المجتمع الدولي يثمن «معادلة السيسي»

المجتمع الدولي يثمن «معادلة السيسي»الدكتورة فاطمة سيد أحمد

الرأى19-6-2022 | 15:42

قال: (لا تعاملونى كرئيس) ولكن (حامل للمسئولية)، و(ليس معي عصا سحرية) ولكني (سأجعل مصر أد الدنيا)، و(لا تطلبوا مني أقوالا) ولكن (انظروا ماذا أفعل)، و(لا أطلب منكم تحمل الصعاب) و(لكن سنتخطى سويا الأزمات)، ولا (تقلقوا على وطنكم) لأنه (أمانة فى رقبة جيش عظيم)، و(لن أضيعكم ولن أهدر حقوقكم) و(الأيام ستثبت لكم ذلك)، و(أصارحكم بكل شيء بشرف وأمانة) و(أطلب منكم أن تتأكدوا بالمعلومات)، و(أهمية التخطيط) تكمن فى (قدرة التنفيذ).

هذه المقولات السابقة كانت جديدة على سمع المصريين خاصة والمجتمع الدولى عامة، ولكن أطلقها بشجاعة الرئيس (السيسي) طوال ثمانى سنوات له فى حكم مصر أو كما يحلو له فى (حمل مسئولية مصر، دولة وشعبًا)، وبتتبعنا لمسار هذه العبارات التى ترمى بظلالها فى (ماذا حدث للمصريين) على مدار حكم السيسي وهل وفى بعهوده معهم؟ تمسكت فى التتبع بمعايير مهمة طالبنا بها صاحب القرار نفسه، عندما نريد رصد أفعاله على أرض الواقع، ورغم أننى ضمن شاهدي العيان على الأفعال من واقع عملى الصحفى ومصاحبتى للرئيس السيسي فى جولاته التفقدية للاطلاع على كل ما وعد به الشعب، إلا أننى لم أكن أتوقع أن أرفع رأسي عاليًا كمصرية أمام هذا اللقاء، الذي جمع بين الرئيس السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية.


رئيسة المفوضية الأوروبية ممتنة لزعيم مصر


وقبل أن أذكر ما قالته السيدة ( أورسولا فون وير لاين) رئيسة المفوضية الأوروبية، والتي تعد صاحبة أعلى سلطة فى الاتحاد الأوروبي بشكل واسع، من خلال منصبها الذى لها به قرابة ثلاث سنوات، وينظر لهذا المنصب باعتباره رأس الدول الأوروبية، لأنها الجهة الوحيدة التى لها حق اقتراح قوانين الاتحاد الأوروبي، أريد أن أرصد أعمالا لولاها ما أخذ هذا اللقاء المهم يوم الأربعاء الماضى بقصر الاتحادية كل هذا الاهتمام العالمي.
عندما قال الرئيس السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة (يد تبنى ويد تحمل السلاح)، كانت الترجمة هى دحض الإرهاب وتعمير مصر زراعيا وصناعيا وعمرانيا، نعم خضنا حربا شرسة مع العصابات الإرهابية ويومها قال السيسي: (إننا نحارب الإرهاب نيابة عن العالم كله) وقد وضح المعنى مع الأيام.


فى المؤتمر الصحفى بالاتحادية، قالت (أورسولا) رئيسة المفوضية: ممتنين للرئيس السيسي لأنه سيقيم معنا شراكة حقيقية من أجل إنقاذ العالم من (أزمة الطاقة والغذاء) التى تجتاحه الآن جراء الحرب الروسية - الأوكرانية، حيث إن أوكرانيا كانت هى المسئولة عن توفير الحبوب الغذائية للعالم ولكننا نواجه الآن موقفا صعبا للغاية لأن نقل الحبوب تعطل ونواجه صعوبات نتيجة الحرب وسفن الحبوب معلقة الآن فى البحر الأسود والتكلفة تزيد بمقدار ٨٠٪ مما يسبب أزمة حقيقية بالعالم، وهنا انتهى كلام (أورسولا).

ونستوضح الصورة، بأنه لو لم تكن مصر قضت على الإرهاب الذي سعى إلى أراضيها عبر جماعات وأجهزة مخابرات عالمية لبعث الخراب والدمار والنيل من البلاد، هل كانت (أورسولا) تأتى لتوقع اتفاقيات مع مصر ليعبر من أراضيها الغاز المسيل من دول جوارها إلى أوروبا لإنقاذ الشعوب والدول الأوروبية من أزمة الطاقة التى تكاد توقف الحياة هناك، وتذكر (أورسولا) أن مصر دولة موثوق فيها بأن تقوم بهذا، إن ثقة (أورسولا) إنما أتت نتيجة الاستقرار وسيادة الدولة الوطنية التى سعى إليها الرئيس السيسي، حيث قال لنا فى الجولة التفقدية يوم الإثنين الماضى بمدينة السادات (لا أعذار فى ضياع الأوطان).


