عاطف عبد الغنى يكتب: لو وصلوا لحكم مصر!

عاطف عبد الغنى يكتب: لو وصلوا لحكم مصر!عاطف عبد الغنى يكتب: لو وصلوا لحكم مصر!

*سلايد رئيسى12-1-2018 | 21:07

 لم يتوقف كثيرون عند هذا السؤال: لماذا لم يسع الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تكوين ظهير شعبى سياسى له حتى الآن، فى صورة حزب سياسى وهى الصيغة المعمول أو المعترف بها فى النظم الديمقراطية الليبرالية، والآلية التى يخرج من خلالها الشخصيات المؤهلة من النخب السياسية لتولى وظائف القيادة؟! هل الرئيس لا يؤمن بدور إيجابى للأحزاب فى خلق حياة سياسية صحيحة أو صحية؟! أم أن هناك قناعات أخرى لدى الرئيس لم يرد أن يفصح عنها فى هذا الشأن، وهو الذى لم يتحمس لتشكيل حزب سياسى يكون هو قائده وزعيمه، كما طالبه كثيرون منذ أن تولى الحكم وإلى الآن، وقد أوشكت فترة رئاسته الأولى على الانتهاء ؟!.

وحتى اللحظة الراهنة لم يرد الرئيس أن ينضم لحزب قائم، سواء حزب قديم لديه تاريخ مثل الوفد أو التجمع مثلًا، أو جديد من تلك الأحزاب التى ظهرت بعد ثورة 25 يناير وحققت نجاحًا ملحوظًا أو نسبيًا، مثل أحزاب المصريين الأحرار، ومستقبل وطن، وحماة الوطن وغيرها.

(1)

ربما أرسل هذا السؤال لسيادة الرئيس ضمن مبادرة «اسأل الرئيس» وأجد إجابة منه على السؤال، وإلى أن يحدث هذا أقدم اجتهادى التالى كإجابة وصلت لها عن السؤال الذى يدور فى ذهنى منذ عامين أو ثلاثة، لكنها لا تعنى على الإطلاق أنها قناعات الرئيس، والأقرب أنها تعكس قناعات كاتب هذه السطور. وقبل الشروع فى الإجابة عن السؤال هناك ملحوظة أولى لا بد أن نثبتها، وهى أن رؤساء الجمهورية الخمسة الذين تعاقبوا على حكم مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952 وهم على الترتيب (محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك وعبد الفتاح السيسى) كانوا ينتمون بالأساس للمؤسسة العسكرية، وهى مؤسسة تؤمن بالعمل والإنجاز وإطاعة الأوامر وتنفيذها ولا تملك رفاهية الجدل النظرى، والنقاش، والعصف الذهنى، فكل قضية بالنسبة للجندية هى معركة لا تحتمل إلا نتيجتين، المكسب أو الخسارة. هذا ما يجب أن نتذكره لننتقل منه إلى الملحوظة الثانية وهى أن ثورة 23 يوليو وزعيمها جمال عبد الناصر - وقد وصلت إلى الحكم فى ظروف أشبه بظروف مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 - هى التى حلت الأحزاب السياسية وأوقفت العمل بها، وكما أخبرنا التاريخ وكُتابه أن رجال الجيش الذين خرجوا ليلة 23 يوليو على النظام الملكى، وتشكل منهم مجلس قيادة الثورة كانت قناعاتهم (ما عدا اثنين أو ثلاثة منهم) أن ما حل بالبلاد من فساد سياسى قبل الثورة تتحمل الأحزاب السياسية وممارساتها جزءًا كبيرًا منه، وأن هذه الأحزاب - من وجهة نظرهم - أضرت بالعمل السياسى برمته، وأيضًا بقواعد الديمقراطية.

ومن هذا المشهد الماضى يمكن أن ننتقل لمشهد مماثل خاص بثورة 25 يناير 2011 ونتذكر الحزب الوطنى وكوادره الذين جمعوا فى زواج آثم بين المال والسياسة، وسيطروا على سوق السياسة ووجهوا بوصلتها وبورصتها للتخديم على مصالحهم حتى ضجت الجماهير والشعب المصرى، وخرجت لإسقاطهم. وأحزاب ما قبل 25 يناير 2011 كان لها أيضا نصيب فى الفساد السياسى مثل أحزاب ما قبل 23 يوليو 1952. وكان لهذا الأمر فى الحالتين، بالتأكيد، مردوده السيئ لدى من يريد الإصلاح، ومن هنا لم تكن الأحزاب هى المدخل أو نقطة الانطلاق والارتكاز التى تقنع من يريد الإصلاح وإنقاذ وطن يكاد يغرق أن يبدأ من خلالها أو من عندها.

