أهم ما فى المؤتمر الصحفي العالمي، الذى عرض فيه دكتور مدبولى، رئيس الوزراء، خطة حكومته لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، هو أن مدبولى خلع "عباءة المقاول"، وخبير التخطيط العمرانى، وارتدى عباءة رجل الاقتصاد، الذى يتحدث بلسان اقتصادى مبين، وبالأرقام عن سبل زيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى، والحفاظ على معدلات النمو، وزيادة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة؛ والعبور بالاقتصاد المصري إلى بر الأمان، وأتمنى لو يعقد رئيس الوزراء، مثل هذا المؤتمر شهريا ليشرح ما تحقق من خطة الحكومة وتهدئة مخاوف الرأى العام من آثار الأزمة العالمية.. فهناك العديد من الأمور التى تشغل بال الناس، والتى يجب أن يضع فيها النقاط على الحروف..
يعنى بالمختصر المفيد يا دكتور مدبولى "تكلم حتى نراك".. كما قال عمنا سقراط الفيلسوف..!
سؤالى لدولة رئيس الوزراء: بذمتك يادكتور هل وزراء الحكومة الحالية، مؤهلين لتنفيذ هذه الخطة الجبارة لمواجهة كل الأزمات المحلية والعالمية الراهنة..؟!!
على فكرة أنا مش عاوز إجابة؛ لأننى وكل المصريين عارفين الإجابة وحافظينها صم..!!
تخوفى الأساسى مما طرحه رئيس الوزراء، هو حكاية رفع نسبة مشاركة القطاع الخاص فى الاستثمارات المنفذة من 30 إلى 65% خلال ثلاث سنوات.
فالتجارب السابقة تشير إلى أنه على الرغم من أن كل خطط حكومات مبارك كانت تقدر نسبة مشاركة القطاع الخاص فى الاستثمارات بـ70%.. إلا أن القطاع الخاص لم ينجح فى الوصول لهذه النسبة أبدا؛ حتى أن أحد وزراء التخطيط فى عهد مبارك اعترف، فى ندوة بنقابة الصحفيين، بأن هذه النسبة لم تتجاوز أبدا 35%..!!
طبعا ليس معنى ذلك تكسير مجاديف الحكومة.. لكننى أنبه فقط.. وأتمنى أن تنجح الحكومة فى تحقيق هذا الهدف، الذى عجزت عن تحقيقه كل الحكومات السابقة.
فقديما قالوا: "إيش غرض الأعمى قالوا قفة عيون"..!!
تخوفى أيضا مما طرحه رئيس الوزراء، هو أن أحد المحاور المهمة لخطة الحكومة، هو القيام بأكبر طرح للشركات العامة والفنادق والموانئ فى البورصة المصرية.. فهل البورصة بوضعها الراهن قادرة على ذلك.. وهل الـ21 إجراء التى تعتزم الحكومة اتخاذها كافية لإصلاح حال البورصة.. ليت رئيس الوزراء يستطلع آراء خبراء سوق المال المحايدين فى هذه الخطوة الجبارة قبل البدء فيها..بس ياريت مايسألش بتوع هيئة الرقابة المالية اللى سابوا البورصة حتى وصلت إلى هذه الحال التى قد تسر عدوا لكنها لا تسر حبيبا أبدا..!!
أهم ما قاله رئيس الوزراء، هو أن الدولة ستزيد مواردها من النقد الأجنبى ذاتيا من خلال تسييل مجموعة من الأصول دون الاعتماد على مصادر خارجية.. وأعتقد أن هذه الخطوة تحتاج جهدا من الحكومة لطمأنة وتهيئة الرأى العام لتقبلها.
لم يتحدث مدبولى، فى مؤتمره الصحفى عن علاقة الحكومة بصندوق النقد الدولى ودوره فى خطتها لمواجهة الأزمة العالمية، ورأيى الذى مازلت مصرا عليه، هو أننا نحتاج لدعم الصندوق والحصول على شهادة منه، بأن إقتصادنا فى الطريق الصحيح ولتعزيز جدارتنا الإئتمانية.. وهى شهادة مهمة لتخفيف ضغوط الديون وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب للسوق المصرية.
عموما.. أنا فرحان بـ "النيولوك الاقتصادى"، الذى ظهر به رئيس الوزراء فى المؤتمر الصحفى العالمى؛ والذى يعد أخطر وأهم مؤتمر عقده منذ توليه رئاسة الحكومة.. لذلك ننتظر منه المزيد والمزيد.. بس أرجوكم أمسكوا الخشب..!!