عاطف عبد الغنى يكتب: مباراة الحياة التي انهزم فيها البعض!

عاطف عبد الغنى يكتب: مباراة الحياة التي انهزم فيها البعض!عاطف عبد الغنى يكتب: مباراة الحياة التي انهزم فيها البعض!

*سلايد رئيسى26-1-2018 | 22:46

التعريف الشائع للنخبة  البشرية هو أنهم أولئك الأقلية المنتخبة أو المنتقاة من مجموعة اجتماعية.

 وفى مجتمعنا الذى سادت فيه أمية القراءة والكتابة، ومثلت نسبة كبيرة - جدًا - لسنوات طويلة خلت، كان المجتمع يرى هذه النخبة فى أفراده المتعلمة، أو الأفندية من خريجى الكليات النظرية، مثل الحقوق والآداب، والتجارة، هذا قبل أن يجور الزمن على خريجى هذه الكليات، فلا يعودوا يتحصلون حتى على وظائف مناسبة تكفيهم مؤونة الحياة.

أيضا من تعريفات النخبة التى توقفت عندها، تعريف يرى صاحبه أن النخبة هم أولئك الأشخاص الذين يتفوقون فى مجالات عملهم فى مباراة الحياة.

(1)

ومباراة الحياة عركت وطحنت كثيرًا من أبنائنا هؤلاء قبل أن يعرف البعض الطريق إلى مغارة على بابا، فيندفعون للحصول على نصيب منها، وفى اندفاعهم داسوا بأحذيتهم أفكارهم القومية والمقاومة، وتجاوزوا الحدود التى تفصل العدو عن الصديق، وأحلوا ما كانوا يحرمونه على أنفسهم من قبل ويعتبرونه ثوابت وطنية مثل التطبيع مع إسرائيل، وحين فعلوا ذلك فقد  خانوا أنفسهم قبل أن يخونوا وطنهم ويسلمه البعض منهم إلى أيدى الأعداء بثمن بخس جدا ويفتضح أمرهم شعبيا مع وبعد 25 يناير 2011.

وكنت قد قرأت، وسمعت، كثيرًا عن خيانات المثقفين، هذه التهمة التى كانت تنصب بالأساس على خيانة الأفكار، ويحاكم فيها المثقف من خلال مواقفه فى قضايا معينة، أما الخيانات التى أكتب عنها هنا فهى خيانة مادية، وقائع تم تنفيذها على الأرض، أو قل جرائم ارتكبوها عن قناعات خادعة، أو عن عمالة واعية.

(2)

التاريخ المنظور لارتكاب الجريمة بدأ مع بداية التسعينيات من القرن الماضى - كما أسلفت - مع شيوع معرفة النخبة التى نتحدث عنها لما يسمى بالمجتمع المدنى، وفى القلب منه المنظمات المسماة بالجمعيات الأهلية، أو المنظمات غير الحكومية الـ (NGOS) كما ينطقها أصحاب خبرة التعامل معها، والمسوقون لنشاطاتها، حين يختصرون اسمها فى الثلاثة أحرف الأولى ويضيفوا لها حرف الـ «أس» للجمع.

وهذه الجمعيات صدّرتها قوى العولمة فى الغرب، وأجهزة مخابراته، إلى مجتمعاتنا الفقيرة البائسة لأهدف محددة سوف نعرفها لاحقا.

 وأصل عمل هذه الجمعيات أو الهدف منها هو أن يبادر ويضطلع عدد من الأشخاص بعمل تطوعى لخدمة المجتمع أو يتبنون قضية اجتماعية ويشتغلون عليها ، بعد أن ينظموا أنفسهم فى كيانات قانونية، لا تخضع للحكومات الوطنية، ولا رقابتها.

 ولا تهدف هذه الجمعيات أو المنظمات للربح، لكن لا يمنعها ذلك من تلقى المساعدات والتمويلات من الدول، والحكومات، والأفراد، وهذا بيت القصيد وكعب أخيل. ومن أجل الحصول على تمويلات الخارج بالدولار واليورو بعيدا عن مضايقات ورقابة الدولة، تعلم أبناؤنا أن يقوموا بتأسيس جمعيات أهلية ليتلقوا من خلالها التمويلات المالية فلما صعبت الحكومة الأمر شيئا ما، توجهوا إلى الجهة الإدارية، وأسسوا شركات مدنية غير هادفة للربح  ليتحايلوا على المصاعب القانونية، وتلقوا من خلالها التمويلات الأجنبية، مقابل تبنى برامج اجتماعية مهندسة فى الخارج من الجهة الممولة ، وكانت تلك البرامج تطرح أحيانا فى هيئة مناقصات ومن ترسى عليه المناقصة يتلقى التمويل وينفذ البرنامج فى أشقائه المصريين طبعا.

