أكد د. أحمد كمالي، نائب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن مصر بذلت جهودًا سريعة ومرونة قوية خلال السنوات القليلة الماضية، في الاستجابة للصدمات والأزمات العالمية للتخفيف والتكيف والتعافي من الآثار القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل للوباء وأحداث أزمة أوكرانيا، متابعًا أن المؤسسات المصرية لعبت دورًا رئيسيًا في ضمان الأداء الفعال والكفء وتقديم الخدمات العامة، موضحًا أنه تم النظر إلى أزمة كوفيد -19 على أنها فرصة لتكيف نهج الحوكمة العامة من أجل دمج المستقبل بشكل أفضل في صنع السياسات والتصدي لتحديات الوباء.
وقال كمالي، خلال بجلسة "تحديات بناء الدولة في أفريقيا: المؤسسات المرنة للسلام والتنمية المستدامة"، والمنعقده خلال فعاليات النسخة الثالثة من منتدى أسوان للسلام و التنمية المستدامة بعنوان "أفريقيا في عصر المخاطر المتتالية وهشاشة المناخ: مسارات لقارة سلمية ومرنة ومستدامة"، إنه مع تزايد حالة عدم اليقين، قامت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالتركيز على الاستثمار في رأس المال البشري وذلك لمد مؤسسات القطاع العام بالمهارات والمعرفة اللازمة للتكيف مع الظروف المتغيرة من خلال برامج تدريبية وطنية ودولية، والعمل على تعزيز التعاون والحوار بين أصحاب المصلحة المتعددين.
وأضاف أن الوزارة اطلقت من خلال المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة، برنامج القيادات النسائية المصرية والذي شهد تدريب أكثر من 3873 موظفة حكومية مصرية من 12 محافظة مصرية لضمان الأداء المؤسسي والتعامل مع تحديات العمل الحكومي، فضلًا عن برنامج "هي من أجل مستقبل رقمي" والذي تضمن تدريب 2000 امرأة حتى الآن، بالإضافة إلى مبادرة سفراء التنمية المستدامة، وبرنامج سفراء التغير المناخي، ومبادرة العقول الخضراء.
وتطرق كمالي إلى البرامج التي أطلقها المعهد على المستوى الأفريقي والدولي، والتي تضمنت برنامج القيادة النسائية الأفريقية، وفي إطار الشراكات الدولية المختلفة، أوضح د. أحمد كمالي أن المعهد يقدم دورات تدريبية دولية في مجالات الحوكمة والاستدامة، لافتًا إلى برنامج القيادة للتميز الحكومي مع كينجز كوليدج لندن والجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكذا برنامج الحوكمة المبتكرة للعصر الرقمي مع مدرسة ثندربيرد، البرنامج التنفيذي للقيادة العالمية مع جامعة جورج واشنطن، وبرنامج الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد والرقمنة مع مدرسة هيرتي للحكم.
وأشار د.أحمد كمالي إلى المؤسسات التابعة لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والتي ضمت الصندوق السيادي، المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة، المعهد القومي للتخطيط، بنك الاستثمار القومي، مركز القاهرة الديموغرافي، مضيفًا أن وزارة التخطيط نجحت في ميكنة المراحل المتتالية من إعداد خطة الاستثمار القومية ، من خلال تطوير واعتماد "النظام المتكامل لإعداد خطة الاستثمار ومراقبتها".
وتابع كمالي أن الوزارة قامت كذلك بتطوير وتعزيز رؤية مصر 2030 ، التي تم إطلاقها في عام 2016 ، والتي تمت إعادة النظر فيها وتحديثها لضمان مواءمة أفضل للأهداف الوطنية مع أهداف التنمية المستدامة وتمكين الدولة من التكيف مع الأزمات كجائحة كوفيد -19.
وأضاف كمالي أن الوزارة اتخذت خطوات كبيرة في صياغة "البرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي"، والذي يهدف إلى رفع القدرة الإنتاجية والقدرة التنافسية للاقتصاد، بالإضافة إلى تحقيق نمو شامل متوازن ومستدام، من خلال التركيز على 3 قطاعات رئيسية ذات أولوية؛ تتضمن قطاع الصناعة والقطاع الزراعي وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مضيفًا أن البرنامج يدعم كذلك القطاعات الخدمية التي تكمل وتدعم القطاعات الإنتاجية القادرة على خلق فرص عمل وتوفير النقد الأجنبي، وأهمها قطاعات الخدمات اللوجستية ، والبناء ، والسياحة.
