الملك أمنحتب الثالث «الأسرة 18 الدولة الحديثة»

الملك أمنحتب الثالث «الأسرة 18 الدولة الحديثة»مروة محمود التوني

الرأى29-5-2022 | 16:27

تولى الملك أمنحتب الثالث الحكم بعد أبيه تحوتمس الرابع وقد اثبت احقيته فى العرش من بين إخوانه عن طريق قصة الولادة الألهية فقد ضمت نصوص معبده بالأقصر كيف أن أمون تمثل لأمه موت م ويا فأنجبت منه أمنحتب الثالث وكذلك قام كهنة أمون بتثبيته وإقناع الشعب بأحقيته العرش.

كان محبا للسلام كارها للحرب وامتاز عهده بالرخاء والاستقرار والطمأنينة لم يتبع التقاليد فى زواجه بأن يتزوج من أميرة أو ملكة من العائلة المالكة بينما تزوج تى وهى فتاة بسيطة ابنة لكاهن الرب مين والتى استطاعت أن تسيطر على شئون البلاد فى عهده ، كما لم يذكر بأنه هم لاخماد أى ثورات والتى كانت تقوم عادة فى بداية عهد كل ملك جديد، ولكن دون قيامه ببعض الغزوات لتوطيد حكمه، وقد دون عنه فى الصخر عند الشلال الأول:

"السنة الخامسة الشهر الثالث من الفصل الأول اليوم الثاني وهو يوم التتويج، في عهد جلالة حورس الثور القوي، المضيء في الصدق، محبوب الإلهتين، مؤسس القانون، ومهدئ الأرضين حورس الذهبي، العظيم في القوة، وضارب الآسيويين، الإله الطيب، حاكم طيبة، رب القوة، شديد البأس، ملك الوجه القبلي والوجه البحري نب ماعت رع ابن رع أمنحتب الثالث حاكم طيبة، محبوب آمون، وملك الآلهة، وخنوم سيد الشلال الذي يعطى الحياة".

لقد أتى إنسان ليخبِر جلالته أن العدو صاحب كوش الخاسئ قد دبر عصيانا في قلبه. فسار جلالته للظفر به، والتغلب عليه، فأتمه في حملته الأولى المظفرة.
وقد خرج جلالته مثل … ومثل … حورس ومثل منتو … ولم يعرف هذا الأسد الذي كان أمامه، وكان نب ماعت رع "أمنحتب الثالث" أسدًا ذا عين مفترسة فاستولى … كوش ، وقد هزم كل الرؤساء في وديانهم حتى سقطوا مخضبين بدمائهم، الواحد فوق الآخر …"
ظل اتباع مصر يرسلون الجزية فى عهده بانتظام مما جعل الثروات تتزايد وملأت خزائن مصر وعاش الجميع ملكا وحاشية وشعبا حياة الرخاء والترف حيث انتشرت مشارب الجعة وحفلات الرقص والغناء .
تزوج الملك من ابنة ملك ميتانى وقد احضرت معها الى مصر ٣١٧ وصيفة ملكية تزوجن من كبار رجال الدولة ، كما ارسل اليه حكام بابل واشور الفتيات الى جانب الهدايا والجزية.
وقد ظهرت قوة اخرى فى هذا الوقت وهى خيتا والتى هددت نفوذ مصر خارج حدودها وتربصت بحلفائها مما دفعهم للجوء الى مراسلة الملك والإستغاثة وطلب ارسال الجيوش ليساندهم أمام اعدائهم ، ولكن لتقدم سن الملك فلم يشرع فى ذلك الوقت لمناصرة اتباعه ومواليه.

تقدمت الفنون والعمارة فى عهده فقد وجدت المقومات التى أدت لذلك فقد هم بتجميل وتزيين مدينة طيبة وقام بانشاء معبد الأقصر ومعبد البر الغربى حيث لايزال تمثالى ممنون حافظين لموقعه وقد ذكر فى لوحة تذكارية من الجرانيت الأسود تخلد انشاءاته:

"تأمل! إن قلب جلالته كان راضيا عن إقامة آثار عظيمة مما لم يُعمل مثلُها منذ الأزل ، ولقد جعله بمثابة أثر لوالده آمون رب الكرنك وسيد طيبة ، إذ أقام له معبدا فخما في غربي طيبة ، ليكون حصنا خالدا أبدا من الحجر الجيري الأبيض المغشى كله بالذهب ، كما صفحت رقعته بالفضة، وكل أبوابه كانت مصفحة بالسام. وقد كانت رقعته عظيمة الاتساع والحجم جدا، وأسس للأبدية، وقد زين بهذا الأثر العظيم جدًّا. والتماثيل الملكية فيه عديدة، وقد صنعت من جرانيت إلفنتين ، ومن الحجر الصلب، ومن كل حجر فاخر ثمين، ليكون عملا خالدا. وتضيء في رقعتها أكثر من السموات، وأشعتها تسطع في وجوه الناس مثل الشمس عندما تشرق في الصباح المبكر. وقد جهز بموقف للإله وغشى بالذهب وأحجار ثمينة عدة ، ونصبت أمامه عمد أعلام مغشاة بالسام، وهو يشبه الأفق في السماء عندما يشرق فيه رع وتمد بحيرته العظيمة من النيل العظيم، رب السمك، والطير طاهر في …"



كما قام ببناء قصر لزوجته تلحقه بحيرة واسعة عرضها تم انشاءها فى خمسة عشر يوما ، وقد دون ذكرى افتتاحها على جعران :
(السنة الحادية عشرة الشهر الثالث من الفصل الأول اليوم الأول في عهد جلالة -الألقاب- الملك أمنحتب الثالث معطي الحياة ، والزوجة الملكية العظيمة تي الحية.
لقد أمر جلالته أن تصنع بحيرة للزوجة الملكية العظيمة تي في مدينتها زعر وخا ، ذرعها سبعمائة وثلاثة آلاف ذراع واتساعها سبعمائة ذراع.

وقد احتفل جلالته بعيد فتح هذه البحيرة في الشهر الثالث من الفصل الأول اليوم السادس عشر، عندما ساح جلالته فيها بالقارب الملكي المسمى تحن آتون".

وقد كان ذلك التسجيل الاول الذى ذكر فيه تمجيد لقرص الشمس آتون حيث كان اسم القارب - تحن آتون- ليضيء قرص الشمس.



الملك العظيم والقائد الماهر والصياد المحترف حيث قام باصطياد الثيران البرية والاسود وقد دون عنه على الجعارين :
"السنة الثانية من حكم جلالة أمنحتب الثالث معطي الحياة، والزوجة الملكية العظيمة تي الحية أبديًّا. الأعجوبة التي حدثتْ لجلالته. أتى إنسان ليقول لجلالته توجد ثيران برية على النِّجاد في إقليم المستنقعات، فانحدَرَ جلالتُه في النهر في سفينته المسماة خع إم ماعت عند الأصيل، وقد بدأ طريقه المستقيمة، ووصل سالما إلى إقليم شتا عند وقت الإصباح، وقد ظهر جلالته على جواده وكان كل جيشه خلفه، وكان على القواد ورجال الجيش عامة، وكذلك الأطفال كپ ، أن ينتبهوا لحراسة الماشية البرية ، تأمل! لقد أمر جلالته أن تُحاط هذه الماشية بجدار مسوَّر، وقد أمر جلالته بإحصاء كل هذه الماشية البرية، فقرر أنها سبعون ومائة ماشية برية، وقرَّر أن ما استولى عليه جلالته في الطِّراد في هذا اليوم هو ستة وخمسون ثورًا بريًّا. وقد مكث جلالته أربعة أيام بدون عمل ليعطي جياده نارا ثم ظهر جلالته على جواده كرة أخرى".
وفى تدوين آخر عن احترافه للصيد :

"يعيش الملك أمنحتب الثالث، حاكم طيبة، معطي الحياة، والزوجة الملكية العظيمة تي الحية. بيان بالأسود التي أرْدَاها جلالته بقوسه من السنة الأولى إلى السنة العاشرة من حكمه اثنان ومائة من الأسود المفترسة".

ونذكر نص عن خطاب للملك دون على لوحة فى معبده الى جوار تمثالى ممنون :
"تعال ! أنت يا آمون رع يا رب طيبة ، يا من تسيطر على الكرنك، لقد رأيت بيتك، الذي لك في غربي طيبة، وجماله يمتزج بجبال مانو عندما تسبح في السماء لتغرب وراءها، وعندما تشرق في أفق السماء فإنه يضيء بذهب وجهك، لأن واجهته شطر الشرق … وإنك تضيء في الصباح كل يوم، وجمالك في وسطه دائما، ولقد صنعته صناعة ممتازة، فهو من الحجر الرملي الأبيض الجميل.
ولقد ملأه جلالتي بالآثار بتماثيلي من جبال الحجر الصلب، وعندما ترى في مكانها فإنها تبعث البهجة بسبب حجمها العظيم ، ولقد صنعت كذلك صورة في الحجر من المرمر والجرانيت الوردي والأسود.