(2)

من التاريخ أيضًا يمكن أن نرصد مشهدًا آخر حدث مع ثورة 23 يوليو ويشبهه إلى حد كبير ما حدث بعد ثورة يناير، وفى المشهد القديم نرى أن القانون رقم 179 لسنة 1952 الذى حمل اسم «قانون تنظيم الأحزاب، وتم بمقتضاه حل الأحزاب، لم يتطرق إلى جماعة الإخوان المسلمين، فكانت الاستثناء الوحيد ككيان منظم يشتغل بالسياسة ولم يتم حله، وقد يكون السبب أن ثوار يوليو فعلوا ذلك من باب المهادنة، وحتى لا يدخلوا فى مواجهة مع جماعة منظمة لديها ميليشيات مسلحة، وتنظيم سرى، ويمكن أن تجر المواجهة معها إلى حرب أهلية مدمرة ليس فقط لمكتسبات الثورة ولكن للبلد كله، ألا يذكرك هذا بما حدث بعد ثورة يناير؟!

(3)

وجاء فى ديباجات رسمية أن مجلس قيادة الثورة رأى بالفعل أن الأحزاب السياسية أفسدت أهداف ثورة 1919 وأرادت أن تسعى بالفرقة، ولم تتورع عناصر منها عن الاتصال بدول أجنبية وتدبر ما من شأنه الرجوع بالبلاد إلى حالة الفساد السابقة (على الثورة) بل الفوضى المتوقعة. كانت هذه هى قناعات رجال ثورة 23 يوليو ولم يختلف إلا ثلاثة أرادوا أن يعيدوا الأحزاب اثنان من هؤلاء الثلاثة كانا ذوى توجهات يسارية أو شيوعية، وهما خالد محيى الدين، ويوسف صديق، أما الثالث فهو محمد نجيب، ولم يعرف أن له توجهًا أيديولوجى، لكنه كان محسوبًا على الإخوان أو قل، سعى للاستقواء بهم فى صراعه الأخير قبل أن يغادر السلطة.

(4)

استرجعت ما سبق مع الإعلان عن تأسيس ما يسمى «الحركة المدنية الديمقراطية» التى يقودها حمدين صباحى، وينضوى تحت لوائه خالد على، ومحمد أنور السادات، ووجوه أخرى صعد نجم البعض منها بعد ثورة يناير 2011، قبل أن يبدأ المؤشر فى الهبوط بشعبية ومصداقية هؤلاء، ودون أن يتوقف عند حد معين مع إصرار أصحاب هذه الوجوه على التحول فى حلبة السياسة ومعاركها من الخصومة الموضوعية إلى الخصومة الشخصية، دون النظر لمصلحة عامة أو الالتزام بأجندة وطنية، وتحول بعضهم من أشخاص بدا أنهم يتسمون بالعقل والحكمة والكياسة إلى أشخاص موتورة تدنت بخطابها إلى مستويات لا يصح لمثلها أن تهبط إليه، هذا مع الإصرار على أن الإنجاز هو فى هدم المنافس وليس فى تقديم الفعل الإيجابى المطلوب منهم لإقناع الناس باستحقاقهم أن يكونوا منافسين ومستحقين أن يجلسوا على كرسى الرئاسة الذى هو أعلى منصب فى الدولة.

وبلغة الشارع السياسى لم يقدم هؤلاء إلا «كلامًا حنجوريًا» وحلم بـ «يوتوبيا» لم تتحقق فى معاقل اليسار ولا اليمين اللذين ينتمون إليها! وأراهن أنهم أنفسهم إذا امتلكوا أى سلطة سوف يتحولون إلى كائنات أخرى.. لا تقل عن الإخوان فى فاشيتهم وتفضيلهم للجماعة والرفقاء وأهل الثقة وأصحاب السبوبة على غيرهم من أبناء الوطن، هذه ثقافتهم والله .

أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2