  وتندرج البرامج كلها تقريبا تحت ما يسمى بـ «تغيير المفاهيم»، فما هى هذه المفاهيم التى كان مانحو التمويلات يريدون تغييرها فى عقول وضمائر المصريين، ويعمل متلقو التمويلات على تنفيذ ذلك؟!.

(3)

أعط لك مثلاً، كانت هناك برامج لإلغاء عقوبة الإعدام من قانون العقوبات نهائيا، بدعوى أنها عقوبة غير إنسانية تسلب الإنسان حقة فى الحياة، والرد البسيط على دعاوى الشياطين هو أن العقوبة المنصوص عليها فى الكتب السماوية، وفى الشريعة الإسلامية تحديدا، الهدف منها ليس سلب الحياة من المجرم الذى قتل (سلب) حياة الضحية، بعمد، وربما اقترن فعله بالعنف والإيذاء، وأن تلغى العقوبة فقد سهلت الفعل على المجرم، أما وجودها فيردع هذا المجرم ويخوفه من ارتكاب جريمته، وسبحان وعز من قائل: «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب» صدق الله العظيم.

 أما الشر الذى يريد أن يسيطر على هذا العالم فيريد أن تسود الجريمة، ويسود فكر الترهيب، وتزيد مبيعات السلاح، وينزع من الإنسان إنسانيته فيجعله فى حالة حرب دائمة مع نفسه ومع الآخرين.

وفى برامج أخرى تدعى أنها تدافع عن حقوق النساء، أو الصحة الإنجابية، أو ما يسمونه فى الغرب «الجندر» ومقصود به «النوع الاجتماعى» وتهدف هذه البرامج إلى زيادة الهوة وفصم العلاقة بين الرجل والمرأة لماذا؟!.. لأن عولمة الشر تعمل على خلق نموذج لكائن بشرى واحد (يونى سكس)، وفى هذا الكائن تتوارى الفروقات البيولوجية التى ما جعلها الله إلا ليتكامل الذكر والأنثى كل حسب احتياج الحياة له، لكن بحوث «الجندر» تريد أن تلغى هذه الفروق وتستبدلها بـ «الدور الاجتماعى» الذى يلعبه الرجل أو الأنثى فى علاقتهما معا، وبالتالى يمكن أن يستغنى كلاهما عن الآخر ليذهب لمثيله فى النوع، على هذا الأساس ينتشر الشذوذ الجنسى، وقد حرّم الله هذا الفعل لأن الهدف من خلق الإنسان ذكر وأنثى هو عمار الكون، وليس قطع السلالة البشرية بفعل اللواط أو السحاق.

وفى الجانب السياسى فالعولمة تستبدل الحكومة العالمية بالدولة الوطنية من خلال خلق كيان أممى مثاله الحاضر الأمم المتحدة، وتسيطر على جيش عالمى مثاله حلف الأطلنطى، ومن ينجح فى السيطرة على هذا الكيان يحكم العالم من خلاله.

(4)

وما سبق تم الترويج له من خلال فكرة المجتمع الإنسانى الذى تنفتح فيه الحدود بعد سقوط الدولة الوطنية والقوميات والسؤال بعد حدوث هذا من له الآن وفى المستقبل المنظور التأثير والهيمنة على العالم؟! شعوبنا الفقيرة المريضة؟! أم الرجل صاحب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء.

فى هذه المشروعات الشيطانية سقطت النخبة التى سارت خلف التمويلات الأجنبية وشعارات المدنية والسلام والإنسانية، وأيضا مشروعات التطبيع مع إسرائيل ومشروعات العولمة والأمركة، لكن الغالبية العظمى ممن حصلوا على الأموال كانوا يعرفون جيداً أنهم يرتكبون فعلا من أفعال الخيانة.

الحياة عركت وطحنت كثيرًا من أبنائنا الذين تخرجوا في الكليات النظرية وخاصة الحقوق

العولمة تستبدل الحكومة العالمية بالدولة الوطنية من خلال خلق كيان أممى مثاله الحاضر الأمم المتحدة.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2