كان "اللقاء" ساخنًا وممتعًا ومفيدًا، فالسؤال المطروح، كيف نحافظ على "اقتصاد" يتسم بالاستدامة والكفاءة والعدالة؟
والمتحدثان؛ كانا وزيرين سابقين فى الحكومة، وينتميان لمدرستين مختلفتين فى الفكر الاقتصادى..
ومن ثم "توقع" الحضور المكثف بالقاعة الكبرى فى جمعية الاقتصاد السياسى والتشريع "مبارزة" أو مباراة اقتصادية بين متخصصين على علم بتفاصيل الأوضاع الاقتصادية!
ولكن المفاجأة أنهما اتفقا على خمس نقاط من بين 6 تم الحوار حولها، واختلفا فى نقطة واحدة وهى الخاصة بالذهاب لصندوق النقد وطلب مساعدته!
المتحدث الأول كان د. أحمد جلال وزير المالية الأسبق وبدأ بضرورة تحديد الأهداف – بعد حسن توصيف المشكلة – فنحن نرغب أن يتسم الاقتصاد المصرى بالتوازن المالى؛ والنمو المرتفع مع عدالة التوزيع، وقد حقق برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى طبّق بعض هذه النتائج، ولكن لأسباب خارجية وأخرى داخلية بدأنا نعانى من ارتفاع فى معدل التضخم، وتراجع نسبى فى الاحتياطى من النقد الأجنبى، إلى جانب ضغط متواصل على العُملة المحلية.
وأرجع ذلك إلى انخفاض نسبة "الإنتاجية من مصادر النمو (مع العمل ورأس المال) من 26% 2010 إلى حوالى 14% فقط حاليا، بينما يمثل رأس المال 52% من العناصر الثلاثة، أضف إلى ذلك أن خدمة الدين تلتهم 54% من الموازنة العامة.
وأشاد بما تقوم به الدولة من معالجات للأوضاع الحالية بأدوات عملية مؤثرة، مثل الدعم النقدى وبرنامج حياة كريمة، وانتهاء التحيز السابق للحضر على حساب الريف، حيث تعيش أغلبية المصريين!
وطالب بإنشاء صندوق "للأزمات الطارئة" وخاصة الواردة من الخارج، مثل وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
د. جودة عبد الخالق وزير التموين الأسبق ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع - وكان المتحدث الثانى - اتفق مع د. جلال فى أغلب ما قاله، ولكنه أشار إلى انخفاض معدلات الادخار والاستثمار المحلى، وقارن بين الأوضاع الاقتصادية فى كل من مصر والهند، مشيرًا إلى اعتمادنا حاليًا على الخدمات دون الصناعات التحويلية، ومن ثم فالاقتصاد المصرى يتسم الآن بالهشاشة، لأنه اقتصاد يعتمد على المتحصلات من رسوم المرور بقناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج وعوائد النشاط السياحى..
واختلف المتحدثان حول الذهاب إلى صندوق النقد الدولى والاستعانة بخبراته وتسهيلاته الائتمانية، فالدكتور جودة أوضح ما معناه أنه "كل ما يأتى من الغرب لا يسر القلب"!
أما د. جلال فأوضح أنه ليس العيب فى الصندوق، ولا يوجد "جبر" فى الذهاب إليه، فلنبدأ بإصلاح البيت من الداخل ومن ثم لا نحتاج للطبيب عندما نمرض!
نعم.. كانت الندوة ممتعة وكانت النتيجة لصالح الحضور وللاقتصاد القومى بالدرجة الأولى، وشكرًا للجمعية على هذا النشاط الثقافى والاقتصادى الممتع والذى افتقدناه فى السنوات السابقة، وشكرًا للصديق د.سعيد عبد الخالق على حُسن إدارة اللقاء والموسم الثقافى للجمعية.