مصر والسودان بين التحديات وإرادة الوحدة

مصر والسودان بين التحديات وإرادة الوحدةمصر والسودان بين التحديات وإرادة الوحدة

*سلايد رئيسى12-3-2017 | 22:41

كتب: محمود مناع

تتميز العلاقات المصرية السودانية بالخصوصية الشديدة علي اعتبار أن مكونات الدولة في البلدين تربطهما روابط الدم والنسب والمصاهرة في أحيان كثيرة هذا من ناحية ومن نواح أخري فإن العلاقات بين الدول ليست كالعلاقات بين الأشخاص والقصد أن العلاقات بين الدول أحيانا يكون فيها حتمية للعلاقات واستمرارها ، وعلي هذا المبدأ فإن العلاقات المصرية السودانية ممتدة ومتأصلة وتضرب بجذورها في عمق التاريخ وشهدت ترابطا وتكاملا في أحيان كثيرة واختلافا وتوترا في أحيان أخري ولتأصيل ذلك لابد من تناول المحددات الداخلية والخارجية التي كانت تلعب دورا بارزا في العلاقات بين البلدين.

وأول هذه المحددات هو البعد الجغرافي والتاريخي حيث أسس الموقع والجوار علي تعظيم الحاجة إلي علاقات متميزة وكذلك التاريخ والتداخل بين البلدين الذي يشهد علي ميلاد أول وحدة للسودان علي يد محمد علي مع تغليب ارادة السودان في الاستقلال عن التاج البريطاني وكذلك الاستقلال عن مصر وفقا للرؤية السودانية التي تنظر دائما لمصر علي أنها دولة استعمار بالأساس "هذه الرؤية لبعض النخب السودانية التي تملك مدركات سالبة عن مصر وتكرس لذلك بعيدا عن معضلة الهوية السودانية المزمنة ...." ،وكذلك البعد السكاني والتداخل بين البلدين، نأتي إلي المحدد السياسي الذي يؤكد علي تقارب مميز بين البلدين بغض النظر عن خلفية النظام السياسي أو الأيديولوجية التي يتبناها، صحيح أن هناك بعض الفتور في العلاقات الآن علي واقع الأيديولوجية التي يتبناها النظام الحاكم في السودان التي تستند إلي مرجعية دينية، أما نهر النيل فإن له أهمية قصوي يمكن اعتباره المحدد الأكبر والقضية الرئيسية بين البلدين ويمكن اعتباره البعد الاستراتيجي لما له من خصوصية علي حياة الشعبين وهو ملف لعب دورا أساسيا في شكل وطبيعة العلاقات بين البلدين في الأيام الأخيرة وخصوصا مع التقارب السوداني الإثيوبي وتأييد السودان لسد النهضة ووصولا لعلاقات بين السودان وإثيوبيا إلي درجة التحالف.

حاصل القول أن المحددات الداخلية فرضت واقع التعاون علي العلاقات بين البلدين حتي وإن كانت السياسات تنوعت وأظهرت خلافات وانكسار حلم التكامل الذي يعتبر الغاية الكبري بين البلدين وأملي أن أري ذلك في القريب العاجل لأن التحديات القادمة قاسمة ، أما المحددات الخارجية فإن مصر والسودان لديهم عدو مشترك ألا وهو الكيان الصهيوني دعم ذلك ارادة التعاون بين البلدين إبان حرب 1973 ، وهنا لابد من التأكيد علي الأطماع الصهيونية في مياه النيل وهو أمر ثابت في العقول الاسرائيلية وتعمل وتخطط لوصول لمياه النيل إلي أراضيها.

أما القضية الثانية فهي انفصال الجنوب حافظت مصر علي رغبتها في السودان الموحد الغير منقسم ولم تؤيد مصر انفصال الجنوب إلا عندما وافقت الدولة السودانية علي ذلك ودائما ترفض مصر تدويل القضايا السودانية مثل قضية دارفور وجنوب السودان من قبلها والنظرة الدولية لمصر يكون الإبعاد الدائم لها لأن النظرة الدولية تري أن مصر والسودان كيان واحد ، وتحاول مصر تغليب طابع التعاون مع السودان دائما، وهناك بعض القضايا الأخري التي تؤثر في العلاقات بين البلدين منها قضايا الحدود (مثلث حلايب وشلاتين)

وفي النهاية لابد من التأكيد علي أن المحددات الداخلية تؤدي إلي تعدد مجالات العلاقات وتميزها وتغليب خيار الوحدة والتعاون أما المحددات الخارجية ومنها النظرة الدولية للسودان علي أنها داعم للإرهاب والتطرف وكذلك العلاقات في المحيط الإقليمي تركت انعكاسات علي العلاقات المصرية السودانية آراها سالبة ولكنها غير مؤثرة لأن مسألة ثبات العلاقات بين مصر والسودان في إطار التعاون مسألة حاكمة وهو ما يفسر تبني مصر لسياسة محافظة نحو السودان إيمانا من صانع القرار المصري بأن مصر والسودان يجمعهما روابط ومصالح مشتركة لاينبغي التفريط فيها بأي حال من الأحوال وأري أن التحركات المصرية في منطقة حوض النيل وكذلك القرن الأفريقيسيكون لها نتائج إيجابية في القريب العاجل وخصوصا مع ادراك الأهمية القصوي لهذه المناطق علي المصالح المصيرية لمصر وكذلك أري تحركات مصرية نحو العودة إلي القارة الأفريقية تلك العودة التي تأخرت كثيرا ولكنها تعكس فهما ووعيا بأفريقيا المستقبل وأتمني أن تكون العودة بواقعية بعيدا عن الأساليب والطرق القديمة التي أفقدتنا مكانتنا في القارة لأن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا وليكن معلوما أن مصر والسودان لديهما حلم كبير ألا وهو التكامل والوحدة التي طال انتظارهما لأن المردود علي الشعبين سيكون إيجابيا ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا من خلال ارادة سودانية ومصرية فاعلة وعلي السودان والقصد النخب السودانية حل معضلة الهوية السودانية المزمنة وتحقيق الاندماج تلك القضية الكبري في المسألة السودانية والانطلاق نحو مصر لتحقيق هذا الحلم الذي طال انتظاره.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2