه سيارات الجولف تنتظر لتوصيل الزائر، حتى المكان الذي سيتناول فيه سحوره على نقطة مرتفعة يشاهد منها معظم المناطق الأثرية ومسجد محمد علي المبهج بالأنوار والطقوس الرمضانية والتي تكاد تكون حلم أي إنسان عابر أمامها سواء يسير على قدميه أو بسيارته من الخارج على طريق صلاح سالم.

وبينما يجلس فى طقس احتفالي رائع ثري بالمشاهد التاريخية، سيلمح مدفع رمضان التاريخي الذي كان يطلق من فوق القلعة للإعلان عن موعد إفطار الصائمين.

تذوق الثقافة

أما ساقية الصاوي (تذوق الثقافة قبل الكنافة) هذا هو شعارها فى شهر رمضان والتي تعتبر أول المراكز الثقافية الخاصة فى مصر وأوسعها انتشارا اليوم، وتعد نموذجا للكيانات الثقافية فى عصرها بعد الثقافة الحكومية.

تجولنا داخل ساقية الصاوي شاهدنا دخول كل فئات المجتمع، خاصة الطبقة المثقفة من الشباب نظرا لأن سعر التذكرة وقيمة الاشتراك مناسب للجميع، وتسعى ساقية الصاوي لنشر الفنون الأدائية المختلفة ومنها الفن المعروف عالميا (استاندآب كوميدي) وذلك وفقا للمعايير الأخلاقية المستقرة فى المجتمع المصري.

الاشتراك مفتوح لكل من لديه موهبة لعرض مدته 10 دقائق الفائزون يحصلون على دورة تعليمية مدتها الإجمالية 20 ساعة على مدى خمس أسابيع يقدمها فنانون متخصصون فى كل المواد، وأيضا ورشة تدريب على العمل الفردي والجماعي للإعداد لحفل جماعي، وأيضا المشاركة فى حفل جماعي يحصل كل مشترك فيه على عشرين دعوة مجانية.

أضف تعليق