وقد أقام جلالتي بوابتين مريدا عمل أشياء ممتازة لوالدي ، وتماثيل خارجة … وقد صورت … جميعها، ولقد كان ما صنعته من ذهب وحجر، وكل حجر غال فاخر لا حصر له ، ولقد ألقيت عليهم التعليمات ليعملوا ما يسر حضرتك راضيا بمأوى ممتاز مثل …
ولقد خصصت لها قربانا … وقد عمل جلالتي هذه الأشياء لملايين السنين ، وإني أعلم أنها تمكث على الأرض لوالدي … كل ما يلزم عمله له.
وصنعتُ لك ظلا لسياحتك في عرض السماء مثل آتوم عندما يخرج مع كل الآلهة حينما يكون تاسوع الآلهة الذين خلفك والقردة المقدسة تمجد شروقك وظهورك في … الأفق ، والتاسوع الإلهي يبتهج ويقدمون الثناء للإله خبري ، والقردة المقدسة تمدحك عندما تغرب في الحياة في الغرب .

وأقمت مسلات هناك …، ولقد أظهرت عطفا لكل ما فعله جلالتي في صورة مقصورة لجلالتك … وأقمت لك ثانية آثارا في غربي المأوى العظيم. ولقد عظمت كل الأعمال … لأجل أن أقدم ضرائبي على يد جيشي. ولقد اغتبطت عندما فعلت كل ذلك لوالدي. وخصصت لك قربانا يوميا عند بداية الفصول ، وضحايا في مواقيتها بمثابة ضريبة لمعبدك. وخدام الإله والكهنة من أعظم وخير من في البلاد … فتقبل ما فعلته يا أيها الوالد المبجل يا آمون الأزلي.
الكلام الذي نطق به آمون … تعال يا بني أمنحتب ، إني أسمع ما تقول ، ولقد رأيت آثارك، وإني والدك خالق جمالك … وإني أتقبل أثرك الذي أقمته لي.
… تعال … في معبدك الأبدي، وإنه نب ماعت رع ابنك الذي عمل لك هذا … وإنك في السماء، وإنك تضيء الأرض، والملك على الأرض يدير دولتك …"
استنكر كهنة امون ان قام الملك بجعل ابنه الاكبر الامير تحوتمس – الذى توفى فى حياة والده – كاهنا لمعبد الرب بتاح مما اثار حفيظتهم كونه جعل من ولى عهده كاهنا لغير الرب آمون رع بعد ان ساندوه فى توليه الحكم الذى استمر لفترة ثمانية وثلاثين عاما امتد فيها ملكه من الفرات شمالا وحتى كاراى جنوبا .
ترك الملك امنحتب الثالث الكثير من الآثار نذكر منها اقامته لطريق الكباش حيث اقام ١٢٢ تمثالا لآمون رع برأس الكبش فى جسد الاسد الرابض والذى دون فى وصفه :
"ملك الجنوب والشمال نب ماعت رع ، ابن رع إمنحتب الثالث ، حاكم طيبة، الساهر على البحث عما هو مفيد، والملك الذي أقام أثرا آخر للإله آمون، وبنى له بوابة ضخمة جدا، قبالة آمون رع رب طيبة، مغشاة كلها بالذهب. وظله الروحاني في صورة كبش مرصع باللازورد، ومغشى بالذهب، وبالحجارة الكريمة العدة، وليس له نظير، ورقعتها مزينة بالفضة، وبرجاها عليها. وقد وضعت لوحات من اللازورد في كل جانب من جوانبها، وبواباتها تصل إلى عنان السماء، مثل عمد السماء الأربعة، وعمد أعلامها تضيء أكثر من السموات ومغشاة بالسام، وقد أحضر جلالته لها ذهبا من أرض كاراي من حملته الأولى المظفرة التي ذبح فيها الكوش الخاسئين".

لا يسعنا انهاء الحديث ابدا عن الفيض الغزير الذى تركه لنا الملك العظيم أمنحتب الثالث من تماثيل وآثار وكتابات تدل على عظمته ورخاء مصر فى عهده واهتمامه بالعبادة واقامته للكثير من المعابد ، وان كنا قد القينا الضوء على القليل منها فيبقي الكثير الذى لم نتطرق له فقد كان بحق من اهم الملوك الحافظين لأرض مصر العظيمة.
توفى الملك امنحتب الثالث بعدما تجاوز الخمسين من عمره ودفن فى مقبرته بوادى الملوك رقم ٢٢ إلا أن جثمانه قد تم نقله من قبل الكهنة إلى مقبرة أخرى بالقرب من الدير البحرى ووجدت مقبرته فارغة ومتضررة بشكل كبير بسبب العوامل الجوية.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2