وأضاف: صارت لدي فوبيا من جراء ما حدث لبلدنا فى ٢٠١١ وهو ما يجعلنى بألا أسمح بحدوثه مرة أخرى بعون الله، وأساعد الدول الشقيقة التى انهارت أوطانها ليستردوها مرة أخرى، وليعاتبوا إذا تهاونوا أو لم يتفقوا على إنقاذ بلادهم.


«أورسولا» والزراعة فى مصر


هل كانت تأتى (أورسولا) لتشيد بزيادة الرقعة الزراعية فى مصر لتفى بالحبوب الاستراتيجية وسلة الغذاء التى تعتمد عليها معظم دول العالم؟ هل كانت ستقبل أن تقف بجانب مصر لتحصل على حقوقها من مياه النيل بعد تعنت الحكومة الإثيوبية؟ هل كانت ستسعى إلى دعمنا لولا وجدت من رئيسنا حنكة أن يجد البدائل ولا يقف مكتوف الأيدي ولا يعرض شعبه لمجاعة أو عوز؟ وفى الوقت نفسه يحارب على جبهة أخذ الحق فى مياهنا ولم يترك القضية قط، لم يأخذ من قبل المجتمع الدولى أي موقف لدعمنا فى حقوقنا من حصة مياهنا رغم أننا ذهبنا له فى منصاته المعلنة بالأمم المتحدة وطالبنا بالعدل والحق ولكنه أبدا لم نلق منه أي دعم، الآن يقولها وبملء الفم بأنه سيقف بجانبنا للحصول على حقنا فى مياه النيل، بعد أن كان المجتمع الدولى لا يهتز لمطالبنا لأنه كان يريد أن يقتص من مصر التى رفضت القبول بحكم جائر لجماعة كانت أمريكا و الاتحاد الأوروبي تدعمانها بشدة لتكون على رأس الحكم فى مصر.


يومها قال لنا الرئيس السيسي: «لا تقلقوا سأجعلهم يسعون لنا»، وربما استشعرنا وقتها من الرئيس أنها رسالة طمأنة فقط لشعبه، إلا أنه وبالعودة لمقولاته نجدها ترجمة صادقة إنه لا يقول إلا ما يفعله، لقد أخذ الصدق والشرف ميثاقا له. ويوم أن أراد الرئيس (غزو الصحارى) لاستعواض الرقعة الزراعية التى باتت فى خبر كان، قال الناس: ومن أين يأتى بالمياه؟ ولكنه اعتمد على البحوث والدراسات وفجر بطن الجبل ليخرج من أحشائه حياة وريا للنبات، وأمام أزمة الغذاء لم نهب الجوع والهوان ولا مد اليد والعوز للآخر، ليس هذا وحسب ولكن على مدار خمسين عاما منذ أن صرنا جمهورية لم يأت رئيس لينفذ الدراسات والخطط التى قام بها خبراؤنا ومسئولونا وظلت طى الأدراج قابعة حتى جاء السيسي الذي آمن بأن أهمية التخطيط تكمن فى قوة التنفيذ بشجاعة ودون تهيب، هل لو كان السيسي خشى أن ينفذ خططا لاقت من الهوان والإهمال ما يعد جريمة فى حق شعب.، هل كانت (أورسولا) تأتى لتقول إن ما فعلتموه فى بلادكم يستحق التقدير ويجعلنا نقف بجانبكم وندعمكم.

بـ (١٠٠ مليون دولار) لتخطى أزمة الغذاء، وهذا على المدي القصير، ولكن على المدي المتوسط والبعيد فان الاتحاد الأوروبي رصد (٣ مليارات يورو) للزراعة وبرامج الاستصلاح والمياه فى منطقتنا لدعم الغذاء وسيكون لمصر نصيب كبير فيها، علاوة على مناقشة كيفية تطوير الحلول والتكنولوجيا فى مجال الفلاحة بمصر لكى نساعدهم فى توزيع الحبوب عالميا خاصة الدول الفقيرة التى تصاب بالهشاشة؟.

قالتها (أورسولا) دون مواربة (نريد أن نساعد مصر فى تكنولوجيا الزراعة لأنها ستساعدنا فى سد فجوة ما تحتاجه الدول الأخرى من حبوب وغذاء فى ظل تعاظم المشاكل على الساحة الدولية)، وفى هذا يحضرني ما قاله السيسي لوزير الزراعة فى مدينة السادات عندما كان يتحدث عن (تكنولوجيا المجازر والعلف الحيواني وغيرها) فى هذا المجال فقال: المركز العلمى البيطرى للأبحاث والتطوير هو الذى نملكه هو من المستوى الثالث على الرغم من أن العالم قد وصل فيها للمستوى الخامس، ولكن وزير الزراعة قال للرئيس إنهم وصلوا للمستوى الرابع فقط، فضحك الرئيس وقال له: «لا هم وصلوا للخامس فعلا ونأمل أن يعطونا الرابع»، وهكذا الأمل والطموح يراود السيسي فى كل المجالات ويسعى له بدبلوماسية غير مسبوقة فيحصل لمصر على المزيد.

