ما حكم طلاق الغضبان وما هي أقسامه؟.. علي جمعة يجيب

ما حكم طلاق الغضبان وما هي أقسامه؟.. علي جمعة يجيبعلى جمعة

الدين والحياة1-6-2022 | 19:31

قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن الإفتاء‏‏ أو مرحلة تنزيل الحكم الذي توصل إليه على الواقع الذي أدركه، لابد من التأكد أن هذا الذي سيفتي به لا ينكر على المقاصد الشرعية بالبطلان‏،‏ ولا يخالف نصا مقطوعا به‏،‏ ولا إجماعا متفقا عليه ولا قاعدة فقهية مستقرة‏.‏

تابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك اليوم:" من الأمثلة الواضحة لكيفية تطبيق تلك المراحل وتغيب عن أذهان غير المتخصصين‏,‏ مسألة طلاق الغضبان‏,‏ التي يفتي فيها البعض بغير علم لما سقناه‏,‏ فيهلك نفسه ويدمر غيره بتشتيت شمل الأسرة وضياع أطرافها‏".

وأوضح أن‏ فالغضب على ثلاثة أقسام‏:‏

أولها‏:‏ يصاحبه فقد الإدراك والإملاك‏,‏ وفقد الإدراك أن يبلغ الغضب نهايته‏,‏ بحيث ينغلق على صاحبه باب العلم والإرادة‏,‏ فلا يعلم شيئا من أربعة أشياء حوله هي‏:‏ الزمان والمكان والأشخاص والأحوال‏, ويعرف هذا الفقد بالتحقيق معه‏, وفقد الإملاك هو أنه لا يستطيع أن يمنع نفسه من أن يتفوه بكلمات الطلاق وغيرها‏,‏ وهذا القسم لا خلاف بين العلماء في عدم وقوع طلاقه‏,‏ لقول رسول الله ﷺ ‏:‏ "لا طلاق في إغلاق" ‏(‏سنن ابن ماجه).‏ والإغلاق هو الغضب الشديد‏.‏

والقسم الثاني من الغضب هو من كان مدركا إلا أنه فقد الإملاك‏,‏ فيخرج منه الكلام ولا يستطيع منعه‏,‏ بحيث صار كالمجنون‏,‏ وفي هذه الحالة لا يقع الطلاق أيضا على الراجح‏,‏ إذ الأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه وعقوده‏,‏ التي يعتبر فيها الاختيار والرضا‏,‏ وهو فرع من الإغلاق‏,‏ كما فسره به الأئمة‏.‏

والقسم الثالث‏:‏ أن يكون للإنسان إدراك وإملاك‏,‏ حيث لا يتغير عليه عقله ولا ذهنه‏,‏ ويعلم ما يقوله ويقصده‏,‏ لهذا لا خلاف في وقوع طلاقه‏,‏ خاصة إذا وقع منه ذلك عن قصد ونية‏,‏ حتى ولو كان غاضبا‏,‏ إذ أغلب حالات الطلاق لا تتم إلا في الغضب‏.

ولفت إلى أن تحذير النبي ﷺ من الغضب كان شديدا‏,‏ فقد روي أن رجلا قال للنبي ﷺ أوصني‏,‏ قال‏:‏ "لا تغضب‏,‏ فردد مرارا قال‏:‏ لا تغضب" ‏(البخاري‏).‏ وقال ﷺ ‏:‏ "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان" ‏(ابن ماجه).‏ والطلاق حكم من الرجل يصدره على المرأة‏,‏ فلا يصح أن يصدر منه وهو غضبان‏,‏ وإذا صدر ينبغي ألا يقع‏, حماية للأسرة‏,‏ وأسوتنا في ذلك أن الله تعالى لم يلق باللوم على سيدنا موسى عليه السلام حين ألقى الألواح بعد أن تملكه الغضب‏,‏ قال تعالى‏:‏ (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ) [الأعراف:154].‏ فالغضب غول يغتال العقل ويغيبه‏,‏ ويجعل الإنسان لا يعلم ما يقول‏,‏ ومن هنا ندرك حكمة الشارع في عدم الاعتداد ب طلاق الغضبان على ما ذكرنا‏.‏

وشدد الدكتور علي جمعة، أن‏‏ الحكم على الشيء فرع عن تصوره‏, وتكييفه‏,‏ وكيفية تنزيل النصوص عليه‏.‏ ولا يكون ذلك إلا لمن داوم على الأخذ عن العلماء الموثوق بهم‏,‏ والمشهود لهم‏,‏ وثابر على الجلوس بين أيديهم‏,‏ وشرب من كأسهم المترعة بالعلم والحكمة والرحمة‏,‏ ومارس الفتيا أمامهم حتى أذنوا له بتعليم الناس وإفتائهم‏.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2