بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف والمفتي السابق، صفات عباد الرحمن التي ذكرها القرآن الكريم.
وأشار جمعة قوله تعالى : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا }، موضحاً المراد أنهم لا يمشون على الأرض طغيانًا وتجبرًا، ولكن مشيهم بالسكينة والوقار، والتواضع والخشية.
ولفت إلى أنهم يمشون على الأرض وهم يدركون أنها تسبح لله، يمشون على الأرض وفي قلوبهم حب ل مخلوقات الله تعالى { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا } تترقرق الرحمة في قلوبهم، يتعاملون مع الكون وكأنه حي مدرك، ويتعاملون معه برفق.
وتابع علي جمعة : {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } أي عبد من عباد الرحمن ؛ يمشي على الأرض هونًا، ويعتذر لخلق الله، ويقـدر حالهـم من الجهل والجهالة؛ يسلمون من الناس، ويسلم الناس منهم بصبرهم وحلمهم؛ فلا يعتدون عليهم بمثل ما يعتدى عليهم بل إنهم يصبرون لله وبالله، وفي أواخر السورة يبين الله لنا أجر الصابرين وجزاء من تحمل ألم الصبر- {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا}-، يصبرون لله رب العالمين وهم قادرون على الرد، وقادرون على رد العدوان بالعدوان، بل إنه قد أبيح لهم ذلك، ولكن الله رقى حالهم، وجعل الصبر أحـلى وأعلى {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } خاطبوهم بالجهل بشأنهم وما هم عليه، أو بالجهالة عليهم والتطاول في الخطاب، إلا أنهم لا يواجهونهم إلا بالسلام.
وشدد على أن القول السلام يشمل الفعل السلام، فهم- رحمة بهم- يحلمون عليهم، وكأنهم يسدون عليهم موارد الفساد، وكأنهم يسدون عليهم موارد النزاع والخصام؛ فإن النزاع والخصام لا يكون معه استقرار، وإذا لم يكن هناك استقرار لا يكون هناك أمن، وإذا كان هناك اضطراب وانعدام أمن فإن الإيمان في خطر، يفهم المؤمن ذلك عن ربه في طوال القرآن وعرضه، ويقول لمن سابه أو لاعنه أو تفاحش عليه من خلق الله مسلمهم وكافرهم- وقد رأى الجهالة في تصرفه ورأى الخروج عن دائرة المعقول في فعله وسلوكه - { سَلَامًا } يدعوه ويذَكِّره بالسلام، وهو اسم من أسماء الله تعالى.