أكد قادة الحكومات ورجال الأعمال في المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" أن أزمة الطاقة، التي تعد الأسوأ منذ نصف قرن، قد تعطل انتقال الغرب إلى مصادر طاقة نظيفة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
وقال مسؤولون حكوميون إن تدافع أوروبا لفصل نفسها عن الطاقة الروسية في أعقاب الحرب على أوكرانيا سيؤدي إلى استثمارات جديدة قصيرة الأجل في الفحم والنفط والغاز الطبيعي والطاقة.
وحذر بعض القادة في دافوس من أن الأزمة قد تمنح المنتجين أيضًا فرصة للاستثمار في بعض مشاريع الوقود الأحفوري طويلة الأجل، التي كانت أوقفتها الحكومات الغربية، لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
وأشاروا إلى أن هذه الاستثمارات في الوقود الأحفوري ستجعل من الصعب الوصول إلى أهداف اتفاقية باريس للمناخ، التي تسعى إلى الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، لتجنب الآثار السيئة للاحتباس الحراري.
وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس: "من المشروع توفير أمن الطاقة ومعالجة هذه المسألة الطارئة العاجلة. لكن لا ينبغي الخلط بين هذا مع قيام البعض بموجة جديدة واسعة النطاق من استثمارات الوقود الأحفوري".
وذكر جو كايسر، رئيس مجلس إدارة شركة "Siemens Energy AG"، أنه بدأ يسمع أفكارًا عن الطاقة من بعض العملاء كان يعتقد أنها انتهت منذ فترة طويلة. وأضاف كايسر: "نرى الكثير من الناس يتحدثون عن أشياء لم أكن أتوقع أنها ستعود إلى الطاولة، مثل التنقيب في بحر الشمال".
وما يميز هذه الأزمة في الطاقة عن تلك التي شهدتها العالم في سبعينيات القرن الماضي، أنها تشهد ارتفاعا متزامنا في أسعار النفط والغاز الطبيعي والفحم.
في أعقاب بدء الحرب، ارتفعت أسعار النفط إلى 139 دولارًا للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008. وفي الآونة الأخيرة، يتم تداول النفط حول 110 دولارات للبرميل، أي ما يقرب من 70 ٪ فوق مستويات ما قبل كورونا. كما بلغت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا مؤخرًا حوالي 94 دولارًا للميجاواط في الساعة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل عام.
وقررت بعض الدول في أوروبا تقليل الاعتماد على الوقود الروسي بحرق المزيد من الفحم على المدى القصير.
ويتوقع جلين ريكسون، رئيس تحليل الطاقة الأوروبية في "S&P Global Commodity Insights"، أن أوروبا الغربية ستولد 13 جيجاوات من الطاقة من الفحم في عام 2023، وهو أعلى معدل منذ عام 2019.
وقال بيرول: "إذا زادت الاستثمارات الجديدة في محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم في آسيا، سنودع هدفنا بخفض درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية".
لكن نشطاء المناخ والعديد من العلماء وخبراء الطاقة يجادلون بالعكس، ويدافعون عن إنهاء فوري لمزيد من الاستثمار في الوقود الأحفوري لمنع درجات الحرارة العالمية من الارتفاع بشكل أكبر.
وصرح مبعوث الولايات المتحدة لشؤون المناخ جون كيري، بأن الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا لا ينبغي أن تعرقل الأهداف المناخية.
في معرض حديثه خلال مؤتمر صحفي عقد الثلاثاء، حول تسريع وتيرة تحقيق الهدف المتمثل في "صفر انبعاثات" فيما يتعلق بالغازات الحابسة للحرارة، قال كيري "لا ينبغي أن نسمح بصياغة رواية خاطئة" مفادها أن الحرب "تغني بطريقة ما عن الحاجة إلى المضي قدما ومعالجة أزمة المناخ".
وأضاف أنه من الممكن تلبية الحاجة إلى زيادة الطاقة من الوقود الأحفوري على الأمد القصير، لا سيما في أوروبا، والبقاء على المسار الصحيح لخفض الانبعاثات خلال السنوات القادمة.
في غضون ذلك، قالت رئيسة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إن القمة المقبلة لتغير المناخ المقررة في مصر في نوفمبر، من شأنها أن تصبح "لحظة محورية" لكوكب الأرض.