«جزر سليمان» تشعل المواجهة الصينية الأمريكية

«جزر سليمان» تشعل المواجهة الصينية الأمريكيةجزر سليمان

عرب وعالم3-5-2022 | 14:38

جزر سليمان.. ذلك الأرخبيل الواقع فى جنوب المحيط الهادئ .. أصبح ساحة جديدة للصراع بين الصين من جهة و الولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى، وذلك بعد توقيعها اتفاقا أمنيا واسع النطاق مع بكين، ما يمهد الطريق أمام أول وجود عسكرى صينى فى هذه المنطقة الاستراتيجية، التى طالما كانت الولايات المتحدة هى صاحبة النفوذ المهيمن فيها إلى جانب الحلفاء أستراليا ونيوزيلندا واليابان، الأمر الذى اعتبرته واشنطن تهديدا مباشرا لمصالحها وأمنها الاستراتيجى.

وأعلنت الصين و جزر سليمان فى 19 إبريل عن توقيع اتفاقية تعاون أمنى مشترك، وذلك رغم الجهود الدبلوماسية التى بذلتها استراليا و الولايات المتحدة خلال الأسابيع السابقة لثنى جزر سليمان عن التقرب من بكين.

وقالت الصين، إن الغاية من الاتفاق دعم قدرة الدولة الجزيرة، البالغ عدد سكانها 800 ألف نسمة والتى تعانى من الاضطرابات والفقر، على الحفاظ على الأمن والنظام داخل المجتمع والتعامل مع الكوارث الطبيعية والإغاثة الإنسانية.

من جانبه، نفى رئيس وزراء جزر سليمان ماناسيه سوغافارى وجود أى نية لديه للطلب من الصين إنشاء قاعدة عسكرية بحرية فى بلاده.

لكن ذلك لم يكن كافيا لتهدئة مخاوف أستراليا والولايات المتحدة، حيث إن مسودة للاتفاق تم تسريبها نهاية مارس الماضى أوضحت أنه يتضمن مقترحات تجيز نشر قوات من الشرطة و البحرية الصينية لضبط الأمن فى الأرخبيل.

وشهدت جزر سليمان فى نوفمبر الماضى أعمال شغب نتيجة لأسباب متعددة، من بينها استياء جزء من السكان من إقدام رئيس الوزراء على إقامة علاقات أقوى مع بكين بعد أن قطع فجأة فى 2019 العلاقات التى أقيمت منذ فترة طويلة مع تايوان، وتعرضت شركات مملوكة لصينيين للتخريب والحرق فى العاصمة هونيارا. ومنذ ذلك الحين، سعت بكين التى أرسلت مدربين للشرطة ومعدات لمكافحة الشغب، إلى تعزيز وسائل حفظ الأمن فى الجزيرة.

وعقب الإعلان عن توقيع الاتفاق الأمنى، قام وفد أمريكى رفيع المستوى بزيارة جزر سليمان، ضمن جولة شملت فيجى وغينيا باباو الجديدة وهاواى، وذكر البيت الأبيض فى بيان أن «الوفد أوضح أنه إذا اتُّخذت خطوات باتجاه وجود عسكرى دائم بحكم الأمر الواقع، أو لفرض الهيمنة أو لإقامة منشأة عسكرية.. فستكون للولايات المتحدة هواجس كثيرة وسترد وفق ما يقتضيه الأمر»، حسب فرانس برس.

وفى مسعى لإحباط تمدد بكين فى هذه المنطقة الاستراتيجية، بحث المسئولون الأمريكيون أيضا تسريع إعادة فتح السفارة الأمريكية- بعد 29 عاما على إغلاقها- وإطلاق «حوار استراتيجى» رفيع المستوى للانخراط فى قضايا تتراوح من التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى الصحة العامة والتمويل والديون.

بدوره، قال رئيس الوزراء الأسترالى سكوت موريسون، فى حديث للصحفيين، إن بناء الصين لقاعدة عسكرية فى جزر سليمان سيكون «خطا أحمر» لأستراليا، ونقلت شبكة «ايه بى سى نيوز» قوله: «بالعمل مع شركائنا فى نيوزيلندا وبالطبع الولايات المتحدة، أشارك نفس الخط الأحمر الذى تتبعه الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بهذه القضايا».

وفى سياق تحليل تهديدات واشنطن فى أعقاب الإعلان عن الاتفاق الأمنى بين الصين وجزر سليمان، قال رئيس الجمعية الصينية للدراسات الأسترالية ومدير مركز الدراسات الأسترالية بجامعة شرق الصين التربوية، تشن هونج، إن توقيع الاتفاقية الأمنية أثار ردة فعل هستيرية لدى واشنطن بعد أن شهدت عجز استراليا عن تعطيل التعاون بين الصين وجزر سليمان.

وأوضح تشن لصحيفة «جلوبال تايمز» أن «واشنطن تعد منطقة جنوب المحيط الهادئ بمثابة «رأس جسر» مهم لها ضد الصين، حيث تسعى إلى مزيد من الدفع باستراتيجيتها فى المحيطين الهندى والهادئ للضغط على بكين بشأن بحر الصين الجنوبى وتايوان». وأضاف قائلا: «لذلك فإن الولايات المتحدة تضع أستراليا الآن على الهامش وتتدخل بشكل مباشر أكثر فى المنطقة».

على الجانب الآخر، يرى مراقبون غربيون أن تلك الخطط تكشف بشكل واضح عن نوايا الصين تجاه المنطقة للمرة الأولى.

ونقلت «بى بى سى» عن جوناثان برايك، المتخصص فى شئون الجزر الواقعة فى المحيط الهادئ، إن تلك الخطط «تظهر بوضوح ما تنشده الصين، وقد أسدت هذه الخطط بشكل ما صنيعًا لأستراليا؛ فنحن لا نزال فى بداية عملية طويلة ولم نر بعد جنودا على الأرض أو أى وجود عسكرى فى جزر سليمان.. لكن مجرد الوقوف على نية الصين أمر مثير للقلق».

وبحسب تحليل للكاتب الأسترالى روت بولارد نشرته وكالة «بلومبرج» للأنباء، فإن جزر سليمان أصبحت حلقة فى مسلسل التوترات بين الصين من ناحية وكل من الولايات المتحدة و أستراليا من ناحية أخرى، مشيرا إلى تحذير الولايات المتحدة من أن هذا الاتفاق سيبقى الباب مفتوحا أمام نشر قوات الجيش الصينى فى جزر سليمان، على بعد حوالى 2000 كيلومتر من الساحل الشرقى لأستراليا، والتواجد على طرق ملاحة رئيسية تربط بين أستراليا ونيوزيلندا وآسيا والولايات المتحدة.

وحذر بولارد من أن الدول الغربية لن تستطيع وقف التمدد الصينى فى منطقة المحيط الهادئ إلا إذا نجحت فى إقناع شعوب تلك الجزر بأن عروض التعاون العسكرى والمساعدات الاقتصادية ومشروعات البنية التحتية التى تقدمها لتلك الدول أكثر استدامة. وبدون ذلك سيتمدد النفوذ الصينى من جزيرة إلى أخرى فى المحيط الهادئ.

أضف تعليق