يتردد في القرآن الكريم في مواضع متفرقة الحديث عن أمراض القلب كما في قوله تعالى في سورة البقرة (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) فما المقصود ب أمراض القلب ؟ وهل هي حسية أم معنوية ؟.
يجيب فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي فيقول: المرض هو خروج الجسم عن حد الاعتدال، ولا تذكر أن لك بطنا إلا إذا ألمتك ولا تذكر ان لك كلية إلا إذا أوجعتك، ولا تؤلم الأعضاء إلا إذا خرجت عن حد الاعتدال، والدلالة على هذا الخروج هو الألم، وهو ظاهرة صحية لأنه إنذار بمرض، والأمراض التي تأتي بدون ألم أشد استعصاء على العلاج.
الحياة والحركة
أما القلب فهو في صورته الحسية مضخة دم وهو يعطى الحياة الحركة، وهذا من الماديات، أما في الأمور المعنوية فإن المعلومات تتركز وتتحول الى قضايا تعقد في القلب عقدا وتسير حركة الحياة وفق هذه القضايا، والحيز الذي يشغله القلب هو الفؤاد والقلب وفؤاده في الصدر.
إذا هناك قلب وفؤاد وصدر، وساعة يتحدث الله عن القلب يتحدث بأساليب مختلفة فيقول مثلا في سورة القصص ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ) أي لا قلب لها، لأنه يقول سبحانه وتعالى في نفس الآية ( لولا أن ربطنا على قلبها ).
ويقول تعالى ( ألم نشرح لك صدرك ) فالشرح للصدر كله، لا للقلب ولا للفؤاد وحدهما، المراد إذا من مرض القلب في الآية الكريمة هو المرض المعنوي وهو الخروج عن حد الاعتدال، وما حد اعتدال القلب ؟ هو أن يكون بصدد أية عقيدة تعرض عليه فارغا منها ومن سواها، ثم يناقش القضيتين، وأيهما يقتنع به يدخله في قلبه.
أما أن يبقى قضية فيه ثم يناقش الأخرى فليس في هذه عدالة استقبال أو اعتدال في صحة القلب..بل ان حد اعتداله أن تخرج الاثنتين من قلبك، وأن تناقش القضيتين وتدخل أرجحهما فيه..وهذا هو الحق والاعتدال، لأن الله ما جعل لرجل من قلبين في جوفه حتى يناقش بها قضيتين، بل هو قلب واحد وحيز واحد ن والحيز الواحد لا يدخل ولا يتداخل فيه مظروفان أبدا..فإذا كان في قلبك قضية ثم ناقشت الأخرى فلن تدخل الأخرى أبدا.
المحسوسات والفطرة
ويضرب الإمام مثلا على ذلك فيقول: أنظر في المحسوسات، انظر الى الزجاجة الفارغة، وضعها في الماء، ترى أن الماء لا يدخل إلا إذا خرج الهواء، وخروج الهواء بالتبادل مع دخول الماء.زفإذا لم تضع ذلك بقلبك حين تناقش قضية فقد جانبت الفطرة، وإذا جانب قلبك الفطرة فإن الله يزيده مرضا، ويقول الحق سبحانه وتعالى ( وفي قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) صدق الله العظيم.