قال الدكتور شوقى علام -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، إن المتتبع لرحمة النبى صلى الله عليه وسلم بالمخلوقات من بشر وحيوانات وجمادات سيجد علاقته بجيرانه على هذا النحو أو أكثر، فقد كانت رحمته عامة.
وأكد فضيلته أن هناك العديد من مواقف الرحمة والمحبة للنبى صلى الله عليه وآله وسلم، منها أنه عاتب صاحب جمل على تحميل الجمل ما لا يطيق بعدما اشتكى الجمل للنبى صلى الله عليه وسلم، بل أخذ تعهدا من هذا الرجل على ألا يفعل ذلك مرة أخرى.
وتابع: "حتى الجمادات كانت تحن إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان له عليه الصلاة والسلام جذع منصوب فى المسجد يستند إليه وهو يخطب الناس، وعندما صنع له الصحابة منبرا من ثلاث درجات، حزن ذلك الجزع، وأصبح له أنين مسموع، فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر واحتضنه وهو يئن حتى سكن، ثم قال: "أما والذى نفس محمد بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة".
ولفت المفتى النظر إلى أن الإسلام أوصى بالجار فى مواطن عديدة من القرآن والسنة، منها قوله تعالى: "وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب"، ومنها قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: "ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" متفق عليه.
وشدد مفتى الجمهورية على أن الشرع الشريف أكد على احترام الجار والإحسان إليه، وبين أن للإنسان حقوقا على جاره، فلا يؤذيه ولا يضره، وهذه الحقوق والواجبات ليست مخصوصة بالمسلم فقط، بل تتعدى إلى غير المسلم، وقد نظم الإسلام تعامل الجار مع جاره فى جوانب متعددة، ولنا فى رسول الله أسوة حسنة، فقد كان يتعامل برقي وإحسان وحكمة ورحمة مع جيرانه.
وأوضح أن الجوار والجيرة لا تقتصر على الجيرة المكانية، بل تشمل كل جيرة بدنية مع الآخرين فى أى مكان يكون فيه الإنسان.
واستعرض العديد من النماذج التى رسخها الرسول الكريم فى حسن تعامل الجار كعدم رد الإساءة بالإساءة، وكذلك تفقد أحوال الجيران والسؤال عنهم والرفق بهم بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو لونهم، وكذلك عدم تعمد تصدير الأذى والإساءة لهم، أو حرمانهم من حقوقهم أو مضايقتهم.
وأكد مفتى الجمهورية، جواز ومشروعية إطعام الجار المسيحى الطعام وقبول الطعام منه، بل يجوز إفطار الصائم عنده، فكل هذا داخل فى البر والتراحم والإحسان.