سيناء هبة الله لمصر وللمصريين – هى درع مصر الشرقى، الذى تتحطم عليه كل الغزوات والاعتداءات، إذا ما أحسن استغلالها، وقد نظمها الخالق جل وعلا فى ثلاث مصفوفات جبلية، كل مصفوفة منها تشكل حائطا جبليا يمثل خطا دفاعيا منيعا بأقل قدر من القوات.
والحائط الأول يمر به خط الحدود الشرقية من رفح شمالا إلى طابا جنوبا وأشهر جباله الوجير وضلفه والحلال وصفرار الحمظ..
الحائط الثانى ويقع غرب خط الحدود الدولية بحوالى 50 إلى 70 كم ويقع من جنوب العريش فى الشمال حتى يلاقى هضبة (التيه أو العجبة أو العجمة) وكلها أسماء لهضبة واحدة فى جنوب سيناء، يضم الخط مجموعة جبال جيب المغارة الطوغرافى ثم جبل يلق وجبل المنشرح حتى جبل غرة شمال مدينة نخل أسفل الحافة الشمالية للهضبة.
أما الحائط الثالث وهو الحائط الغربى ل سيناء الأشد منعة والأكثر تحكمًا فى طرق الاقتراب الخمسة المحدودة من اتجاه الشرق إلى قناة السويس وهى المحور الساحلى والأوسط والجدى ومتلا وسدر، ويضم الحائط جبال أم رجام وسحابة وأم خشيب والجدى والطوال والراجة ثم بضبع وسومار اللاصقين للهضبة.
وللقائلين لماذا انسحبنا منها فى حربى 1956، 1967، أقول إن الانسحاب تم بأوامر كان لها ما يبررها فى 1956م وهو الدفاع عن قناة السويس، التى أراد الإنجليز والفرنسيون الاستيلاء عليها بينما كان جيشنا منشغلا فى حرب إسرائيل فى سيناء..
أما فى حرب يونيو 1967 فكان الانسحاب نتيجة خطأ من القائد العام للجيش المصرى، الذى أعطى الأمر بالانسحاب قبل أن يقع أى اشتباك مع قوات العدو، وذلك بعد الضربة الجوية الإسرائيلية لطائراتنا وهى جاثمة على الأرض، ولو تركت القوات فى سيناء دون أمر بالانسحاب ما نجحت إسرائيل فى الوصول إلى الحائط الغربى ل سيناء وربما إلى خط العريش.
نأتى إلى السؤال المهم.. لماذا سيناء مطمع للجيران والطامعين؟
والإجابة ببساطة هى لأن بها فراغًا سكانيًا.
حيث مساحتها (61000 كم2) ويبلغ إجمالى سكانها الأصليين نصف مليون نسمة (ربع مليون فى الشمال والربع الآخر فى الجنوب)، بينما جيرانها على الاتجاه الشرقى وهم إسرائيل أو فلسطين المحتلة تبلغ مساحتها 20 ألف كم2 وعدد سكانها حوالى 8 ملايين نسمة (منهم 6 ملايين يهودى، و2 مليون عربى إسرائيلى – فلسطينى 1948، الذين لم يخرجوا من أرضهم ويحملون الجنسية الإسرائيلية) وفى الضفة الغربية البالغ مساحتها حوالى 7000 كم2 حوالى 3 ملايين نسمة، أما قطاع غزة ذو الـ (365 كم2) فيه حوالى 2 مليون نسمة.
ولأن الطامعين لا يفهمون ولا يقدرون معنى «التراب الوطنى»، الذى تزيد قيمة كل ذرة منه على دماء كل المصريين جيشا وشعبا، فإنهم ينظرون إلى هذا الفراغ، الذى يقع فى خيالهم فقط على أنه الحل لمشاكلهم أو على الأقل جزء من الحل.
ولم تكن خطة تبادل الأراضى، التى وضعها الإسرائيلى «جيورا إيلان» أول تلك الخطط ولن تكون آخرها، فى المناداة بهذا الحل أو الاحتلال إذا ما أسمينا الأشياء بأسمائها، والأخطر من ذلك أنه كان هناك من اقتنع ونادى بل وعمل على تنفيذ ذلك، فئة تنتمى إلى المصريين وهم جماعة الإخوان المسلمين.
والحقيقة أن كل القيادات، التى حكمت مصر كانت تعلم ذلك المرض (الفراغ السكانى) وللحق فإن قائدًا واحدًا فقط هو من قرر تناول الدواء، الذى يقضى على هذا المرض، إنه أعظم قرار بعد قرار العبور عام 1973، قرار إعمار سيناء بالبشر – قبل الشجر والحجر – تحية إلى الرئيس «عبد الفتاح السيسي» صاحب هذا القرار.
إنه قرار جرىء شجاع مدروس بعناية من خبراء فى كل مجال، وسوف نفرد لهم صفحات فى كل مجال من المجالات.
ولكننا الآن نلقى نظرة سريعة على ما تم إنجازه فى الطريق إلى تحقيق الهدف المنشود وهو وصول سكان سيناء إلى 2 : 3 مليون نسمة قبل نهاية عام 2030 ثم إلى (6 : 8) مليون نسمة بنهاية عام 2050 إن شاء الله.
فعملا ببيت الشعر القائل «بالعلم والمال يبنى الناس مجدهم.. لم يُبن مجد على جهل وإقلال».
بدأ التخطيط بدراسات متخصصة من مجموعات من العلماء، جابوا سيناء من أقصاها إلى أقصاها وجاثوا وغاصوا خلالها أياما وشهورا حتى خلصوا إلى أفضل التقديرات، وحتى الآن وإلى ما شاء الله لن تتوقف الدراسة والمشاهدة والمتابعة وصولا إلى الأفضل، وحلا لأى مشاكل طارئة قد تعترض خطة التنفيذ.
أما المال فقد تم تخصيص 700 مليار جنيه؛ لخطة الإعمار قابلة للزيادة مما تدره سيناء نفسها من أرباح واستثمارات من مواردها الذاتية، المقدرة والمتوقعة إن شاء الله.
وبالرغم من انطلاق العديد من المشروعات معًا فى وقت واحد بالتوازى، إلا أن الفكرة العملاقة بإنشاء خمسة أنفاق أسفل قناة السويس، إضافة إلى نفق الشهيد أحمد حمدى وكوبرى السلام الثابت والكبارى العائمة، إضافة إلى المعديات، قد أنهت إلى غير رجعة ذلك الفصل القسرى بين سيناء والوطن الأم، ولم يعد العبور منها أو إليها يستغرق أكثر من دقائق معدودات بعد أن كانت السيارات تنتظر على المعبر ليال غير معدودة فى انتظار دورها فى العبور من الشرق إلى الغرب أو بالعكس.
أما الحديث عن البنية التحتية، التى أُعدت والجارى إعدادها وخطة الإعمار فإلى اللقاء فى العدد القادم إن شاء الله.