وأضاف كمالي أنه في إطار برنامج الإصلاح الهيكلي فإن الحكومة المصرية التزمت بمواصلة الاستثمار في تطوير البنية التحتية، نظرًا للدور الحاسم الذي تلعبه في تعزيز بيئة الأعمال وتعزيز مشاركة القطاع الخاص ، والتي تهدف إلى تبني عدد من السياسات ، بما في ذلك اعتماد العديد من الإصلاحات المؤسسية والقانونية التي تهدف إلى إزالة الحواجز الهيكلية والتنظيمية ، وبالتالي تسهيل عملية ممارسة الأعمال التجارية والمساهمة في بيئة أعمال أكثر ملاءمة، مشيرًا كذلك إلى تبسيط وميكنة إجراءات الإفراج الجمركي للبضائع في الموانئ المصرية من خلال أنظمة معلومات الشحن المتقدمة ومراجعة قانون حقوق الملكية الفكرية بما يتوافق مع القوانين والمعايير الدولية.
وحول الإجراءات التي اتخذتها مصر لمواجهة الأزمة الروسية الأوكرانية أوضح كمالي أن جهود الدولة لمواجهة الأزمة تضمنت تنفيذ حزمة من إجراءات الحماية المالية والاجتماعية للتخفيف من تداعيات الانعكاسات الاقتصادية العالمية على المواطن المصري ، والاستمرار في تحقيق الأمن الغذائي ، مع تشكيل لجنة حكومية لمناقشة أثر ذلك، لتنعقد اجتماعات اللجنة أسبوعيًا ، مما يسمح بتقييم التحديات بشكل مباشر، واتخاذ الإجراءات اللازمة في ضوء تلك التحديات.
وحول تدابير الأمن الغذائي أشار كمالي إلى القيام بمنح حافز عرض إضافي لسعر القمح المحلي للموسم الزراعي الحالي لتشجيع المزارعين على توفير أكبر كمية ممكنة، مع العمل على تنويع مصادر توفير السلع الغذائية الأساسية والعمل على زيادة مخزونها لفترة مقبلة لا تقل عن 6 أشهر، إلى جانب التنسيق مع الجهات المعنية كافة، لتوفير السلع الغذائية بأسعار منخفضة وتوزيع كرتونات رمضان للمواد الغذائية وتعزيز جهود ضبط الأسواق وتشديد الرقابة على منافذ البيع، فضلًا عن تسعير الخبز غير المدعوم لخفض سعره وتعيين إدارة مباحث التوريد للتأكد من تطبيق التسعير الجديد.
وأضاف د.أحمد كمالي أن الإجراءات المتخذه تضمنت كذلك توفير مخزون آمن من القمح، تخصيص 130 مليار جنيه لمواجهة تداعيات التحديات الاقتصادية العالمية والتخفيف من آثارها على المواطنين ، و 2.7 مليار جنيه لتشمل 450 ألف أسرة جديدة للمستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، إلى جانب تخصيص 190.5 مليار جنيه للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية لصرف زيادة المعاش بنسبة 13٪ بحد أدنى 120 جنيه ابتداءًا من أول أبريل 2022 إضافة الى 6 زيادة حد الإعفاء الضريبى من 24 إلى 30 ألف جنيه بواقع 25٪ لتخفيف الضغط عن المواطنين، مع تنفيذ زيادة الرواتب في الأول من أبريل 2022 بدلاً من الأول من يوليو 2022، حيث يتم تدبير 36 مليار جنيه لصرف المكافأة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، والمكافأة الخاصة لمن لم يتم مخاطبته، والحافز الإضافي ، بالإضافة إلى الموافقة على زيادة أجر العمل بنسبة 8٪ بحد أدنى 100 جنيه شهريًا ، ومكافأة موظفي الخدمة المدنية بعد زيادتها من 7٪ ، بالإضافة إلى 15٪ من الأجر الأساسي ، مكافأة خاصة لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بحد أدنى 100 جنيه شهريًا.
وفيما يخص التعاون الإقليمي أشار كمالي إلى برنامج جسور التجارة العربية الأفريقية والذي يمثل نموذجًا لمؤسسة أفريقية نشأت في خضم التصحيحات الاقتصادية، وأثبتت قدرتها على الصمود في سياق التعاون الإقليمي.
وتطرق د.أحمد كمالي إلى الصناديق السيادية الأفريقية موضحه أنه على مدار العقد الماضي ، أنشأت 15 دولة أفريقية صناديق سيادية ، حيث تدير حاليًا ما يصل إلى 24 مليار دولار من الأصول، مضيفًا أن الصناديق السيادية الأفريقية تعمل بمثابة "سلالة جديدة من المستثمرين المملوكين للدولة" الذين يلعبون دورًا رئيسيًا في جذب رأس المال لاقتصاداتهم المحلية ، بدلاً من الأسواق المالية العالمية ، وبالتالي يلعبون دورًا أكبر في خلق مرونة الاقتصادات الأفريقية.
واختتم كمالي بالحديث عن التجربة المصرية ، فإن الصندوق السيادي المصري يعطي الأولوية لأدوات التمويل المبتكرة ، ويخلق فرصًا استثمارية فريدة من خلال استثمار ثروة من الموارد من أجل إطلاق العنان لقيمة الأصول غير المستغلة في مصر.