وها قد انتزع الرئيس من الرأس المحركة لأكبر منظمة سياسية واقتصادية فى العالم الأوروبي على الدعم التكنولوجي لمصر فى مجال الزراعة، وهو ما أكدت عليه ( أورسولا فون) رئيسة المفوضية وفى وقت عصيب يجتاح العالم اقتصاديا فى كل المجالات.

«الوقود الأحفوري» وشرق المتوسط

قالت رئيس المفوضية الأوروبية فى الاتحادية: (نريد التخلص من الوقود الأحفوري ونعتمد على مصادر جديدة للطاقة هى بالفعل متوافرة على أرض مصر التى تتمتع بالطاقة الجديدة والمتجددة من مصادر الشمس والرياح وهى الطاقة المستقبلية)، والحقيقة الطاقة الأحفورية التى ذكرتها (أورسولا) إنما هى التى تأتى من المواد التى تكون فى باطن الأرض ويقوم الإنسان بالحفر واستخراجها ليستعين بها فى إنتاج الطاقة لتسيير أمور حياته من الكهرباء والصناعة وخلافه من حياة عصرية متقدمة، ولكن الأحداث التى تحدث الآن على المسرح الدولى جعلت نقل هذه الطاقة أمرا شبه مستحيل، علاوة على أن روسيا أكبر دولة مصدرة لهذا الوقود الأحفوري وهى من تدخل فى مناطحة عقوبات مع أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص مما تسبب فى وقف الحياة هناك، وهو نفس ما كان يمكن أن يحدث لنا فى توريد الحبوب، لأن أوكرانيا أكبر مصدر للقمح لنا وللعالم، وعندما تكون هناك أزمة أطرافها أحدهم مورد غاز والآخر مورد حبوب يضع العالم فى مأزق حقيقى إن لم يكن متسببا فى نهاية حياة بعض الدول التى لا تقدر على مواجهة الأزمات أو لا يكون لديها استشراف للقادم أو العمل على أنها تكون مكتفية ذاتية بقدر الإمكان لأنه لا يمكن لأحد أن يكون لديه كل شيء لأنه تقسيم للطبيعة والمناخ والثروات حسب ما تراآه الله سبحانه وتعالى.

وعندما قام السيسي منذ عدة سنوات بعقد اتفاقيات لترسيم الحدود البحرية وسعى فى الحصول على أسطول بحري يحمى مقدراتنا وثرواتنا من الغاز فى باطن البحر والأرض كان مستشرفا بوعى حقيقى لما يمكن أن يحدث فى العالم من (حروب للطاقة والمياه) تحدثت عنها البحوث والمنتديات العالمية من أواخر الثمانينيات، ولكن لم يعرها أحد الاهتمام الكافى حتى رمت بظلالها الوخيمة مع الألفية الثالثة، البعض فى مصر قال «لماذا ينفق الرئيس على التسليح رغم أن معظم الشعب المصري شغوف بتحديث أسلحة جيشه ويفخر بهذا ولديه وعى بأن يتحمل الكثير فى سبيل (جيش قوي عظيم)، أقمنا القواعد البحرية على طول ساحلنا الشرقى واقفين، أولادنا كالصقور حتى لا يقترب من تسول له نفسه أن يقاسمنا حقنا وكانت هناك بعض المحاولات التى رجعت بظهرها بعد أن باءت بالفشل.

من هنا جاء قول (أورسولا) رئيسة المفوضية الأوربية ناظرة للرئيس السيسي بامتنان وعرفان لتقول (مصر بلد موثوق بها) لتكون معبرا لغاز يصل لنا فى أوروبا، من خلال بنية تحتية قوية لديها وسنساعدها فى المزيد لأنها ستكون مصدرًا لنا فى المرحلة القادمة ليس لنقل الغاز من الدول المجاورة لها فقط ولكن كونها (محظوظة) بمناخها الذي سيوفر لها طاقة جديدة ومتجددة، علاوة على الغاز الذى تملكه فى شرق المتوسط، وهذا يجعلنا - أي الاتحاد الأوروبي - أن نكتشف معها سويا التكنولوجيا التى تتلاءم مع الطاقة المتجددة، وهذا سنبحثه فى (قمة المناخ) القادمة بشرم الشيخ بعنوان (cop27) كون مصر هى الرائدة للطاقة المتجددة وستلعب دورا جوهريا فى مجال الطاقة النظيفة وتصديرها للعالم.

من هنا يأتى شكر واجب للرئيس لما فعله من أجل وطنه وشعبه وجعل مصر بلدا موثوقا فيه، يجتاز الشراكة بكل جدارة ومن مركز قوة مع كل دول العالم التى لم تكن تعترف بقوتنا فى ٣٠ يونيو ولا باختيار السيسي رئيسا وزعيما لنا، لنثبت لهم أن الشعب دوما على حق، وقد قال لى الرئيس ردا على سؤالى فى مدينة السادات (كيف ترى سيدي الرئيس ثورة ٣٠ يونيو بعد ٩ سنوات) فقال : ثورة لم يحدث مثلها فى التاريخ والشعب المصري لم يتحرك لتغيير واقع له فقط ولكن فى المنطقة والعالم بأكمله.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2