وكلاء الخراب

تتسارع الأحداث داخل الأراضي الفلسطينية وترتفع معها حدّة وتيرة الأزمة التي ضربت المنطقة بعد الاجتياح الإسرائيلي ل قطاع غزة عقب عملية 7 أكتوبر من العام الماضي التي قامت بها المقاومة الفلسطينية.

يزداد المشهد تعقيدًا يومًا بعد يوم، ليصبح من الصعب التوقع بنتائج ذلك الصراع، فإسرائيل تواصل حرب الإبادة الجماعية فى قطاع غزة وتتوسع فى عملياتها العسكرية بدعم أمريكي فى الباطن ورفض إعلامي فقط من جانب واشنطن نراه فى التصريحات الإعلامية من جانب إدارة الرئيس بايدن ، للتوسع فى العمليات الإسرائيلية وبدء العملية العسكرية فى رفح .

في الوقت ذاته تواصل مصر عملها على تخفيف حِدة معاناة الأشقاء الفلسطينيين بإنزال المساعدات فى قطاع غزة ، ومواصلة تقديم الدعم لمواجهة حِدة الأزمة التي وصفتها «الأونروا» بالكارثية، فى ظل تدهور الأوضاع بعد إغلاق القوات الإسرائيلية لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني، وكذا إغلاق معبر كرم أبو سالم.

كما حرصت مصر أيضًا على العمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإعلان هدنة بين الجانبين، يمكن من خلالها الوصول إلى حل لوقف نزيف الدم والدمار الذي شهده القطاع وراح ضحيته أكثر من 34 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف مصاب.

الأمر الذي جعل المفاوض المصري يحرص على تقريب وجهات النظر بين الجانبين، وخلال الأيام القليلة الماضية كادت المفاوضات تصل إلى نتيجة إيجابية، خاصة بعد إعلان حماس قبولها لما طرحته مصر وأعلنت قبولها للهدنة، ليسارع مجلس الحرب الإسرائيلي فى ذات الوقت معلنًا بدء عملية الاجتياح لـ رفح الفلسطينية الأمر الذي حذرت منه مصر مؤكدة أن الدفع بالأزمة إلى حافة الحاوية أمر محفوف بالمخاطر، وكان على الحكومة الإسرائيلية أن تعمل باتجاه حل الأزمة لا الدفع بها نحو مزيد من التعقيدات.

(1) المفاوض المصري حرص منذ بداية الأزمة على التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سلمي ووقف الآلة العسكرية الإسرائيلية، وضرورة إعلان سلام حقيقي يتصدره إعلان حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، إذا كانت حكومة نتنياهو أو الإدارة الأمريكية ترغبان بشكل حقيقي أن يحل السلام فى منطقة الشرق الأوسط.

كما أكدت ضرورة وحدة الصف الفلسطيني ونبذ الخلافات وحالة الفرقة من أجل بناء دولة فلسطينية.

كما حذرت مصر من خطورة نقل دوائر الصراع إلى نقاط أخرى مما سيكون له أثر سلبي على الأمن والسلم الدوليين، بل سيؤدي إلى إطالة أمد الصراع.

ففي الوقت الذي كانت تراهن فيه إسرائيل على عدم موافقة حماس على الهدنة وإعلان وقف إطلاق النار، وتتخذها ذريعة دائمًا لاستمرار عمليات الاجتياح الإسرائيلية للقطاع.. والعمل على تصفية القضية الأمر الذي تصدت له مصر بقوة وحزم محذرة من تحرك حكومة نتنياهو باتجاه تصفية القضية على حساب دول الجوار.

لقد تسببت عملية الاجتياح الإسرائيلي ل رفح الفلسطينية فى رفع مستوى حدة الأزمة، وحرصت مصر على إدارة المفاوضات بحكمة شديدة للوصول إلى حل لكن على ما يبدو أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لا يستهدفان الوصول إلى حل، فعقب الاجتياح وإغلاق إسرائيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني والسيطرة عليه، جاء رد حماس باستهداف تجمعات عسكرية إسرائيلية بالقرب من معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر المخصص لدخول الشاحنات والذي يشهد منذ بداية الأزمة حالة من التضييق الشديد من جانب إسرائيل، والتعنت فى عمليات التفتيش لتقليل عدد الشاحنات التي تدخل إلى الأراضي المحتلة المحملة بالأغذية والمؤن والمستلزمات الطبية والمواد الإغاثية.

الأمر الذي سجله أعضاء العديد من المنظمات الدولية وأعضاء الكونجرس الأمريكي الذين زاروا معبر كرم أبو سالم، مؤكدين أن الجانب الإسرائيلي يتعنت فى وصول المساعدات للفلسطينيين.

فما بين التعنت الإسرائيلي وحرب الإبادة الجماعية التي تمارسها الآلة العسكرية لحكومة نتنياهو ورد حماس وصمت المجتمع الدولي؛ وعدم قدرته على تنفيذ قرار مجلس الأمن الذي قضى بوقف إطلاق النار الصادر فى 25 مارس الماضي بالوقف الفوري لإطلاق النار فى الأراضي الفلسطينية، يظل الشعب الفلسطيني الأعزل هو من يجني نتيجة ذلك بمزيد من الدماء والشهداء والدمار.

تطورات الأوضاع والدفع بها نحو حافة الهاوية يعد مقامرة غير محسوبة من جانب مَن يدفعون بها إلى ذاك الاتجاه، فبحث الجانب الإسرائيلي عن مكتسبات عند التفاوض حال الدفع بالأزمة نحو الحافة، لم يعد مقبولاً، ولن تكون نتائجه إيجابية.

