بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والمفتي السابق، بعضاً من صور حسن الجوار، ومنها التعامل التجاري مع الآخر.
وقال جمعة :" حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على ازدهار الحالة الاقتصادية في دولة المدينة، فلم يمنع التعامل مع غير المسلمين في البيع والشراء وغيرهما من المعاملات التجارية، ومن تلك المعاملات التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه مع غير المسلمين أنه رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي، مقابل أنه أخذ لأهله منه شعيرا، ومات ودرعه مرهونة عنده".
وأضاف جمعة: لم يمنع الرسول المسلمين من الذهاب إلي أسواق أهل الكتاب والمتاجرة معهم، فبدأ التبادل التجاري بينهم، حيث امتلأت أسواق اليهود في المدينة بالمسلمين، ولا يخفى على عاقل أن المعاملات التجارية اليومية لا تتم إلا في ظل التعايش السلمي الذي حض عليه الإسلام، وآية ذلك أن المرأة المسلمة كانت تذهب بنفسها لتشتري من اليهود في سوقهم دون حرج، مما يدل على حالة الأمن والأمان السائدة في ربوع المدينة.
ولفت جمعة أنه مما يؤكد ذلك المنحى: أن المسلمين كانوا يشترون الماء من بئر رجل يهودي من بني غفار يقال له رومة حتى اشتراها سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ووهبها للمسلمين، وذلك طاعة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري بئر رومة فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين (البخاري).
وشدد علي جمعة على أن الإسلام وهو يشيع هذه الأخلاق الفاضلة ليحافظ على الوحدة بين طوائف المجتمع بمختلف مذاهبهم ومشاربهم، وقد تبرأ الرسول صلى الله عليه وسلم ممن خرج يريد زرع بذور الفتنة والفرقة بين أفراد المجتمع، فقال: ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا ينحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه (مسلم).
واختتم قائلاً:" الدولة الإسلامية قامت على أساس قوي من حرية العقيدة والمساواة بين المواطنين، دون النظر إلي اختلاف الديانات والعرقيات، كما أكدت على ترسيخ مفاهيم التسامح والوحدة، والدعوة إلى نشر المقاصد والقيم المشتركة بين بني الإنسان، ومن ذلك حب الجار والبر به".