ماذا تفيد الجوائز بعد الاعتزال ؟!

ماذا تفيد الجوائز بعد الاعتزال ؟!محمد رفعت

الرأى21-6-2022 | 08:27

مشكلة الجوائز فى مصر أنها تأتى دائمًا متأخرة، وبعد أن يكون المبدعون قد فقدوا الشغف والرغبة فى مقاومة تيار الإسفاف الذى عاشوا حياتهم كلها يقاومونه من خلال إبداعاتهم وفنهم الراقي.

وهذا بالضبط ما حدث مع المخرج الكبير داود عبد السيد الذى منحوه جائزة النيل للتفوق بعد فترة قصيرة من إعلانه لاعتزال الإخراج السينمائي، ولو كانوا منحوه الجائزة قبلها بسنوات، لربما كانوا قد ساعدوه قليلاً على الاستمرار والصمود فى وجه القبح والأعمال الرديئة، وإن كانت الجائزة المعنوية وحدها لا تكفي، وكان الأفضل تخصيص جزء من ميزانية وزارة الثقافة له ولأمثاله من المبدعين الجادين، لتشجيعهم على إنتاج أعمال فنية جديدة، فى ظل إحجام منتجى الأعمال الرديئة عن التعامل مع هؤلاء العباقرة!

ويبدو أن المشكلة لم تعد فقط فى أصحاب شركات الإنتاج الذين يجرون وراء المكسب السريع السهل، ويقدمون أعمالاً تخاطب الغرائز وتفسد عقول الشباب بقصص ونماذج وهمية وغير منطقية، لكن المشكلة الأكبر الآن فى الجمهور الذى تعود على الفن الرديء وتغير ذوقه وذائقته ولم يعد قادرًا على فهم الأدب الهادف أو مهتمًا بالإبداع والفن الراقي، وهو ما دفع داود
عبد السيد لإعلان الاعتزال!

وقال المخرج الكبير هذا الكلام بصراحة تامة فى حواره لأحد البرامج: "مقدرش أتعامل مع الجمهور الموجود حاليًا ونوعية الأفلام التى يفضلها، لأنه يبحث عن التسلية، ومشكلة أفلام التسلية أنها ممولة بشكل كبير، وأفضل أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما، ومن وجهة نظرى أن جمهور هذه الأيام لا اهتمام له بمناقشة القضايا، لكنه يبحث عن التسلية".

وأضاف "عبد السيد": "فى أحد الأفلام يقوم البطل بتحطيم سيارتين على غرار ما يحدث فى بعض الأفلام الأمريكية، فهل هذا الأمر هام؟!.. أرى أن هذا النوع من المشاهد غرضه التسلية، لا للبحث عن شيء حقيقى فى النفس البشرية، ولا فائدة أيضًا من مشهد يحمل البطل فيه سلاح آلى ويضرب رصاصًا، لم أر هذه المشاهد فى الحقيقة، خاصة السيارات التى يتم تحطيمها إلا فى حالات محدودة، هذه المشاهد منقولة عن الأفلام الأمريكية التى تقدم فنًا تجاريًا لكن بشكل احترافى وحبكة أقوى".

ولأن داود عبد السيد مخرج صاحب رسالة فنية وإنسانية يريد توصيلها للناس من خلال أفلامه، فقد كتب السيناريو والحوار بنفسه لكل أفلامه، فيما عدا فيلم "أرض الأحلام" لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والنجم الكبير يحيى الفخراني، كما شارك فى إنتاج بعض تلك الأفلام.

وحقق "عبد السيد" فى فيلمه الأيقونة "الكيت كات" المأخوذ عن قصة الكاتب إبراهيم أصلان "مالك الحزين"، وبطولة النجم الكبير محمود عبد العزيز، المعادلة الصعبة، وجمع بين النجاح الجماهيرى الساحق وبين المستوى الفنى الرفيع وحصد أكثر من جائزة من مهرجانات دولية، ليؤكد كذب مقولة "الجمهور عايز كده"!

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2