فالجانب الإسرائيلي واهمٌ إن ظن أنه يستطيع أن يحصل على مكتسب من ذلك المسار، بل إن تلك الخطوات والتحركات تهدد أمن واستقرار إسرائيل وليس كما تزعم حكومة نتنياهو ومجلس حربه، من أن تلك التحركات هدفها القضاء على الإرهاب للحفاظ على أمن إسرائيل.

كما أنه بذلك يضلل الشعب الإسرائيلي الذي يطالبه بضرورة إعادة الأسرى لدى حماس، وقد وعد مجلس الحرب الإسرائيلي بأنه يستطيع استعادة الأسرى من خلال العمليات العسكرية لكنه لم ينجح فى ذلك.

لكن ما نجح فيه نتنياهو فى تلك الأزمة هو ووكلاء الخراب من حكومته (إيتمار بن غفير- وزير الأمن القومي الإسرائيلي، وبتسلئيل سموترتيش وزير المالية) هو نشر مزيد من الدمار والخراب وارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني لإرضاء عنصريتهم القميئة التي يحاولون بها إنقاذ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من المحاكمة.

(2) المشهد يزداد تعقيدًا باستمرار تعنت الجانبين وعدم جدية الجانب الأمريكي فى ممارسة ضغوط حقيقية على الحكومة الإسرائيلية، والانتقال من مربع التحذيرات والمطالبات إلى مربع الفعل الحقيقي، كوقف المساعدات وتقليل حجم الدعم المالي المستخدم فى معالجة آثار الحرب، وهو الأمر الذي يجعل الجانب الإسرائيلي قادرًا على مواصلة إطالة أمد الحرب.

هنا لا بد من إدراك أمر مهم وهو أن منطقة الشرق الأوسط وما تعانيه من توترات واضطرابات خلال الثلاثة عشر عامًا الأخيرة يجعلها مهيئة وبقوة للاشتعال حال انفلات زمام الأمر وتوسع دائرة الصراع.

المشهد الحالي حال استمرار الجانبين بمواصلة التعنت وعدم الوصول إلى حل، قد يكون بمثابة القضاء على الفرصة الأخيرة لإحلال السلام، وهنا لن تكون المنطقة وحدها من ستدفع فاتورة هذا الصراع، بل إن العالم بأسره والقوى الدولية التي ترى المشهد دون تأثير فاعل للضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف الحرب.

فمنطقة الصراع تلك، حال استمرار الأزمة، سيزداد تأثيرها السلبي على الاقتصاد العالمي نظرًا لتأثر خطوط الملاحة الدولية بالأزمة، وهو ما ظهر من آثار سلبية على الاقتصاد الأوروبي خلال فترة استهداف الحوثيين لخطوط الملاحة فى البحر الأحمر.

كما ستتسع رقعة الصراع وتنتقل آثارها من عمليات إرهابية، فتلك التنظيمات قد تستغل الأزمة لتوسيع عملياتها وهو ما حذرت منه مصر عندما طالبت بضرورة حل الدولتين وإعلان الدولة الفلسطينية حتى لا تتخذ هذه التنظيمات الأمر ذريعة وتوسع من عملياتها مما سيكون له أثر سلبي على الأمن والسِّلم الدوليين.

إن تطورات الأحداث خاصة الأسبوع الماضي ومع اجتياح إسرائيل لمعبر رفح الفلسطيني وأجزاء من مدينة رفح الفلسطينية فى عملية محدودة تتحدث إسرائيل عن قدرتها على القيام بعملية كبرى، وهو ما حذرت منه مصر مطالبة تل أبيب بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية.

ونظرًا للتحركات الإسرائيلية بدأت صفحات السوشيال ميديا تشتعل بالحديث عن تهديد التحركات الإسرائيلية لاتفاقية السلام، ومحاولات الدفع بالدولة المصرية للانزلاق باتجاه الصراع.

وهنا لا بد أن ندرك فطنة القيادة السياسية المصرية وإدراكها لكل تفاصيل وتقاطعات ما يدور فى المنطقة وحجم التحديات والتهديدات وكيفية التعامل معها وإدارة الأزمات باحترافية للحفاظ على أمن واستقرار الوطن وحماية مقدراته.

العرجاني وإعلام الإرهابية

ما إن تم إعلان تأسيس اتحاد القبائل العربية برئاسة الشيخ إبراهيم العرجاني حتى انطلقت أبواق التنظيم الإرهابي ومعاونوها لتشن هجومًا على الاتحاد ورئاسته، بل تدفع بسمومها لتزييف الوعي لدى البعض ممن لم يدققوا فى المشهد أو يجهدوا أنفسهم فى البحث عن التفاصيل، فهؤلاء معذورون بحبهم لوطنهم لكن كان من الواجب عليهم أن يتعرّفوا على التفاصيل بشكل أكثر دقة.

فمصر دولة مركزية تدعو دائمًا للحفاظ على الدولة الوطنية والجيوش الوطنية، وهي دائمًا لا تنسى فضل أبنائها ف اتحاد القبائل العربية هو بمثابة كيان مجتمعي مثل جمعية مجاهدي سيناء، وباقي الكيانات المجتمعية التي لها دور مجتمعي وفق قانون الجمعيات الأهلية.

إن محاولات تشويه الاتحاد هي عملية ممنهجة تديرها مجموعات وكتائب إلكترونية تابعة للتنظيم الإرهابي، وهناك تفاصيل كثيرة فى هذا الملف سنتعرّض لها فى مقال مفصّل لتوضيح تفاصيل وحقيقة ما يجري من حرب تستهدف هذا الكيان المجتمعي.

أضف تعليق

الاكثر قراءة

تسوق مع جوميا
إعلان آراك 2